السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

مخاوف الدين تشتعل في قطاع النفط والغاز

مخاوف الدين تشتعل في قطاع النفط والغاز
1 ابريل 2016 22:03
ترجمة: حسونة الطيب يهدد الكم الكبير من الديون التي تراكمت على قطاع النفط والغاز بفعل وتيرة الاقتراض التي تصاعدت لنحو 3 تريليونات دولار، بالمزيد من عدم الاستقرار. وعلى أطراف مدينة سان أنتونيو بولاية تكساس، تجمع عدد غفير من الناس في المزاد الذي طرحته شركات تعمل في القطاع لبيع بعض الآليات والقطع. وحُظي أحد المشاركين بشراء شاحنة لنقل الحفارات بنحو 65 ألف دولار فقط، بينما تبلغ تكلفتها الحقيقية جديدة 400 ألف دولار. ومنذ بدء انخفاض أسعار النفط في منتصف 2014، بدأت تتراجع جذوة النشاط في منطقة إيجل فورد، التي تشكل قلب ثورة النفط الصخري في أميركا. وانخفض عدد المنصات المستخدمة لاستخراج النفط، من رقمها القياسي عند 214 إلى 37 فقط، بينما بدأت النشاطات التجارية في القطاع، من الشركات الصغيرة العاملة في خدمات النفط للاستثمارية الكبيرة، في التخلص من المعدات غير المستخدمة. وفي المقابل، نشطت مبيعات المزادات في المنطقة، في حين لم ترض الأسعار المقدمة طموحات البائعين، الذين يترتب عليهم قبول ما يفرضه الواقع. وحمى البيع التي تجتاح تكساس، ما هي إلا جزء يسير من أعراض انهيار القيمة، التي نجمت عن انخفاض أسعار النفط حول كافة أرجاء العالم. وتتدافع الشركات العاملة في مجال النفط والغاز من كالجاري في تكساس إلى كوينزلاند في أستراليا، لبيع أصولها بأسعار غالباً ما تكون متدنية، لتسديد ما عليها من دين للجهات التي تم شراء هذه المعدات منها. وبينما كان انخفاض أسعار النفط يصب في مصلحة أسواق الأسهم والاقتصاد، لمساعدتها في زيادة الأرباح والسيولة للمستهلك لإنفاقها، تختلف حالة التراجع الآن، نتيجة تحرك أسواق الأسهم وأسعار النفط مع بعضها . ويرى بعضهم، أنها انعكاس للقلق بشأن آثار عدم الاستقرار التي نتجت عن الديون المتراكمة على القطاع. وفي الفترة بين 2006 إلى 2014، ارتفعت ديون قطاع النفط بنحو ثلاثة أضعاف من واقع 1,1 تريليون إلى 3 تريليونات دولار، وفقاً للبيانات الواردة من بنك التسويات الدولية. وتتحمس الشركات الصغيرة ومتوسطة الحجم التي قادت طفرة النفط الصخري في أميركا والشركات الحكومية في الأسواق الناشئة، لأخذ المزيد من الديون. ويبدو أن توقعات الدائنين والمدينين باستمرار ارتفاع أسعار النفط، لم تكن صائبة. وفي يونيو 2014، كان سعر برميل النفط تسليم 2020، نحو 98 دولاراً. ودفعت السياسة النقدية للبنوك المركزية التي تلت الأزمة المالية، المستثمرين نحو أصول محفوفة بمخاطر أكثر، بما في ذلك أسهم ودين شركات النفط والغاز. وفي الفترة بين 2004 إلى 2013، ارتفع إنفاق رأس المال لنحو 18 من شركات النفط العالمية الكبيرة، بنحو أربعة أضعاف من 90 ملياراً إلى 356 مليار دولار. وتم تعضيد الافتراضات التي استخدمت لتبرير ذلك الاقتراض، من خلال الابتكارات التقنية المدمرة المتمثلة في تقنية التفتيت بضغط الماء وعمليات الحفر الأفقي، التي بفضلها تم استخراج النفط والغاز من مناطق لم يكن ذلك ممكناً فيها من قبل. وأضاف نجاح هذه التقنيات، 4 ملايين برميل يومياً لإنتاج الخام الأميركي بين عامي 2014 و2015. وبذلك اختفت التطلعات لارتفاع مستمر في الأسعار، حيث تراجعت أسعار تسليم 2020 إلى 52 دولاراً فقط للبرميل. وعادت الأسعار لمستويات 2004، إلا أن معظم الدين الذي تم اقتراضه وقت الطفرة، ما زال قائماً. وبنت ستاندرد آند بورس، تقييماتها لشركات النفط هذه السنة، على متوسط سعر لا يتجاوز 40 دولاراً للبرميل. ومن هذا المنطلق، تم تصنيف 40% من الشركات العاملة في إنتاج النفط وخدمات الحقول، بالدرجة «B» أو أقل. وفي غضون ذلك، أعلنت بعض الشركات الصغيرة العاملة في مجال النفط والغاز والتي ساهمت في طفرة النفط الصخري في أميركا، إفلاسها، 52 منها منذ بداية السنة الماضية. وحذرت مؤخراً لين إنيرجي، واحدة من أكبر 20 شركة لإنتاج النفط والغاز في أميركا، من إمكانية عدم التزامها بتعهدات الدين. ويقدر صافي دين الشركة بنحو 3,6 مليار دولار، لكن مقدرة سدادها لا تتعدى سوى مليون دولار فقط. وبلغت العديد من الشركات الأميركية في الوقت الراهن، حدود ديونها والتي يتم تحديدها بموجب قيمة احتياطاتها التي تخضع لمراجعة البنوك أيضاً. ويعني تراجع القيمة هذا، خفض مزايا الإقراض، ما يقلل حجم السيولة لبعض الشركات ومن ثم صعوبة مواصلة نشاطاتها. وعند إعلان شركات النفط والغاز لإفلاسها، تتقلص خيارات شركات الائتمان. وأعلنت كويك سيلفر ريسورسيز، العاملة في إنتاج الغاز في تكساس، إفلاسها في السنة الماضية بإجمالي دين قدره مليارا دولار. وكشفت هذه السنة، عن نيتها بيع أصولها في أميركا بنحو 245 مليون دولار وبعض أصولها في كندا بنحو 79 مليون دولار، ما يعرض دائنيها لخسائر تصل إلى ملياري دولار. وحتى بعض الشركات الحكومية في الأسواق الناشئة، مهددة بخسائر كبيرة، بما في ذلك بتروبراس البرازيلية وبي دي في أس أيه الفنزويلية وغيرها. وعلى كلا الشركتين ديون مستحقة في 2016 -17، تصل إلى 23 مليار دولار للأولى ونحو 12,6 مليار دولار للثانية. وفي أميركا وأوروبا، سارعت البنوك لطمأنة حاملي أسهمها، بمقدرتها على التحكم التام في الخسائر رغم تصاعدها. وتشكل البنوك الفرنسية أربعة من ضمن 10 الأكثر تعرضاً في العالم، حيث أطلع كريدي أجريكول، الذي يعتبر تعرضه الائتماني لقطاع الطاقة بنحو 29,8 مليار دولار، ثاني الأعلى في أوروبا، المستثمرين بأن 84% من محفظته مصنفة بالدرجة الاستثمارية. ولحق التأثير الأكبر بحاملي السندات، خاصة مدراء المحافظ، الذين أفرطوا في دين شركات النفط والغاز، الذي يتسم بالسوء وارتفاع الأرباح. وفي فبراير الماضي، رفعت صناديق السندات مستوى السيولة لأعلى معدلاتها منذ 2001، استعداداً لانسحاب المستثمرين المتوقع. وخسر المستثمرون في شركات النفط والغاز منذ بدء انخفاض أسعار النفط، ما يزيد على 150 مليار دولار من قيمة سنداتهم، وأكثر من تريليوني دولار من قيمة الأسهم. وطال التأثير الناجم عن تدني أسعار النفط أسواقا أخرى، في وقت تضاءل فيه الإقبال على المخاطر. كما تسببت الديون في رفع مخاطر عدم الاستقرار، من خلال المبالغة في تقدير تداعيات الركود السائد. وعند تراجع الأسعار بنسبة كبيرة، ينبغي على الشركات خفض مستويات الإنتاج بدلاً من اللجوء لبيع احتياطاتها بأسعار متدنية للغاية، بهدف استقرار الأسواق. لكن عندما يترتب على المنتجين سداد ما عليهم من ديون، لن يتوافر لديهم هذا الخيار، نظراً لحاجتهم للسيولة، لتغطية أسعار الفائدة وتسديد المطالبات. لذا، يقوم بعض المنتجين في الحقيقة برفع سقف الإنتاج عند تراجع الأسعار. وهذه الحالة العكسية آخذة في الانتشار حول العالم. ويتوقع العديد من المحللين، تراجع إنتاج أميركا من النفط الصخري بسرعة كبيرة في حالة تدني الأسعار دون 70 دولارا للبرميل، إلا أن الشركات تعمل على خفض التكلفة في الوقت الذي تزيد في معدلات الإنتاج، ليتراجع إجمالي الإنتاج الأميركي بالتدرج. وبلغ مستوى الإنتاج الروسي في يناير الماضي، مستويات ما بعد الاتحاد السوفييتي القياسية. نتج عن تقلص التدفقات النقدية في القطاع، تراجع ضخم في الاستثمارات، حيث تم تأجيل أو إلغاء مشاريع بقيمة قدرها 380 مليار دولار. ومن المؤكد سواء عاجلاً أو آجلاً، انخفاض مستويات الإنتاج، لتعود السوق لتوازنها السابق. لكن تشير التوقعات، إلى إمكانية استمرار تقلبات أسعار النفط لفترة طويلة، حتى لو توقف الفائض في الإنتاج. نقلاً عن: فاينانشيال تايمز تشبع السوق بدأت حدة الأزمة تخف تدريجياً خلال الشهرين الماضيين، حيث ارتفع خام برنت من دون 28 دولاراً للبرميل في يناير، لنحو 41 دولاراً منتصف مارس. لكن مع ذلك، ظلت سوق النفط العالمية مشبعة، ليظن الكثيرون بقاء الأسعار دون المستويات القياسية، التي كانت عليها في السابق لسنوات ربما يطول أمدها. وحتى في حالة بقاء أسعار النفط في مستوياتها الحالية، من المؤكد مواجهة العديد من المقترضين للمزيد من الضغوط.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©