الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

روسيا... نزعة متنامية للعمل التطوعي

5 فبراير 2013 00:12
كاتي لالي أيتوملايا - روسيا طبيب ريفي في مستشفى قروي صغير ومتداع، وأجهزة بيروقراطية صحية غير مبالية، والآن يأتي لإنقـاذ كل هـؤلاء متطوعون من موسكو الواقعة على مسافة بعيدة وهم مزودون بالأثاث والمعدات والأموال والأهم من ذلك كله ربما... الروح السعيدة المرحة. يكمن في خلفية الصورة مع ذلك البرلمان الروسي، الذي يقوم في الوقت الراهن بالنظر في تمرير قانون ينص على إخضاع أي نشاط تطوعي لإشراف الدولـة بحجة أن الناس الذين ينظمون أنفسهم للقيام بعمل الخير يمثلون تهديداً لسلطة الدولة! وكان العام الماضي قد شهد تنامياً لاتجاه غير مسبوق في روسيا، يتمثل في تجمع الناس معاً بدافع ذاتي، لتقديم يد العون للآخرين ممن هم بحاجة للمساعدة. وبعد ذلك ومن داخل ذلك التجمع، تنطلق المبادرات الشخصية من أشخاص - وغالباً ما تكون موضع شك السلطات- كقيام سائقين مثلًا بتوصيل أدوية لنسوة مسنات محبوسات بفعل عوامل الطقس القاسية في منازلهن الواقعة في أماكن يصعب الوصول إليها، وكقيام نساء بطهي الطعام للمستشفيات، وقيام متطوعين بإنفاق الأموال واستخدام المعدات كالمطارق وغيرها لإقامة ملاجئ طارئة للنساء المُعنفات، والأطفال اليتامى، والحيوانات المهملة. وفي قرية «أيتوملايا» الزراعية الفقيرة التي تبعد عن موسكو ناحية الغرب بما يقرب من خمس ساعات بالسيارة، تحاول مجموعة من الشباب يقودهم «ديمتري أليشكوفسكي» وهو مصور صحفي سابق، تقديم يد العون لمستشفى القرية المتداعي، الذي لا تزيد سعته عن 15 سريراً. يقول «أليشكوفسكي»: «عندما أقوم بتقديم يد المساعدة، فإن ذلك سيقنع شباباً آخرين بأن في مقدورهم تقديم المساعدة أيضاً... لقد حان الوقت للتوقف عن التسكع وعدم عمل شيء، وكل ما يتوجب على كل واحد منا الآن المساهمة من خلال وضـع لبنـة واحدة في الجدار» . وهذا الظهور السريع للمبادرات التطوعية الذي تغذيه لحد كبير وسائل الإعلام الاجتماعية، يتزامن مع انفجار الاحتجاجات السياسية الشعبية -ولم يكن ذلـك من قبيل الصدفة البحتة- إذ يوجد في الحقيقة نوع من التداخل بين المعارضة السياسية وبين هؤلاء الذين باتوا يشعرون بالسأم من الحكومة، التي لا تنجز سوى القليل من الأعمال، وقرورا أخذ الأمور بيدهم. وكان حزب «روسيا المتحدة»، الذي يرأسه «بوتين» قد قدم تشريعاً لتنظيم عمل المتطوعين إلى مجلس دوما الدولة (الغرفة السفلى في البرلمان) لدراسته وتمريره. ويقول مؤيدو هذا المشروع إنه سيضمن أن كافة الأنشطة التطوعية تنسجم مع أولويات الحكومة المحددة، ولا تتصادم مع سياسات الكريملن. والمسؤولون ليسوا هم الوحيدون المناوئون للنزعة التطوعية المتزايدة في المجتمع الروسي. فتاريخ روسيا في الحقبة السوفييتية التي استمرت لما يقرب من سبعة عقود، عندما كانت الدولة تتحكم في كل شيء تقريباً، جعل سكانها معتادين على فكرة أن الحكومة هي المسؤولة عن توفير كافة احتياجاتهم، كما جعلهم بالتالي ينظرون بارتياب للمنظمات التطوعية، يؤيد ذلك استطلاع للرأي تم إجراؤه عام 2012 بينما أن ما يزيد عن نصف عدد سكان روسيا لا يوافقون على العمل التطوعي كما يقول «بوريس دوبين» عالم الاجتماع في مركز «ليفادا» في موسكو. ويقول « يفجيني جريكوف» الذي يقود مجموعة من السائقين يطلق عليها «متطوعون على عجلات» لها حساب على موقع «فيسبوك» يضم مجتمعاً من الأفراد يسهل على من يحتاجون إلى سائقين ومن يحتاجون إلى مساعدة العثور على بعضهم بعضاً فيه: «التشريع يعكس افتقاراً تاماً للطبيعة الكاملة للظاهرة الاجتماعية». ويضيف لما سبق قوله «إنهم يريدون من المتطوعين أن يسيروا في صفوف ويدعمون السلطات، ولكن برامج مثل برامجنا ليست لديها قوائم ولا شيء من هذا القبيل، وإنما تقوم على مبدأ غاية في البساطة: إذا ما كان في استطاعتك تقديم يد العون... فافعل ذلك!». لم تقصر السلطات الروسية في التعبير عن مناهضتها للعمل التطوعي، ففي عام 2010 على سبيل المثال، وبعد أن أجرت السلطات استقطاعات كبيرة في مخصصات الميزانية الخاصة بخدمات الغابات حاول المتطوعون المساعدة في إطفاء حرائق الغابات الهائلة التي نتج عنها سحب هائلة من الدخان امتدت لمعظم أنحاء الجزء الأوروبي من روسيا، ولكن السلطات أوقفتهم وطلبت منهم دفع مبالغ للسماح لهم بدخول الغابات- كما قال بعض هؤلاء المتطوعين على مواقع وسائل الإعلام الاجتماعي. يقول بعض منظمي عمليات التطوع إن معظم المعارضة التي يواجهونا من المسؤولين تأتي في صورة أقل فجاجة من ذلك، تشمل على سبيل المثال لا الحصر التسويف البيروقراطي المعهود، أو عدم التعاون المتعمد. ولكن من الصعوبة بمكان مع ذلك تحديد عدد تلك الحالات على نحو دقيق لأسباب عدة منها أن مجموعات المتطوعين مثل المجموعة التابعة لـ«جريكوف» تدلل على صحة موقفها بشأن عدم الانتظام في كيان قانوني رسمي من خلال القول إنها تفعل ذلك من أجل تلافي التعقيدات القانونية المألوفة في هذه الحالة. وهذا الموقف، يجعل احتمال قيام هذه المجموعة بالإبلاغ عن حالات التعطيل أقل مما قد يتوقع البعض- حتى في حالة ما إذا كان هناك بعض الأشخاص أو الوكالات التي يستطيعون تقديم البلاغات إليها. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©