الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

اعتذارات الحملة الانتخابية

19 مارس 2008 01:34
من طبيعة الحملات الانتخابية الأميركية أن تميل مما هو غير متوقع تماما إلى ما لا يمكن التفكير فيه تماما، غير أن الأحداث الأخيرة في السباق الرئاسي ينبغي وضعها ربما تحت عنوان: ''مع أصدقاءٍ مثل هؤلاء''، فبحلول الجمعة الماضي، كان جميع المتنافسين الرئاسيين الثلاثة قد اضطروا إلى الاعتذار عما صدر عن مؤيدين مهمين ومعروفين من آراء وتصريحات مهينة ومستفزة، كان ''جون ماكين'' الأول في ذلك، عندما تبين أن لأحد القساوسة الإنجيليين -كان ماكين قد سعى حثيثا للحصول على تأييده- آراءً ومواقف مثيرة للجدل، فقد كان ''جون هاجي'' -واعظ ديني تلفزيوني مشهور من ولاية تكساس- يقول: إن الكنيسة الكاثوليكية هي ''عاهرة بابل'' (رمز الشر في المعتقد المسيحي)، وهو ما دفع ''ماكين'' -خوفا على أصوات ''الكاثوليك'' ربما- ليقول لوكالة ''أسوشييتد بريس'' للأنباء: ''أتبرأ من أي تصريحات، بما في ذلك تصريحات هاجي، إن هي كانت معادية للكاثوليك أو مهينة لهم''! كانت ''هيلاري رودهام كلينتون'' التالية، عندما قالت نائبتها ''جيرالدين فيرارو'' لمحاوِرها: ''لو كان أوباما رجلا أبيض، لما وصل إلى هذا الوضع''، قدمت ''هيلاري'' اعتذارات مختلفة قبل أن تقول يوم الأربعاء صراحة -بعد أن استقالت فيرارو من اللجنة المالية للحملة- ''الأكيد أنني أتبرأ من ذلك''· جاء الدور ؟الخميس الماضي- على ''أوباما'' حين بدأت مقاطع من شريط فيديو لعظات دينية للقس ''جريميا إي· رايت جونيور'' -القس المتقاعد لكنيسة شيكاغو التي ينتمي إليها السيناتور، ''كنيسة الثالوث المتحدة للمسيح''- تنتشر بعد تقريرٍ لإحدى الشبكات التلفزيونية· في إحدى هذه العظات قال ''رايت جونيور'': ''ليبارك الله أميركا''، لا، لا ، لا، لتخسأ أميركا···''، وقال في عظة أخرى، إن هجمات الحادي عشر من سبتمبر هي عاقبة استعمال الأسلحة النووية ضد اليابان وعاقبة الدعم الأميركي ''لإرهاب الدولة ضد الفلسطينيين والجنوب أفريقيين السود''، وعلى إثر ذلك، قال ''أوباما'' -الذي حاول في سياقات أخرى تشبيه رايت بعمٍ مسن وغريب الأطوار بعض الشيء- إن تصريحات القس هي نتيجة ''عملية انتقائية'' لعظات القس الكثيرة؛ غير أنه بحلول يوم الجمعة، بدأ ''أوباما'' وفريق حملته يدركون أن ارتباطه بـ''برايت'' إشكالي وينطوي على مخاطر كثيرة، أكثر من مخاطر ارتباط ''ماكين'' و''هيلاري''، خاصة وأن مقاطع شريط الفيديو لعظات ''رايت'' المستفِزة كانت تحت دائرة ضوء وسائل الإعلام الجديدة كشبكة الإنترنت وبرامج الكابل الإخبارية والبرامج الحوارية الإذاعية للجناح اليميني· علاوة على ذلك، إن من شأن كلام ''رايت'' أن يضرب الأميركيين البيض بقوة خاصة، ذلك أن كل مدينة أميركية كبيرة تتوفر على قس أسود مثل ''رايت'' أو أكثر لخلط نظريات المؤامرة التي يقول بها الجناح اليساري، والخطاب الذي يركز على أفريقيا، وما تبقى من خطاب حركة ''قوة السود''، تُلقى على نحو لا يترك مجالا كبيرا للتأويل، لتصبح بذلك شيئا خطيرا حين تُسمع لأول مرة· ثم هناك حقيقة أنه إذا كان ''هاجي'' و''فيرارو'' لاعبين صغيرين في حملتيهما، فإن ''رايت'' ليس شخصية عادية في حياة ''أوباما''، فقد ازداد تدين ''اوباما'' نتيجة تأثره بعظات ''رايت''، كما أن ''أوباما'' كان قد صرح من قبل بأنه يستشير ''رايت'' قبل اتخاذ قرارات سياسية مهمة، بيد أن سيناتور إيلينوي سياسي حذق، وقد أدرك جيدا أنه لا بد لزوبعة في الإنترنت من رد في الإنترنت، وهكذا، قام في وقت متأخر من يوم الجمعة بنشر موقع شخصي على الشبكة وصف فيه تصريحات ''رايت'' بـ''المستفزة'' و''المثيرة للاشمئزاز''، وتابع يقول: ''إنني أختلف بشدة مع التصريحات التي أثارت هذا الجدل وأندد بها، وأشجب أي تصريحات تنتقص من بلدنا العظيم أو تساهم في تقسيمنا وفصلنا عن حلفائنا· كما أعتقد أيضا أن الكلمات التي تحط من شأن الأفراد لا مكان لها في حوارنا العام، سواء كان ذلك خلال الحملة الانتخابية أو على المنابر''· وهكذا، يُظهر أوباما مرة أخرى مدى فهمه لحقيقة أن الكثير من جاذبية حملته إنما يقوم على القدرة على التحدث حول العرق والتضامن الاجتماعي بطريقة جديدة، وعلى جعل التغيير والأمل موجودين في العقل السياسي الأميركي مرة أخرى، إنه يعلم أن لا أحد سيتبعك إلى عهد جديد إذا اشتبهوا في أنك تحمل حقائب نتنة وقديمة· تيم روتن كاتب ومحلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©