السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

اليونان.. خارج قارب النجاة!

4 فبراير 2015 22:28
لا تصدق بالضرورة كل تلك التفاهات التي يتشدّق بها البعض حول الأزمة الأوروبية. فمن خلال انتخاب حزب «سيريزا» في اليونان، قدّم اليونانيون لأوروبا فكرة عن طموحاتهم وآمالهم الجديدة. وهذه فرصة ملائمة لأوروبا للتحول عن سياسة الخطاب المالي المتشدد الذي أدى إلى إغراق الدول الأوروبية الجنوبية في حالة من الركود المؤلم. والآن، في اليونان، جاء دور حزب «سيريزا» ليسارع إلى طلب عقد «صفقة جديدة» ليس فقط من أجل إنقاذ اليونان، بل لإنقاذ أوروبا كلها. والسؤال المطروح الآن هو ذلك المتعلق بما إذا كانت بقية دول أوروبا ستلتقط هذه الإشارة، أم أنها ستكتفي بتوجيه عبارات اللوم والعتب لشعوب دول الاتحاد كلها على سنوات البؤس التي عاشتها. وكانت ردود الفعل الأولى في ألمانيا وبروكسل على التوجهات اليونانية الجديدة توحي باختيار حل الإبقاء على حالة البؤس والتعاسة. وهذا هو الوقت المناسب لإدارة أوباما والأعضاء التقدميين في الكونجرس للمشاركة في إنجاز عمل فعال لإنقاذ أوروبا من حالة التخبط والعشوائية التي تعاني منها. وتبدو الحقائق والوقائع المتعلقة بالموقف الراهن في أوروبا بالغة الوضوح. ومن ذلك مثلاً أن الديون المترتبة على اليونان لا يمكن تسديدها بأي حال من الأحوال. وعندما اجتاح الفساد المالي حكومتها الغارقة في الديون حتى الآذان، وجدت دول الاتحاد الأوروبي الأخرى أن هذا الوضع يشكل أكبر تحدٍّ لها. وسارعت «الترويكا» المالية العالمية التي تضم كلاً من الاتحاد الأوروبي والبنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي، إلى التدخل لإنقاذ البنوك اليونانية المتعثرة وتحمل أعباء معظم ديونها، ولكنها فرضت أيضاً، في المقابل، على اليونان شروطاً صعبة لإعادة تسديدها. والآن تبلغ القيمة الإجمالية لديون اليونان أكثر من 300 مليار يورو (345 مليار دولار)، وهي أقل بنحو 11 مليار يورو (12,6 مليار دولار) عما كانت عليه قبل ثلاث سنوات، إلا أن النسبة بين الدَّين العام والناتج المحلي الإجمالي ارتفعت من 140 في المئة في عام 2010 إلى 175 في المئة الآن، لأن الاقتصاد اليوناني ذاته دخل حالة الانهيار. وتجاوز معدل البطالة هناك 25 في المئة، وارتفع في أوساط صغار الشباب إلى أكثر من 50 في المئة ما دفعهم إلى فقدان الثقة في بلدهم. وانخفض الحد الأدنى للأجور بنحو 20 في المئة، وعمد الكثير من اليونانيين لقطع التموين بالكهرباء وألغوا اشتراكاتهم في وسائل اللهو والترفيه لأنهم غير قادرين على تسديد قيمة الفواتير. ويمكن القول إن اليونانيين كانوا هم الأكثر معاناة من هذه الحال، إلا أن شعوب إيطاليا والبرتغال وإسبانيا لم تكن أيضاً أفضل حالاً. ففي إسبانيا، أدت الإجراءات المالية المتشددة إلى طرد 570 ألفاً من بيوتهم، وارتفع معدل الفقر والفاقة في أوساط الأطفال إلى 36 في المئة وفقاً لإحصائيات صادرة عن منظمة الأمم المتحدة للطفولة «اليونيسيف»، وقذفت بنحو 23 في المئة من الموظفين والعمال خارج منظومة العمل والإنتاج. وتقل أعمار 51 في المئة من هذه الشريحة الأخيرة عن 25 عاماً. وفاقت القيمة الإجمالية لديون إسبانيا معدل 100 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي. وفي إيطاليا، ارتفعت القيمة الإجمالية للدَّين العام من 116 إلى 133 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي خلال السنوات الثلاث الماضية على الرغم من الإعلان عن توفير فائض في الميزانية. وأدت الإجراءات المالية الصارمة التي يفرضها الاتحاد الأوروبي إلى رفع معدل البطالة في أوساط الشباب الإيطاليين إلى نحو 44 في المئة من مجمل الطاقة العاملة. ومن المهم الإشارة هنا إلى أن «سيريزا» حزب مؤيد للوحدة الأوروبية. وهو لا يريد الانفكاك عن الجسم الأوروبي. ويقول زعيمه «ألكسيس تسيبراس» إن حزبه سيتحمل أعباء دفع الديون المترتبة على اليونان. إلا أن الحقيقة هي أن الديون التي يتعذّر أو يستحيل دفعها، لن تُدفع أبداً. ولهذا السبب، دعا إلى شطب نصفها على رغم أن هذه الديون جميعاً تعود لحكومات أوروبية، بالإضافة إلى «الترويكا» المالية، وبشرط أن تتم جدولة الديون المتبقية بحيث تتمكن حكومة اليونان من تسديدها من الأصول المالية التي ستوفرها معدلات النمو الاقتصادي. كاترينا فاندن هوفيل* * محللة سياسية أميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©