الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المهام الأممية لحفظ السلام.. دروس من الماضي

المهام الأممية لحفظ السلام.. دروس من الماضي
14 أغسطس 2007 02:14
في الحادي والثلاثين من شهر يوليو المنصرم، صوت مجلس الأمن الدولي على تفويض بإنشاء قوة لحفظ السلام في دارفور يبلغ قوامها 20 ألف عسكري و6 آلاف شرطي· والسؤال الآن: بعد مصرع عشرات الآلاف وإخراج الملايين من سكان الإقليم من ديارهم، هل يمكن لهذا التدخل أن ينجح؟ يمكن بشرط الاستفادة من دروس إخفاقات مهام حفظ السلام للأمم المتحدة في تسعينات القرن الماضي· والعثرات التي واجهتها تلك المهام يمكن فهمها (وتجنبها) باستخدام مبادئ الحرب، التي أدرجها القائد الصيني ''صن تزو'' في كتابه ''فن الحرب'' منذ 2000 عام خلت· في هذا الكتاب أدرج ''تزو'' خمسة مبادئ لكسب الحرب هي: المبدأ الأول: ''يكسب الحرب الطرف الذي يعرف متى يحارب ومتى لا يحارب''· ويكتسب هذا المبدأ أهمية خاصة في مهام حفظ السلام، التي تكون فيها قوات الأمم المتحدة عادة أضعف من المحاربين الرئيسيين في النزاع· فمهمة الأمم المتحدة في الصومال- على سبيل المثال- فشلت في اللحظة التي حاولت فيها قوات الأمم المتحدة والقوات الأميركية هزيمة أمير الحرب ''محمد فارح عيديد'' عسكرياً· وهو ما كان يعني أن تلك القوات قد أصبحت طرفاً مباشراً في الصراع· وكان السبب في ذلك في نهاية المطاف هو سوء إدراك قادة المهمة لقدرات القوات المتاحة لهم ولمليشيا ''عيديد''· المبدأ الثاني: ''يكسب الحرب الطرف الذي يعرف كيف يتعامل مع قوات العدو سواء كانت أقوى أو أضعف منه''· ومهام حفظ السلام في جوهرها، تعتمد على التوازن الدقيق بين التكتيكات العنيفة وغير العنيفة، ونجاح المهمة بأسرها يعتمد على قدرة القائد والجنود على التعامل مع المواجهات باختلاف أنواعها· ففي حالات مثل دارفور والبوسنة ورواندا حيث يكون وقوع جرائم ضد الإنسانية على نطاق واسع أمراً محتملاً، أو حقيقياً، فإن قوات حفظ السلام يجب أن تسعى إلى إبقاء المقاتلين الرئيسيين هادئين بقدر الإمكان، مع استخدام القوة لقمع العناصر الأصغر حجماً من أجل حماية السكان المدنيين عندما تستدعي الحاجة ذلك· وقد تم استخدام هذا الأسلوب بقدر من النجاح بواسطة القوات التي كانت تضطلع بمهمة حفظ السلام في جمهورية الكونغو (مونوك) وإن على نطاق محدود· ففي عام ،2005 وبعد أن تم تعزيز تلك القوات عن طريق إرسال 5000 جندي جديد بدأت قوات الأمم المتحدة في مقاتلة المليشيات الإثنية التي كانت تعمل على هز استقرار منطقة ''آتوري''، في نفس الوقت الذي استمرت فيه في سياستها الخاصة بتجنب استعداء الجماعات العسكرية الأكبر حجماً· وفي رواندا وخلال مذبحة 1993-94 أظهر الليفتنانت جنرال (فريق أول) ''روميو داليير''، الكندي الجنسية- وكما لم يفعل أي قائد من قوات الأمم المتحدة قبله أو بعده- فهماً تاماً لمبادئ ''صن تزو'' وكيفية تطبيقها في بيئة عسكرية لا يمكن تحقيق النصر العسكري فيها، أو لا يكون ذلك النصر هدفاً في حد ذاته· مع ذلك ثبت من خلال التجارب أن المبادئ الثلاثة المتبقية من مبادئ ''صن تزو'' والخاصة بكيفية تحقيق النصر تكاد تكون مستحيلة التطبيق داخل بنية القيادة والسيطرة الخاصة بالأمم المتحدة· وهذه المبادئ هي: المبدأ الثالث: ''يكسب الحرب الطرف الذي يمتلك جيشاً تحركه روح واحدة تسري في كافة صفوفه وبين جميع رتبه''· المبدأ الرابع: ''يكسب الحرب الطرف المستعد، والذي يتحين الفرصة للانقضاض على العدو وهو في حالة عدم استعداد''· المبدأ الخامس: ''يكسب الحرب الطرف الذي تكون لديه مقدرة عسكرية، والذي لا يتدخل الحاكم في شؤونه''· في رواندا أظهرت بعض كتائب الأمم المتحدة شجاعة واقتداراً في أدائها، في حين كان أداء أخرى أقل، وانتهى الأمر بهذه الأخيرة إلى الانحراف عن خط المهمة المكلفة بها· وفي نهاية المطاف أدى افتقار ''داليير'' إلى القدرة على السيطرة على العناصر المهمة إلى الحيلولة بينه وبين اتخاذ أي إجراء ذي معنى· وبعد أن أخفق الرجل في الحيلولة دون المذبحة التي وقعت من جانب ''الهوتو'' ضد ''التوتسي''، وبعد أن رفُض طلبه الخاص بالحصول على تعزيزات عسكرية بعد أن بدأت المذبحة بالفعل، اضطر مجلس الأمن الدولي لسحب الغالبية العظمى من القوات التي كانت لا تزال متبقية هناك· والتجارب التي خاضتها قوات الأمم المتحدة التي شاركت في المهام المشار إليها أعلاه، يمكن أن تتيح لنا الفرصة لإلقاء نظرة معمقة على الكيفية التي يمكن بها تعظيم فرص النجاح في دارفور· فمن الأمور الحتمية أن تعمل المهمة المشتركة بين الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي على تجنب الدخول في صراع مباشر مع قوات الحكومة السودانية، والمجموعات المتمردة الرئيسية· غير أن تلك القوات قد تضطر مع ذلك للضرب بقوة على أيدي مليشيات ''الجنجويد'' المدعومة من قبل الحكومة من أجل حماية السكان المدنيين· تشكيل تلك القوة يعتبر أمراً مهماً كذلك، وهو ما يستدعي الاستعانة بأعداد كبيرة من قوات الدول التي أثبتت كفاءة في المهام السابقة· يتطلب الأمر كذلك ضم مفارز صغيرة، ومراقبين عسكريين من الدول الغربية، ذات الخبرة في عمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، ومنها كندا على سبيل المثال· يجب ألا تعتمد تلك القوة على إدارة الأحداث على الأرض من مقر المنظمة في نيويورك، وإنما يجب منح قائدها الصلاحية، وأن تكون لديه القدرة، التي تمكنه من التصرف عند تعرض المدنيين للخطر· نأتي في النهاية لنقطة مهمة وهي أن توافر قوات إضافية عند اللزوم هو الذي يمكن أن يصنع الفرق بين النجاح والفشل· لذلك يجب أن تكون ''قوة رد الفعل السريع'' التابعة للأمم المتحدة والتي لم تستخدم إلا نادراً، جاهزة للنشر في أي وقت دعماً لمهمة ''يوناميد''· أستاذ علم فيزياء الأرض بجامعة كاليفورنيا ينشر بترتيب خاص مع خدمة كريستيان ساينس مونيتور
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©