الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

عوائد الطفرة النفطية الثالثة تحتاج إلى إعادة توظيف

عوائد الطفرة النفطية الثالثة تحتاج إلى إعادة توظيف
12 أغسطس 2007 00:55
تعاني دول مجلس التعاون الخليجي مشكلة تشابه الهياكل الانتاجية وعدم القدرة على تنويع مصادر الانتاج، بما يجعل التنافس وليس التعاون هو المحدد الأساسي للتجارة البينية الخليجية· وتعتمد غالبية دول الخليج على سلعة وحيدة هي النفط· وفي ندوة ''الاقتصادي الخليجي إلى أين؟'' التي نظمها المركز القومي لدراسات الشرق الأوسط بالقاهرة قال الدكتور أحمد السيد النجار -رئيس تحرير تقرير الاتجاهات الاقتصادية الاستراتيجية- ان دول الخليج حققت طفرة في ايراداتها النفطية، وفوائضها التجارية وميزانياتها العامة في السنوات الاربع الاخيرة بسبب الارتفاع الكبير في اسعار النفط وايرادات دول مجلس التعاون من تصديره، وهو ما يشكل فرصة لإحداث طفرة موازية في قدرة وتنوع اقتصاداتها شريطة توفر الارادة السياسية لتحقيق ذلك، لانه يمكن اهدار هذه الطفرة لو اعادت دول المجلس إنتاج نمط التوظيف الذي اعتمدته في الطفرة النفطية الاولى بعد حرب اكتوبر 1973 وفي الطفرة النفطية الثانية بعد الثورة الايرانية وأثناء السنوات الاربع الاولى من الحرب العراقية الإيرانية· وذكر أن دول مجلس التعاون الخليجي مرشحة للحصول على دورة طويلة من العوائد المرتفعة لصادراتها من النفط والغاز على ضوء أنها ستكون مع إيران والعراق وفنزويلا وليبيا وروسيا آخر الدول التي تملك احتياطات نفطية ستظل تمد العالم باحتياجاته وستحصل مقابل ذلك على اسعار احتكارية بالغة الارتفاع اذا لم يتم وضع تصور مشترك للتسعير العادل للنفط بين المصدرين والمستوردين· وأوضح أن دول مجلس التعاون الخليجي تمتلك احتياطات هائلة من النفط بلغت في عام 2006 نحو 484,3 مليار برميل تشكل نحو 72,5 في المئة من اجمالي الاحتياطات النفطية العربية ونحو 41,7 في المئة من الاحتياطات العالمية، وبلغ مجموع احتياطاتها من الغاز الطبيعي عام 2005 نحو 41294 مليار متر مكعب تمثل نحو 77,2 في المئة من الاحتياطي العالمي· وأكد النجار أن جزءا مهما من ثروة الدول الخليجية من النفط والغاز يضيع نتيجة التراجع العلمي والتقني لهذه الدول شأنها شأن باقي الدول العربية التي تضطر لدفع جزء مهم من احتياطاتها النفطية للشركات التي تقوم بالتنقيب والاستكشاف والحفر والاستخراج والتكرير والتسويق ورغم التغيرات في طبيعة العقود المبرمة بين شركات النفط والدول الخليجية وتأسيسها لشركات وطنية فإن العقود الحديثة مازالت تمنح الشركات الاجنبية حصة كبيرة من الموارد العربية من النفط والغاز والشركات الوطنية تعتمد بصورة شبه كاملة على العمالة الفنية الأجنبية· ويرى النجار أن أهم ما يمكن أن تفعله أي دولة للاستفادة من الطفرات النفطية هو أن تعيد هيكلة اقتصادها وتمويل بناء اقتصاد صناعي وزراعي وخدمي متقدم يستند على بنية أساسية حديثة، وينمو بصورة متواصلة معتمدا على الاصول الانتاجية التي تم بناؤها وليس على ريع الثروة الناضبة· وأوضح أن معدلات الاستثمار الحالية في الدول الخليجية متدنية ولا يمكنها أن تشكل اساسا لدورات قوية من النمو الاقتصادي الحقيقي في هذه الدول وهناك خلل واضح بين معدلات الادخار العالية في غالبية الدول الخليجية في اوقات ارتفاع اسعار النفط ومعدلات الاستثمار في تلك الدول ويعود جانب من هذا الخلل الى تسرب جزء كبير من مدخرات تلك الدول الى الخارج في صورة استثمارات مباشرة أو في الاقتصاد الرمزي في اسواق رأس المال والعملات، كما أن التكوين التاريخي للنخب المالية في الدول الخليجية لا يتضمن آباء الصناعة أو رواد الاستصلاح والاستزراع أو الخدمات والاقتصاد الجديد إلا على نحو استثنائي لا يسمح برفع معدلات تكوين رأس المال ولا يسمح بتحقيق معدلات نمو معتدلة أو مرتفعة بصورة مستقلة عن حركة اسعار النفط· وأشار الى أن هناك حزمة من الاجراءات الكفيلة بتحسين مناخ الاستثمار في الدول الخليجية مثل تبسيط إجراءات الاعمال وضمان الشفافية والمساواة بين رجال الاعمال وإنهاء التحيزات المبنية على مستويات النفوذ السياسي والقائمة في مجتمعات الاعمال العربية، وضمان استقرار التشريعات والبيئة الاقتصادية ومكافحة الفساد في الاجهزة الحكومية المشرفة على منح التراخيص المختلفة والملكيات العامة وضبط الاسواق عبر مراقبة المواصفات القياسية وفرض احترام حقوق الملكية الفكرية· وقال إن ارتفاع اسعار النفط وعوائد الصادرات الخليجية منه أدى الى زيادة الثروات العامة والشخصية في هذه الدول ورغم أن هذا الاثر إيجابي في حد ذاته فإن نمط توظيف هذه الثروات يمكن أن تكون له آثار سلبية كبيرة أبرزها تفاقم حالة الاقتصادات البالونية أو اقتصادات الفقاعة القابلة للانفجار، حيث يتم توظيف هذه الاموال في البورصة وشراء الاراضي والعقارات بدلا من استثمارها في تمويل بناء مشروعات حقيقية ومنتجة في الاقتصاد· الإصلاح المالي حجر الزاوية ذكر مجدي صبحي -رئيس تحرير مجلة ''أموال مصرية''- أن النفط يمثل المصدر الاساسي الذي يتحكم في مجريات الحياة الاقتصادية لدول مجلس التعاون الخليجي والهيكل الاقتصادي تغلب عليه سيطرة القطاعات الاولية والخدمية، فالقطاع الزراعي يتميز بالمحدودية لظروف هيكلية وطبيعية، كما أن قطاع الصناعة التحويلية لا يزال ضئيل الوزن في الناتج المحلي الاجمالي· واكد أن الاصلاح المالي الذي قامت به دول الخليج وفي حالة استمراره يمثل حجر الزاوية في التوجه نحو النهوض الاقتصادي في المستقبل فالانفاق العام هائل ليس فقط على التعليم والصحة ودعم الخدمات الاساسية من ماء وكهرباء وتوفير فرص العمل في دوائر الحكومة والقطاع العام وإن كانت إنتاجيتها منعدمة بل ويمتد هذا الى الدعم الكثيف للنشاطات الاقتصادية التي يقوم بها القطاع الخاص مضيفا أن التخلص تدريجيا من الانفاق الهائل للدولة على مواطنيها من المهد الى اللحد يمكن أن يعدل العلاقة بين الجهد والعائد بشكل يسمح بتخصيص كفء للموارد مستقبلا· مراحل أولى للتكامل قال د· حسن عبيد -رئيس قسم الاقتصاد الدولي بجامعة القاهرة- إن دول مجلس التعاون الخليجي لم تسع في جميع الاتفاقيات والمعاهدات التي عقدتها منذ إنشائه في عام 1981 لتحقيق تكامل اقتصادي سريع حيث إن مراحل التكامل التقليدية مثل منطقة التجارة الحرة والاتحاد الجمركي والسوق المشتركة وتوحيد السياسات المالية وغيرها والتي تنتهي بالعملة الواحدة، لم تطبق دول الخليج إلا المرحلة الاولى منها وهي منطقة التجارة الحرة في عام 2005 تمشيا مع تعليمات منظمة التجارة العالمية وهو ما يجعل اقتصاديات دول الخليج مهددة بالتدهور عند نفاد النفط أو انخفاض أسعاره· تجارة بينية اشار د·علي حافظ منصور -أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة- الى أن إجمالي الصادرات البينية السلعية في منطقة الخليج وفقا لاحصاءات عام 2004 تمثل الامارات والسعودية اكثر من 70 في المئة منها ويرجع ذلك الى كبر حجم سكان السعودية وزيادة النشاط التجاري بدولة الامارات خاصة نشاط إعادة التصدير· وقال إنه رغم محاولات دول مجلس التعاون الخليجي تنويع القاعدة الانتاجية لا يزال القطاع النفطي هو المحرك الدافع لاقتصاديات دول المجلس حيث إن جملة الصادرات مازالت ترتفع مع ارتفاع اسعار النفط وتنخفض مع انخفاضه، ويمثل النفط 80 في المئة من الصادرات وعلى عكس الصادرات تتنوع الواردات لتشمل عدة أنواع من السلع مع تأثرها بتغيرات ايرادات النفط· واكد أن معظم اسباب تطور التجارة البينية الخليجية ترجع الى زيادة اسعار النفط وليس تنفيذ الاتفاقيات الاقتصادية لدول المجلس فمثلا زادت التجارة البينية لدول الخليج من 3 في المئة عام 1980 من إجمالي الناتج المحلي الى 4,6 في المئة عام 2003 في حين أنه بالمقارنة بالاتحاد الاوروبي فإن التجارة البينية زادت من 8 في المئة من اجمالي الناتج المحلي الى 16 في المئة عام 2003 وهو ما يشير الى ضعف اثر تنفيذ الاتفاقيات على التجارة البينية لمجلس التعاون الخليجي· وأشار د· علي حافظ الى عدم وجود اختلاف بين دول المجلس بشأن المواصفات والمقاييس للسلع الوطنية من دولة لأخرى، مع وضع مواصفات معينة على الاستيراد لكل دولة، مما يعرقل القدرة التنافسية لدول المجلس مع طول فترة إجراءات الترخيص والتفتيش في المراكز الحدودية مما يزيد التكلفة النهائية للسلع مع اشتراط مواصفات معينة للتعبئة والنقل وتجميع عدد كبير من الشاحنات لتسير في شكل قافلة مما يؤدي الى تأخر وصول البضائع وزيادة التكاليف·
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©