الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

نافذة على القلب نزهة السفر

نافذة على القلب نزهة السفر
11 أغسطس 2007 01:27
عاد السفر ليذهب بك بعيداً، كعنفوان بات بطعم التنزه الجميل، كالحلم الآتي تماماً، ياترى هل للسفر تأويل وفضاء جميل أم إفرازات زمنية فتحولات مكانية، أولاً يمكن تحديد ملامح حقيقية للسفر، أحياناً يترك لمحض المصادفات! وأحايين أخر يلعب زمن المعلوماتية دوراً مهماً نحو برمجة النزهة، كلا حسب تطلعه، أو هكذا تحسب الأيام، لتذهب بعيداً عن وطن جميل يعشش بالذاكرة، وبالروح همساً لحبيبة شتت الأيام بينكما! وعاد السفر لها مكاناً في الروح!! اذا أنت أمام أطياف من التوهج الحالم تماماً، ها أنت أب لكل الأطفال، فكلما تسمع ''بابا'' تهب مجيباً نعم، لكنها ضوضاء السفر تستمد من لغة الطفولة صوتاً لا يتجزأ !! فتضحك من شدة البلاهة، حسب أطفالك لم ينبس أحدهم بحرف!! تختلج لنفسك حيزاً بعيداً، كون السفر بيئة تستمدها من ملامح البلد القادم إليها على الدوام، فما زلت تعجب من أشياء، وترفض أخرى لكنك تبقى على هدوئك كمسافر يقرأ كل السطور المطرزة بالرؤى!! فمن لا تهواه طبيعة بلد كألمانيا! أو من لا تسلبه مدينة خلابة تزخر بالماء والهواء النقي، فميونيخ أرض البحيرات أو هكذا تسمى على لحن اللغة الألمانية التي تعتبر خليطاً من لغات أوروبية عدة! لغة من سماتها أنها تزخر بكم هائل من الحروف، لربما كلمة واحدة قد تشكل أسطولاً من الحروف، أما الكلمات المتدوالة فيقال إنها تمت تجزئتها ما أمكن!!· فمن اللغة المنهمرة كنهر ''إيزر'' إلى المطر المتيم بالأرض، فيقبلها باليوم الواحد تسعاً وتسعين قبلة، فميونيخ عاصمة لمقاطعة بفاريا، بوابة الجنوب والمتصلة بالريف السويسري من ناحية ومن الشمال التشيك، أما النمسا فتشكل لها امتداداً خرافياً من البحيرات المتعانقة مع رتل جبال الألب، تلك التي تشكل نضارة واستشراقاً بعبق الجنة، كأن موزارت لايزال يقلب نوتة موسيقاه ليطرب السماء لكي تمطر، أو هكذا تشعرك المسطحات الخضراء والأنهار بأن تكتب بحرية إبداعية، فكل جانب من جوانب الحياة يدغدغ مسامات التفكير، فمن لايفكر بعظمة الخالق حين يرى سلسلة جبال الألب وهي واقفة بطريقة حلزونية كأنها تداعب السحب فتمتص من رحيقها صفو تلك القطرات المطرية، أكسير الحياة المتناغم مع روعة الطبيعة! تختلج الرؤية طريقك أمام توغل الطبيعة في الروح، نهج آخر في مسار الأسر، توغل بأحضان الجبال، وفي مدارها المرتفع، نكهة إنسانية في بلورة شيء آخر حقيقي ينم عن فكر الإنسان وإبداعاته، وعلمه الذي حين يطرب لحياة يمكن أن يصبح بديعاً وجميلاً، فمن الصعب أن يصدق أن هذه الأرض الجميلة كانت مداراً للحروب، لكن مخلفات الحروب ليست كلها تواصلاً من الألم والشتات، فهناك مرجعية الانفتاح على الآخر، وهناك الاستفادة من الجيوش في صنع الحباة مع إشراق آخر، فقد لا يلمسه أحد إلا من يتوغل قليلاً بالتاريخ، وممن ينبش قليلاً بعمق المغارات التي كانت تستوعب مئات الجنود ولعدة أشهر!! إنها مفارقة حقيقية ما بين الماضي الأليم وتجليات الحاضر!!· لقد أعطى الحراك الإنساني على الدوام تلك الطبيعة نكهة الحياة، فكم ستصاب بالجمود المخيف لولا ذلك الحراك وتلك هي الحقيقة، فالإنسان بمفاهيم عصره يريد كل شيء بما يصبو إليه!! بإبداعاته مد إليها جسور الحياة وتمتع بنسماتها واكتسى بروعة الطبيعة الخلابة! فهذا هو الإنسان حين يسخر علمه وعمله للسلم، فكم يجني من ثمار وكنوز الأرض! لكن من خلال هذه الزيارة اكتشف أن الحضارة إذا لم تكتسب الروح تبدو خاوية، وتبدو ناقصة إذا لم تستمد سلوكها من وحي حقيقي ومرجعية دينية تلبسها وقار ودفء الروح مع الفكر اللامحدود!! فالصفة الحضارية ما هي إلا مضامين فإذا ما فقدت جزءاً قد تبدو مشوهة!!!! amarat_h@hotmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©