الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

عيسى عباس: اعتبار الآثار والتراث وجهين لعملة واحدة خطأ كبير

عيسى عباس: اعتبار الآثار والتراث وجهين لعملة واحدة خطأ كبير
12 أغسطس 2007 01:40
يعتبر النشاط ''الآثاري'' في الإمارات من الحقول الثقافية المهمة، والمتوازية مع ضرورة الوعي بالتاريخ القديم للمنطقة، وبما يحمله هذا التاريخ من ذاكرة وأسرار بحاجة للنبش والتنقيب والمكاشفة، خصوصاً أن المعالم الآثارية تعتبر من الممتلكات الثقافية التي تحميها الأعراف الدولية والمنظمات المتخصصة في هذا المجال· وبالرغم من أن هذا الحقل الثقافي المتشعب بحاجة إلى جهود نوعية وكوادر بشرية متفرغة، إلا أن الشباب الإماراتيين العاشقين والمتحمسين لهذا الحقل يعدون على أصابع اليد، وعيسى عباس حسين هو أحد هؤلاء الشباب الذين شغفوا مبكراً بهذا الاتجاه المحفوف بالصعاب والمشاق، والمتوافر في الوقت ذاته على قدر كبير من المتعة الذهنية، والرحلات الروحية والجسدية في الأمكنة البهية بذاكرتها، وفي الأزمنة المحروسة بغموضها· وبعد عودته من المشاركة في دورة آثارية في الأردن التقت به ''الاتحاد'' فكان الحوار التالي: العلاقة مع الآثار * ما الذي جذبك شخصياً لعالم الآثار، والمشاركة الفعلية في التنقيبات والمسوحات، بالرغم من الصعوبات والمشاق المرافقة لمثل هذا التخصص؟· ** نبع عشقي للآثار منذ طفولتي، اعتماداً على ولع خاص بكل ما هو قديم وغامض من لقى أثرية، وأماكن مهيبة يمتزج فيها الواقع العلمي بالخرافة والافتراض، وتختلط فيها الميثولوجيا بالطبيعة المبهمة لحياة البشر وهجراتهم القديمة من وإلى المنطقة، وانتشر صدى هذا العشق من خلال ملاحقتي للمواقع الأثرية بالدولة وزيارة المتاحف والمعارض التخصصية في الخارج، هذا بالإضافة إلى الاطلاع والبحث والممارسة العملية التي تعززت آلياتها وتقنياتها بعد انضمامي لإدارة المتاحف بدائرة الثقافة والإعلام بالشارقة، وفي مجال الآثار هناك لذة معرفية لا تجدها في الحقول الأخرى، وهي لذة الاكتشاف والعثور على معلومات غائبة منذ آلاف السنين، إنه شيء يشعرك بالسعادة والرهبة في الوقت ذاته!· * هناك نقص كبير في الكوادر المحلية داخل الحقل ''الآثاري'' في الدولة، برأيك كيف يمكن جذب القطاعات الشابة في الإمارات لهذا الحقل الثقافي المهم والمحوري؟· ** أرى أن التغلب على هذا الإشكال يتمثل أساساً في نشر الوعي ''الآثاري'' من خلال القطاعات الإعلامية مثل الإذاعة والصحافة والتلفزيون، وفصل الآثار عن التراث؛ لأن هناك بوناً شاسعاً بينهما، وللأسف هناك خلط كبير وسوء فهم يجري تعميمه في الوسائل الإعلامية المختلفة من حيث ربط الآثار بالتراث، وتحويلهما إلى وجهين لعملة واحدة، وهذا كما ذكرت خطأ كبير، لا يمكن إهماله وتجاهله، ومن هنا يأتي دور الاستعانة بالمتخصصين والخبراء في المجالين للتفريق بينهما، وإلقاء الضوء على الخصائص العلمية والثقافية والزمنية المتعلقة بهما· ومن جانب آخر، هناك دور مهم وحيوي منوط بالجامعات والأكاديميات وكليات التقنية التي تفتقر لتخصص الآثار والأركيولوجيا، فمثل هذه التخصصات النوعية تخلق أرضية خصبة لظهور قطاع شبابي واسع يهتم بعلم الآثار ويشارك في الممارسات التطبيقية على أرض الواقع، كما أن البعثات الآثرية القادمة من الخارج يمكن لها أن تستوعب المتدربين وأن تشركهم في المسوحات الأثرية، وبالتالي تخلق نوعاً من الحضور التفاعلي وفتح منافذ مغرية ومشجعة لاقتحام هذا الحقل المعرفي الممتع والحافل بالأسئلة وحس الفضول والدهشة· مشاركات * حدثنا عن أجواء وطبيعة مشاركتك في الدورة ''الآثارية'' التي عقدت مؤخراً في العاصمة الأردنية عمان؟· ** مشاركتي في هذه الدورة جاءت بتكليف من وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع، وبترشيح من دائرة الثقافة والإعلام بالشارقة، وحملت الدورة عنوان: ''الحفاظ على التراث الأثري في المنطقة العربية'' وهي الدورة التأسيسية الإقليمية الثانية في الترميم والحفاظ على المواقع الأثرية والتي أقامتها المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم ''الإلكسو'' بالتعاون مع المركز الدولي لدراسة صون وترميم الممتلكات الثقافية ''ايكروم''· وتناولت الدورة موضوعات تتعلق بحفظ وصون الممتلكات الثقافية وإدارتها في المنطقة العربية، وشارك في هذه الدورة اثنان وعشرون متدرباً متخصصاً في التراث الثقافي يمثلون خمس عشرة دولة عربية هي الإمارات العربية المتحدة ومصر وفلسطين وسوريا وتونس والجزائر والمغرب ولبنان والعراق وموريتانيا والسعودية والكويت وسلطنة عمان وليبيا والأردن واليمن، حيث تضمنت الدورة التدريبية شقين أحدهما نظري، والآخر عبارة عن تدريب عملي في الميدان· * كيف تنظر إلى دور هذه المؤتمرات والفعاليات الآثارية في تعزيز الوعي بالمنتج الحضاري والثقافي للشعوب؟· ** يرمي برنامج الدورة إلى تحقيق مجموعة من الأهداف، تتمثل في تعزيز وتطوير المؤهلات المهنية للمشاركين، ورفع الكفاءة العلمية والتعريف بالموروث الثقافي من خلال فهم المبادئ الأساسية لمناهج حفظ التراث الثقافي ووضع استراتيجية الحفاظ على المواقع الأثرية· ومن ثم توثيق وتحليل الوضع المادي للمواقع الأثرية، وأخيراً تشخيص أسباب التلف المادي وفقدان المعلومات المتعلقة بهذه المواقع، وأود الإشارة هنا إلى ضرورة التعرف إلى القوانين والتشريعات المتعلقة بالتراث الثقافي، كي تتوافر للباحث فرصة الاطلاع على أهمية القيم الثقافية التي تحملها المواقع التراثية· * تزامنت مشاركتكم في الدورة مع اختيار ''البتراء'' كإحدى عجائب الدنيا السبع في التصنيف العالمي الجديد، كيف كان رد فعل المشاركين في المؤتمر بإزاء هذا الاختيار؟· ** كان لهذا الاختيار أثره الطيب على المشاركين، نظراً للجذب السياحي والثقافي المنتظر لهذا الاختيار، والذي يدل على أن المواقع الأثرية العربية قادرة على إثبات حضورها في الخريطة ''الآثارية'' العالمية؛ والجميل أن هذا الاختيار جاء بإجماع عالمي شعبي من خلال فرز أصوات المشاركين في التصنيف من خلال شبكة الإنترنت، والبتراء في هذا السياق تستحق هذا الاختيار؛ لأنها تتمتع بطابع عمراني فريد من نوعه ويتوافر على قدر كبير من الغرابة والجمال، وهو موقع يحمل أهمية خاصة تتعلق بالعمر الزمني والدور التاريخي والمعلومات الثرية المحيطة به·
المصدر: الشارقة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©