كندا تدخل حلبة الصراع حول ملكية القطب الشمالي

قليلة هي الأماكن من سطح الأرض التي لا يمتلكها أحد· ومنها القارة القطبية الشمالية التي أعلن الاتحاد السوفييتي قبل أيام عن حقه في امتلاكها· وما لبثت كندا أن صعّدت الخلاف حول الموضوع يوم الاثنين الماضي عندما أعلنت أن ملكية القارة هي حق شرعي لها، وفضّلت أن تعمد إلى إقرار نوع من الأمر الواقع عندما قام رئيس وزرائها ستيفن هاربر بزيارة إلى المنطقة تمتد لثلاثة أيام عقب الإعلان الروسي مباشرة· وكان الروس قرروا تنصيب علم بلادهم فوق جليد النقطة المركزية للقطب· ويذكر أيضاً أن كلاً من الولايات المتحدة والنرويج والدنمارك تشترك في الصراع الدائر حول الموارد الطبيعية الضخمة لهذه المنطقة العذراء من العالم· ولعل الغريب في الأمر أن العوامل الطبيعية هي السبب المباشر لاندلاع هذا الصراع· فلقد أدى المعدل المتسارع لتسخّن جو الأرض إلى تزايد سرعة ذوبان الجليد مما أدى إلى كشف ممرات بحرية جديدة ذات قيمة تجارية كبيرة يمكنها أن تعوّض عن استخدام الممرات التقليدية بين الشرق والغرب كقناة السويس أو قناة بنما· وبيّنت بحوث أجريت في أعالي المناطق الشمالية للأرض أن الممرات البحرية الجديدة سوف تقصّر مسافة الرحلة البحرية بين أميركا الشمالية وآسيا بنحو 6500 كيلومتر عن الممر البحري التقليدي عن طريق قناة بنما· ومن جهة أخرى، أدى تراجع الصفائح الجليدية القطبية نتيجة تسخّن الجو إلى كشف مساحات شاسعة من الأراضي الخصبة العامرة بالموارد الطبيعية· وأشار تقرير نشرته صحيفة ''فاينانشيال تايمز'' إلى أن أحدث الدراسات أثبتت أن القطب الشمالي يضم ما يقرب من 25 بالمئة من المخزون العالمي غير المكتشف من النفط الخام والغاز الطبيعي· ونقل التقرير عن ديمتري ساوداس، الناطق الرسمي باسم الرئيس هاربر قوله: ''إن لحكومتنا اهتماما كبيرا بمشكلة القطب الشمالي· وإذا كان الروس قد آثروا إرسال غواصة لمجرد تنصيب علم بلادهم الصغير هناك، فلقد بادرنا بإرسال رئيس وزرائنا شخصياً لإثبات حقوقنا في تلك المنطقة''· ومنذ انكشفت نوايا الروس حول الموضوع الشهر الماضي، تعرّض هاربر لضغوط كبيرة للتصدي لهذه النوايا· وكان هاربر قد قال عقب اندلاع النزاع: ''أمام كندا العديد من الخيارات عندما يتعلق الأمر بدفاعها عن حقوقها السيادية على القارة القطبية الشمالية· وأعلن هاربر أيضاً عن خطط لإنفاق ما يقرب من 3,8 مليار دولار لبناء ثمان سفن حربية كاسحة للجليد يمكنها اختراق معظم الصفائح الجليدية التي تغطي تلك المناطق النائية للدفاع عن سيادة كندا عليها· وبدأت الحكومة الكندية بدراسة أفضل الأماكن لإقامة أول ميناء بحري تجاري هناك، وربما يقع الاختيار على جزيرة (هانز) التي تقع على الممر الشمالي الغربي للقطب· ووفقاً لأحدث الدراسات فإن القطب الشمالي يختزن مليارات الأطنان من الرواسب والتكوينات الجيولوجية النفطية التي تتزايد عمليات الوصول إليها سهولة مع ذوبان المزيد من الطبقات الجليدية التي تعلو الصفائح القطبية· ولقد أصبح استثمار هذه الآبار عملياً من وجهة النظر الاقتصادية بسبب الارتفاع الكبير الذي شهدته أسعار النفط مؤخراً·