الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مشاكل بالجملة في باكستان!

مشاكل بالجملة في باكستان!
13 أغسطس 2007 02:32
كان الرئيس الباكستاني برويز مشرف قاب قوسين أو أدنى من فرض حالة الطوارئ في باكستان الأسبوع الماضي، قبل أن تثنيه وزيرة الخارجية الأميركية كونداليزا رايس ومستشارون مدنيون عن ذلك· غير أنه بات من الواضح، بالنسبة للجميع في هذا البلد المتوتر، أن السلطة آخذة في الانفلات من قبضة مشرف بسرعة، رغم سعيه الحثيث إلى إيجاد مخرج من المأزق السياسي الصعب الذي توجد فيه البلاد· كان الإعلان عن حالة الطوارئ سيعلق الحقوق الأساسية، ويفرض قيوداً على المحكمة العليا، ويؤخر انتخابات هذا العام· لكن الحقائق تشير إلى أن الجمهور الغاضب والمستنفر، ما كان ليقبل بهذه القيود، وإن كان الجيش الذي يرأسه مشرف هو من يقف وراءها· والأرجح أن مظاهرات حاشدة في الشارع ومزيداً من الاضطراب كانا سيعقبان هذا الإعلان· بعد ثماني سنوات في سدة الحكم، يجاهد مشرف اليوم من أجل الصمود والبقاء، رافضاً التنازل عن السلطة للمدنيين، رغم عجزه عن ممارسة السلطة التي يحتاجها للحفاظ على السلم في البلاد، والاستمرار كحليف للغرب من حيث استئصال المتطرفين الإسلاميين على الحدود مع أفغانستان· وهكذا، بحث مشرف في الأسابيع الأخيرة إمكانية فرض القانون العرفي، وحاول إبرام اتفاق يقضي باقتسام السلطة مع رئيسة الوزراء السابقة ''بينازير بوتو''، وطلب الدعم من الرئيس جورج بوش من أجل التخفيف من الأزمة التي تتخبط فيها البلاد منذ الربيع الماضي··· غير أنه لا شيء من ذلك تحقق· فبوتو تسعى للابتعاد عن أي اتفاق، ومساعدوها يصفون مشرف بالرجل الغريق· بيد أن إدارة بوش ترفض منذ عام 2001 أن تفهم أن الاستقرار السياسي في باكستان يتطلب بعض الديمقراطية والتوافق السياسي بين مختلف قـوى البلاد الليبرالية، وكذلك علاقة ناجحة بين الأقاليم الأربعة، حتى يمكن لأي معركة ضد التطرف أن تنجح· فقد افترضت واشنطن أنه نظراً لأن سلطة الجيش هي بين يدي مشرف، فليس ثمة ما يدعو للديمقراطية أو الانشغال بالسياسة المدنية· ونتيجة لذلك، خسرت إدارة بوش عقول وقلوب الشعب الباكستاني (والواقع أن مشاعر المعاداة تكرست وازدادت عندما رأى الباكستانيون كيف أصبحت بلادهم كيس ملاكمة في المناظرات بين المرشحين الرئاسيين الأميركيين)· كما غضت إدارة بوش الطرف عندما زور الجيش الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في عام ،2002 وتجاهلت نفي عدد من السياسيين وتهميش الأحزاب السياسية من قبل مشرف· خلال الأشهر القليلة الماضية، احتج عشرات الآلاف من النخبة الليبرالية والعلمانية في البلاد-محامون ومدافعات عن حقوق المرأة وسياسيون- على قرار مشرف الخاطئ والقاضي بتعليق رئيس المحكمة العليا افتخار محمد شودري في مارس المنصرم· ورغم خروج المجتمع المدني إلى الشوارع للاحتجاج، فإن وزارة الخارجية الأميركية والبيت الأبيض التزما صمتاً مطبقاً ومقصوداً، مما مثل خيانة ليس للشعب الباكستاني والديمقراطية فحسب، وإنما أيضاً لمصلحة أميركا والمتمثلة في التوفر على حكومة مستقرة في إسلام آباد حتى تكون شريكاً هاماً في الحرب على التطرف· ومؤخراً تمت إعادة تنصيب شودري عبر قرار قانوني مفاجئ، ما شكل ضربة قوية لمشرف· وهكذا، أضحت المحكمة العليا اليوم قوة حسم متقلبة، قادرة على إصدار قرارات من شأنها أن تجعل من استمرار مشرف في رئاسة البلاد وقيادة الجيش أمراً صعباً· وفي الأيام قبل الرابع عشر من أغسطس، عندما يحتفل الباكستانيون بالذكرى الستين لتأسيس البلاد، سيتعين على الأميركيين أن يتذكروا أن تأسيس باكستان إنما كان ثمرة نضال ديمقراطي طويل ضد الحكم الاستعماري البريطاني· ففي عام 1945 خرج آلاف المحامين وأعضاء المجتمع المدني المسلمين إلى شوارع الهند البريطانية للمطالبة ببلد جديد· وباكستان لم تؤسَّس على يد جنرال أو مجموعة ملالي؛ كما لا ينبغي أبداً تشبيه باكستان بالأنظمة الديكتاتورية الشرق الأوسطية، ذلك أن لشعبها تاريخاً طويلاً من النضال في سبيل الديمقراطية، وذلك رغم أن الجيش المدعوم من قبل الولايات المتحدة، استحوذ على السلطة مرات كثيرة طوال السنين السابقة· واليوم، تواجه باكستان مشاكل بالجملة؛ فهناك تمرد قبلي تدعمه ''القاعدة'' في الإقليم الحدودي في الشمال الغربي المحاذي لأفغانستان حيث قتل أزيد من 200 جندي منذ منتصف يوليو المنصرم، هذا في وقت تمكن فيه الانتحاريون من اختراق إسلام آباد مرتين· والواقع أن الجيش الذي يواجه التمرد المدني والمبتلى بالاختلاف في وجهات النظر، لا يستطيع ملاحقة المتطرفين بنجاح، بينما لم يقتنع الباكستانيون بعد بأن الحرب على التطرف هي حربهم، وليست حرباً تمليها واشنطن· لذلك، يتعين على الولايات المتحدة أن تساعد على إحداث انتقال سياسي عادل وسلمي في إسلام آباد قبل أن تلح مرة أخرى على ضرورة أن يحارب الجيش ''القاعدة''· كما يتعين على مشرف أن يخلع بذلته العسكرية ويجري الانتخابات ويعلن أنه لن يترشح للرئاسة· بعد ذلك، يتعين على واشنطن أن تساعد على ضمان أن تعمل القيادة المنتخَبة الجديدة مع الجيش من أجل حشد دعم الجمهور لجهود محاربة التطرف· الحقيقة أنه لا الجيش ولا بوتو يستطيعان محاربة المتطرفين وحدهما وحماية باكستان من الكارثة؛ وبوتو تدرك هذا الأمر، غير أن الجيش لا يفهمه· وعلى بوش أن يقر بأن الأيام السياسية لحليفه قد انتهت، وبأن الوقت قد حان للكف عن المطابقة بين مشرف وباكستان· كاتب وصحفي باكستاني مؤلف كتابي طالبان و الجهاد: صعود الإسلام القتالي في آسيا الوسطى ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©