الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

الاحتباس الحراري يهدد بكوارث أخطر من الإرهاب

الاحتباس الحراري يهدد بكوارث أخطر من الإرهاب
11 أغسطس 2007 02:32
تحول الاحتباس الحراري، وهو ظاهرة ارتفاع درجة الحرارة على كوكب الأرض، إلى قضية سياسية تم تداولها مؤخرا ضمن جدول أعمال مجلس الأمن الدولي في أبريل الماضي، ولم تعد قضية بيئية فقط، حيث خرج العلماء، بعد أبحاث ودراسات امتدت لسنوات طويلة، بمجموعة من النتائج حول أسباب الاحتباس الحراري الذي يجعل الأرض تئن تحت وطأة الغازات الملوثة، مثل المازوت وثاني أكسيد الكربون، إلا أن كثيراً من الشركات والمصانع الملوثة للبيئة ناسبها الاستنتاج الذي يقول إن الاحتباس الحراري سببه فترات ساخنة تمر بها الكرة الأرضية، مستشهدين بالفترات الجليدية في القرن 17-18 في أوروبا، لتتهرب تلك الجهات من مسؤوليتها وذنبها تجاه كوكب الأرض، طمعا في المزيد من المكاسب المادية دون اتخاذ الإجراءات الوقائية التي تنص عليها القوانين حماية للبيئة وبالتالي الأرض·

منذ قرن كامل

فقد شهد العالم في العقد الأخير من القرن الماضي أكبر موجة حرارية تمر بها الأرض منذ قرن كامل، حيث زادت درجة حرارتها 6 درجات مئوية، ما يعني أن ثمة تغيراً كبيراً في مناخها لا تحمد عواقبه، خاصة مع تزايد المجاعات والحرائق والتصحر بالإضافة للفيضانات والكوارث، مما جعل العلماء يصابون بالانزعاج الكبير، ويسارعون لعقد المؤتمرات سعيا وراء الحد من الظاهرة التي باتت تؤرق الضمير العالمي·
ولخطورة الوضع الذي يمر به كوكب الأرض، ولأول مرة في تاريخ مجلس الأمن الدولي، يناقش تغير المناخ وما ينطوي عليه من خطر محتمل على استقرار العالم بحيث أصبح أشد خطورة من الإرهاب، وقد جاء ذلك بعد ساعات قليلة من نشر مجموعة من الدراسات للتغيرات المناخية أكدت أن استمرار ارتفاع الحرارة قد يؤدي إلى نشوب المزيد من الصراعات في العالم وقد ورد هذا الخبر في مختلف محطات العالم المسموعة والمقروءة·

جونو الأقوى

وقد بحثنا في موضوع الاحتباس الحراري من حيث الأسباب والنتائج فقال البروفيسور الدكتور حميد مجول النعيمي- عميد كلية الآداب والعلوم، رئيس الاتحاد العربي لعلوم الفضاء- إن إعصار ''جونو'' في الفترة من 1-7 يونيو ،2007 يعتبر أقوى إعصار مداري يضرب الشواطئ المطلة على بحر العرب منذ ،1977 وقد بلغت ذروته بعد التكون، أي سرعة دورانه، 260 كم في الساعة في 3 أيام، وصاحبه ارتفاع في أمواج البحر على سواحل عمان إلى 12 مترا مع ظهور تشكيلات من السحب المتوسطة والعالية، علما بأنه إعصار نادر الحدوث، فهو يضرب بحر العرب كل ثلاث سنوات تقريبا، وسريع التلاشي وقد كان الأعنف والأشد هذه المرة، وفي 5/6/2007 تراجعت سرعة
الرياح المرافقة للإعصار وصلت إلى 175 كم/ساعة، علما بأنه تحرك من سواحل سلطنة عمان الشرقية إلى الشمال باتجاه سواحل الإمارات الشرقية ومن ثم سواحل إيران الجنوبية الشرقية إلى أن تلاشى، وقد وصل إعصار جونو هذه المرة إلى الفئة القصوى من الأعاصير·

أسباب الكوارث
 
أما أسباب تلك الكوارث فهي حسب تحليل العلماء - من مختلف مراكز الأبحاث - فهي ارتفاع درجة حرارة الأرض مما يؤدي إلى اتجاه تصاعدي في القوة التدميرية للأعاصير، نتيجة ذلك الاحتباس الحراري الناتج عن ارتفاع حرارة كوكب الأرض، وللاحتباس علاقة ملحوظة بالنشاط الإنساني وبعض المخلفات الصناعية والتكنولوجية والتي أحدثت تلوثا واضحا في الجو عبارة عن زيادة المعدلات الحرارية في طبقات الغلاف الجوي، وقد ارتبطت هذه الزيادة بالثورة التكنولوجية والصناعية·
فاحتواء الغلاف الجوي الأرضي على غازات مختلفة مثل النتروجين والأوكسجين وثاني أكسيد الكربون والميثان بالإضافة إلى بخار الماء، يؤثر تأثيرا مباشرا على حرارة الغلاف الجوي الأرضي، وتقوم تلك الغازات بامتصاص جزء من الأشعة تحت الحمراء التي تبعث من سطح الأرض كانعكاس لأشعة الشمس الساقطة على الأرض، وتحتفظ بها في الغلاف الجوي لتحافظ على درجة الحرارة في معدلها الطبيعي·

الكلفة الاقتصادية والاجتماعية

أما الدكتور أسامة ضيف الله سويدان أستاذ مساعد في قسم الاقتصاد بجامعة الشارقة، فقد تناول الكلفة الاقتصادية للأعاصير التي جاءت ضمن مجموعة من الدراسات لعلماء عالميين، حيث تشير إلى الاحتباس الحراري او الغازات المنبعثة كأحد أهم أسباب الأعاصير والكوارث الطبيعية، وقد استرشد بما قدمه البروفيسور وليام نوردهاوس الاستاذ في قسم الاقتصاد بجامعة يال في الولايات المتحدة الأميركية، من دراسات هدفت إلى قياس تأثير الاعاصير على الاقتصاد الأميركي، وقد جاء من ضمنها نماذج اقتصادية قياسية رصدت الخسائر الناجمة عن إغراق المياه بمقدار متر واحد سيضاعف من خسائر رأس المال، وخلصت الدراسة إلى أن الاعاصير تسبب خسائر سنوية بالمتوسط تصل إلى 8 مليارات دولار أميركي، وفي النهاية يعزو العلماء سبب تلك الكوارث الى الانبعاثات الحرارية، حيث تستمد الاعاصير قوتها من حرارة سطح مياه المحيطات والرطوبة العالية، وكلما ارتفعت حرارة مركز الاعصار ''عين الإعصار'' انخفض الضغط الجوي وازدادت سرعة الاعصار وقوته التدميرية·

الثورة الصناعية
تشوه العناصر الطبيعية

قال مصطفى خليفة، الباحث البيئي الحاصل على دبلوم عالٍ في إدارة البيئة والموارد الطبيعية، إن مختلف الوسائل الإعلامية جاء فيها أن كبير المستشارين العلميين في الحكومة البريطانية صرح بأن تغير المناخ يمثل تهديدا على العالم أكبر مما يمثله الإرهاب الدولي، وقال السير ديفيد كينج إن دولا كبيرة قد فشلت في خفض انبعاثات الغازات الضارة، وأشار إلى أن ذلك سوف يؤدي إلى أن تعصف الفيضانات والجفاف والجوع بملايين الأشخاص حول العالم في حال عدم اتخاذ إجراء سريع·
ويوجد في المحطات التلفزيوينة والالكترونية تقارير علمية كثيرة تشير إلى أن معدلات ثاني أكسيد الكربون وغيره من الغازات الضارة في المناخ ارتفعت بحدة منذ قيام الثورة الصناعية، وزاد تركيز الغازات بشكل رئيسي بسبب استخدام النفط وغيره من أنواع الوقود الحفري، وبسبب إزالة الأشجار التي تنتج الأكسجين، إلى غير ذلك من الانشطة البشرية فضلا عن النمو السكاني، وإن لم تتخذ إجراءات احترازية ووقائية لمعالجة هذه الظاهرة، فإن تلك الزيادة في الانبعاثات الحرارية للغازات الضارة سوف تؤدي لتشوه العناصر الطبيعية للمناخ·

20 إعصاراً في القرن الـ21
5 % زيادة في سرعة

الأعاصير لكل درجة مئوية

تشير الإحصاءات العالمية إلى أن عدد الأعاصير ارتفع إلى 11 إعصارا في السبعينات، وإلى 19 إعصارا في التسعينات والآن زاد على 20 في القرن الحادي والعشرين ومن المحتمل أن تشهد السنوات القادمة زيادة في الأعاصير، تشبه في قوتها وخطورتها إعصار كاترينا الذي ضرب سواحل جنوب الولايات المتحدة الأميركية قبل سنتين، أي أن ذروة سرعة رياح الأعاصير المدارية لا بد أن تزيد بنسبة 5% مقابل كل درجة مئوية واحدة في مياه المحيطات·
وأخيرا أود أن أقول إن المنطقة الخليجية والعربية تحتاج إلى مركز أو مؤسسة عربية علمية وتكنولوجية وفنية، تتضمن تخصصات علوم الأرض والجو والفضاء تعنى بدراسة ومراقبة الأغلفة الجوية والكوارث الطبيعية مثل الأعاصير والزلازل والانزلاقات الأرضية، فضلا عن علاقة الشمس بالأرض وغلافها الجوي، بحيث تحوي هذه المؤسسة علماء وخبراء وفنيين من مختلف التخصصات ذات العلاقة على أن تزود بالدعم الكافي من موارد مالية وأجهزة ومستلزمات ومراصد ومحطات مراقبة وجمع البيانات·

جنون البقر وإنفلونزا الطيور!

نتيجة التقدم الصناعي والتكنولوجي واستخدام مختلف أنواع المواصلات والاعتماد على مشتقات الوقود، مثل الفحم والبترول والغاز الطبيعي كمصدر أساسي للطاقة، ومع احتراق هذا الوقود لإنتاج الطاقة واستخدام غازات الكلوروفلور كربونات التي تنتج غازات البيت الزجاجي، بكميات تفوق ما يحتاجه الغلاف الجوي، احتبست الحرارة على سطح الأرض ضمن الطبقات السفلى من الغلاف الجوي، مما رفع درجات الحرارة، لذلك مع تزايد انبعاثات تلك الغازات وتراكمها في الغلاف الجوي الأرضي بمرور الزمن ظهرت بعض الآثار السلبية لتلك الظاهرة، ومن أهم آثار هذه الظاهرة ارتفاع درجة حرارة مياه سطح المحيطات التي أدت إلى زيادة في عدد وقوة الأعاصير، وتغيرات جوية عاصفة ومنها تكرار العواصف الشديدة خاصة الرعدية العنيفة، ويقوم الارتفاع الحراري في المحيطات الاستوائية بتغذية الأعاصير والزوابع الشديدة والمدمرة، وينتج أيضا ذوبان الثلوج وتناقص وجودها وسمكها في القطبين خلال العقود الأخيرة، فتحدث زيادة في الكوارث الناجمة عن الظروف المناخية والبيئية حول العالم، ومن ذلك أيضا انتشار وتوسع الأمراض المعدية مثل الملاريا والإيدز وجنون البقر وأنفلونزا الطيور وغيرها·
المصدر: دبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©