الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

العراق··· النجاح في دولة موحدة

العراق··· النجاح في دولة موحدة
19 مارس 2008 01:32
بطء وتيرة التقدم، وتقلص العنف هما أبرز ظاهرتين في العراق اليوم في الذكرى الخامسة لاحتلالــه، والسؤال الذي يخطر على أذهان الكثيرين في الوقت الراهن هو: كيف ستبدو المحصلـــة النهائيــة في العراق، أو كيف ستنتهي حرب العراق؟· قد تنتهي حرب العراق بسيناريو من السيناريوهين التالييـــن: السيناريو الأول: اقتسام الشيعة والسنة والأكراد -على مضض- للسلطة والثروة، وفي هذه الحالة قد ينخفض العنف المنسوب للقاعدة، ولكنه لن يختفي، وستضطر الولايات المتحدة إلى البقاء للإشراف على الحالة الأمنية، وستحتاج في هذه الحالة إلى ما بين 30 إلى 50 ألف جندي أميركي يتمركزون هناك لسنوات وربما لعقود· أما السيناريو الثاني: انقسام العراق وعودة العنف الطائفي الذي كان سائدا عام 2006 مضاعفا مرتين· بعد خمس سنوات من احتلال العراق، فإن هذين السيناريوهين يمثلان السيناريو الأفضل والسيناريو الأسوأ الذي قد تواجهما الولايات المتحدة في هذا البلد، ومن بين العناصر التي قد تتحكم في تحديد أي السيناريوهين هو الذي سيتبلور، طول المدة التي ستبقى فيها الولايات المتحدة منخرطة في هذا الصراع المكلف والطويل الأمد· فمن المعروف أن رؤية إدارة ''بوش'' المبدئية، وهي أن العراق بعد تحريره من قبضة صدام حسين سيتحول إلى واحة للديمقراطية قد ثبت أنها متفائلة أكثر من اللازم، حيث أن ما حدث بالفعل هو أن العراق تحول لدولة هشة، ومصدرا للضعف الاستراتيجي، وعامل استنزاف للموارد الأميركية· ومن أخطاء التقدير الفادحة التي ارتكبتها الإدارة الأميركية عجزها عن التنبؤ بالطريقة التي سيتصرف بها الشعب العراقي بمجرد تحريره من قبضة صدام، فعندما حدث ذلك، انقسم الشعب العراقي إلى مجموعات عرقية ودينية انخرطت فيما بينها في صراع دامٍ، كلف العراق خسائر بشرية ومادية فادحة، وأكثر التوقعات تفاؤلا ترى أن التنافس بين الشيعة والسنة والأكراد على النفوذ السياسي والاقتصادي في البلاد، سوف يستمر لسنوات طويلة· وترى طائفة من المحللين الأميركيين، أن هدف الولايات المتحدة في العراق في هذه النقطة من الزمن ليس هو إحراز نصر كبير وإنما تجنب الهزيمة فقط· بعد خمس سنوات من اندلاع الحرب في هذا البلد لا تزال الولايات المتحدة، تجهل ما إذا كان الأكراد يريدون دولة خاصة بهم أم لا؟! وما إذا كان الشيعة سيسمحون بمشاركة حقيقية للغير في الحكومة المركزية؟، وما إذا ما كان السنة قد تخلوا فعلا عن أحلامهم في السيطرة على الحكم مجددا أم لا؟· وإيران هي الدولة المرشحة للاستفادة أكثر من غيرها من الوضع الحالي في العراق، باعتبارها دولة جارة لهذا البلد، وأكبر دولة شيعية في المنطقة وترتبط بروابط وثيقة بالحكومة التي يسيطر عليها الشيعة في العراق الآن بعد إطاحة صدام الذي خاض ضدها واحدة من أكثر الحروب شراسة في القرن الحادي والعشرين· يقول المحللون الإيرانيون إن ذلـــك لا يعني أن إيران تريد أن يظل العراق ضعيفا، وغير مستقر، بل إن العكس تماما هو الصحيح، يوافق هذه الرؤية ''أمير محبيان'' -المحرر السياسي لصحيفة ''رسالات'' التي تصدر في طهران- بقوله: ''خلال السنوات الخمس القادمة، يجب أن يكون العراق موحدا تحت حكومة شيعية، ومحررا من القوات الأميركية، ومرتبطا بعلاقات طيبة مع إيران وأن يكون أكثر أمنا مما هو عليه الآن''، والرؤية الاستراتيجية لإيران تعتمد على تعزيز النفوذ الإيراني وإلى بقاء القوات الأميركية موحولة في طين العراق، ومشلولة إقليميا بسبب سياساتها المؤيدة لإسرائيل· إلى الشمال من العراق، تقع تركيا التي ترى أن وجود عراق مستقر سيكون في مصلحتها، لأن انقســـام العراق وفقـــا لخطوط إثنية، سوف يشجع الأكراد الذين يعيشون فيها على السعي للانضمام إلى أكراد العراق من أجل إنشاء كردستان الكبرى وهو ما يمثل سيناريو كابوسيا لأنقره· أما تبني العراق لنظام فيدرالي، حتى مع تفويض قدر كبير من السلطة والصلاحيات خارج بغداد، فإنه أمر تراه تركيا مناسبا لها طالما التزم الأكراد بعدم توفير الملاذ أو تقديم المساعدات لمتمردي حزب العمال الكردستاني· أما المسؤولون العراقيون أنفسهم، فهم يقولون إن كل ما يحتاجونـــه هو بعض الوقت حتى يتمكنوا من تحديد طريقهم الخاص نحو الديمقراطية، وتطوير القوات العراقية القادرة على تأمين البــــلاد، حول هذه النقطة يقول الفريق أول ''نصير العبادي'' -نائب رئيس أركان القوات المسلحة العراقية- : ''إن العراق يشبه قطعة من القماش تمزقت وتحتاج إلى بعض الوقت حتى يمكن تجميع نسيجها من جديد''· وإذا مــا أخذنـــا كافــــة هـــذه العوامـــل فــي الاعتبار، فإننا يمكن أن نعّرف النجاح في العراق في الوقت الراهن، بأنه يعني وجود دولة موحدة لا توفر ملاذا للمقاتلين الإسلاميين، وتسيطر عليها حكومــة مستقرة لا تخضع لنفـــوذ دولة أجنبيـــة مثل إيران، وهــــو ما يحتــــاج في نظر الخبراء الأميركيين إلى فترة تتراوح مابين 3 إلى 5 سنوات، وإلى استبقـــاء عـــدد كبير من الجنـــود (ما بين 30 إلى 40 ألفا) لمدة تتراوح ما بين 25-50 عاما في البلاد، للحيلولــــة دون اندلاع القتال بين الطوائف العراقية المتناحرة مجددا ولحمايــــة الدولة من الأعـــداء الخارجيين· لقد نشرت الولايات المتحدة قوات لها في ألمانيا واليابان لمدة 63 عاما، وفي كوريا الجنوبية لمدة 57 عاما، والسؤال الذي يخطر على أذهان الكثيرين في الوقت الراهن هو: هل سيحتاج العراق إلى التزام مماثل بنشر قوات أميركية لمدة طويلة قد تصل -كما في تلك البلدان- لعقود؟ بيتر جريير محرر الشؤون الخارجية ينشر بترتيب خاص مع خدمة كريستيان ساينس مونيتور
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©