لا حوادث بعد اليوم

من بين أغرب البيانات الصحفية التي صدرت عن الفاتيكان، ذلك الذي تم توزيعه على وكالات الأنباء قبل يومين تحت عنوان (تعليمات من أجل السلامة التامة على الطرق) تضمن 10 محرمات موجهة للسائقين من التي ينبغي التخلي عنها، و10 وصايا ينبغي اتباعها أثناء القيادة· ومن بين المجموعة الأولى، القيادة بدون وعي (بسبب السكر أو تناول العقاقير المخدرة)، والسرعة الزائدة، واستخدام السيارة بطريقة متهوّرة لإبراز القدرات الشخصية أمام المارة، والتصرف بطيش ورعونة أثناء القيادة· وجاء في مقدمة الوصايا العشر المحبذة، الخشوع والإيمان بالله والتزام مبادئ القيادة الهادئة الواعية والرصينة· وتبدو تجربة الفاتيكان في مجال درء حوادث المرور رائعة، حيث سبق لهذه الدولة الصغيرة أن حددت السرعة القصوى داخلها بـ32 كيلومتراً في الساعة· وأدى ذلك إلى تسجيل رقم قياسي للسلامة المرورية هناك حيث لم يسجل أي حادث مرور على الإطلاق خلال الثمانية عشر شهراً الماضية، وبما يعني أن المستشفيات لم تستقبل أي ضحية مرور ولا أي مصاب بحادث خلال هذه الفترة، كما أن شركات التأمين على السيارات وركابها لم تتكبد خلال سنة ونصف دولاراً واحداً لصالح المتضررين· وبالرغم من أن هذه الصورة للأمان المروري المطلق التي تنعكس عن شوارع الفاتيكان ليست أكثر من نموذج مثالي لا يمكن تطبيقه في أماكن أخرى، إلا أنها تثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن نسبة حوادث المرور تتناسب طردياً مع درجة الاستهتار والرعونة وعدم احترام الأبجديات الأخلاقية للقيادة لدى بعض السائقين العابثين· وحتى لو بدت هذه الوصايا وكأنها مقتبسة من تعاليم (المدينة الفاضلة) التي بشر بها أفلاطون قبل أكثر من ألفي سنة، ولا يمكن الالتزام بها على أرض الواقع، إلا أنها على أقل تقدير تحثّ السائقين على تحكيم العقل والمنطق قبل القفز وراء مقود السيارة· المحرر العنوان البريدي: adnanod@maktoob.com