قطعة لينكولن.. نهاية 220 سنة في خدمة أميركا

شهد الاقتصاد الأميركي نقطة تحوّل بارزة في عام ،1787 عندما عمد مؤسس أميركا الحديثة بنيامين فرانكلين لتصميم أول قطعة نقدية مسكوكة في تاريخ الولايات المتحدة من فئة (البنس) التي اشتق اسمها من اسم البنس الإنجليزي· ومنذ ذلك الوقت وحتى الآن، تمت طباعة أكثر من 300 مليار قطعة منه وفق 11 تصميماً مختلفاً· ولأن لكل شيء في هذا العالم نهاية، فلقد بدا أن أشهر مسكوكة نقدية حمراء في التاريخ أشرفت على الانقراض لأسباب غريبة· وللارتفاع الكبير الذي شهدته أسواق المعادن، وخاصة معدني النحاس والزنك، اللذان يستخدمان في صناعة المسكوكات الحمراء، فقد أصبحت صناعة البنس الواحد تكلف 2 (بنس)، مما دفع بعض السياسيين إلى طرح القضية في الكونجرس لهدف تغيير المواد التي تصنع منها البنسات· وتناقلت وكالات الأنباء قبل أيام أخباراً تفيد بأن من المرجّح أن يتّخذ الكونجرس قرارا بسحب (البنس) من الأسواق بشكل نهائي إن لم يتم الاتفاق على إعادة تصميمه وطباعته باستخدام مواد معدنية رخيصة· ويرى العديد من المحللين أن هذا الحدث المفاجىء يمكن أن يحدث ضجة كبرى في الأوساط الاقتصادية والاجتماعية الأميركية بالنظر للدور المهم الذي يلعبه (البنس) لا من حيث قيمته السوقية النقدية، بل لكونه يمثل رمزاً اقتصادياً تاريخياً· ويذكر أن الدولار يساوي 100 بنس، وكانت أول نسخة من البنس طبعت عام 1787 من قبل دار خاصة لسك العملات والقلادات، وكان يعرف في ذلك الوقت باسم (فيوجيو) ويصنع من معدن النحاس الأحمر بنسبة 100 بالمئة، واستمر إصداره بهذه الطريقة بالرغم من أنه أصبح فيما بعد يحمل صورة الرئيس السادس عشر للولايات المتحدة أبراهام لينكولن الذي حكم البيت الأبيض لولاية واحدة امتدت مـــن 4 مارس 1861 حتى 15 أبريل ،1865 وتحيط بصورة لينكولن عبارة: TSURT EW DOG NI أو (نحن نثق بالله) وكتبت تحتها كلمة Liberty أو (الحرية)· وكان (البنس) هو العملة السائدة التي استخدمت في دفع رواتب الجنود الأميركيين إبان الحرب الأهلية· وعقب انتهاء الحرب في عام 1864 عمد السكّاكون إلى تغيير التركيب المعدني للبنس المسكوك حديثاً، فأصبح يتألف من 95 بالمئة من معدن النحاس الأحمر و5 بالمئة من الزنك (التوتياء)· وفي بدايات القرن العشرين، طبعت كميات كبيرة من عملة (البنس)، مما جعل (قطعة لينكولن) مثلما دأب الناس على تسميتها، تمثل الرمز السياسي والاقتصادي الأكثر شعبية وتداولاً في الولايات المتحدة· وأثناء الحرب العالمية الثانية، وفي عام 1943 صدرت طبعة جديدة من البنس تتألف من الفولاذ المقسّى بالكربون والمطلي بطريقة التحليل الكهربائي بطبقة رقيقة جداً من الزنك المانع من الصدأ· إلا أن سكّ البنس المصنوع من سبيكة النحاس والزنك لم يتوقف أبداً· والآن، يبحث خبراء أميركيون عن طريقة أخرى لصك قطع البنس بعد أن أعلنت الشركة الوحيدة المكلفة بتوريد الزنك لورشات السكّ وتدعى (جاردن زنك برودكتس) أنها تعاني من الخسائر بسبب الارتفاع الكبير الذي تشهده أسعار الزنك دون أن تتغير قيمة عوائدها من تأمينه لتلك الورشات· وما لم تعمد الحكومة الفيدرالية إلى تغطية خسائر صناعة هذه المسكوكة التاريخية لصالح شركات توريد المعادن، فلا شك أن (البنس) سوف يأتي إلى نهايته المحتومة بعد أن خدم الاقتصاد الأميركي مدة 220 عاماً·