الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الانسحاب الأميركي من العراق.. مهمة عسكرية معقدة

الانسحاب الأميركي من العراق.. مهمة عسكرية معقدة
8 أغسطس 2007 01:07
يريد بعض المشرعين في الكونجرس وعدد متزايد من الأميركيين أن تشرع إدارة بوش في سحب القوات من العراق؛ غير أنه حتى في حال صدر قرار بسحب الـ160000 جندي الموجودين هناك غداً، فإن عدداً من المسؤولين العسكريين السابقين الذين سبق لهم أن أشرفوا على عمليات انسحاب مماثلة، يرون أن الأمر قد يستغرق ما قد يصل إلى 18 شهراً· والواقع أن القوات الأميركية ستغادر العراق عاجلاً أو آجلاً؛ غير أن هذا القرار السياسي يجب أن يأخذ في الحسبان الاعتبارات اللوجستية للانسحاب العسكري، والذي لن يكون -حسب المسؤولين العسكريين السابقين- بسيطاً ولا متسرعاً· ذلك أنه خلافاً لعمليات الانسحاب الأخرى، كتلك التي تمت في السعودية مثلاً بعد حرب الخليج الأولى، فإنه من المتوقع أن يتربص المتمردون والإرهابيون وغيرهم بالقوات الأميركية أثناء خروجها· وفي هذا الإطار، يقول الجنرال المتقاعد ''ويليام باجونيس''، الذي أشرف على عملية انسحاب نحو نصف مليون جندي أميركي ومئات الآلاف من قطع المعدات العسكرية من السعودية في 1991 على مدى سبعة أشهر: ''من المستحيل أن يسحبوا ذاك الكم الهائل بالسرعة التي يعتقدها الجميع''· ومع ذلك، يرى ''باجونيس'' أن على الولايات المتحدة أن تبدأ في سحب قواتها قريباً - ولكن من دون الإعلان عن جدول زمني- متوقعاً أن تستغرق عملية سحب الجزء الأعظم منها ما قد يصل إلى 18 شهراً· يختلف معنى الانسحاب من شخص الى آخر؛ فإدارة بوش مثلاً قد تدفع باتجاه الحصول على مزيد من الوقت، ثم تبدأ انسحاباً تدريجياً العام المقبل، غير أن ذلك كله يتوقف على المنحى الذي ستنحوه الحرب خلال الأشهر القليلة المقبلة· أما ''الديمقراطيون'' في الكونجرس، والذين عجزوا حتى الآن عن وقف تطبيق استراتيجية زيادة القوات في العراق، فقد يستطيعون مع ذلك الدفع باتجاه سحب أسرع للقوات· ولئن كان معظم المراقبين متفقين بشأن احتمال أن تظل ''قوة متبقية'' غير معروفة الحجم في العراق لبعض الوقت، فإنه من الواضح أن الانسحاب، سواء كان كاملاً أو جزئياً، موجود في الوعي والعقل الجماعي للكونجرس· فيوم الخميس، استمع أعضاء لجنة القوات المسلحة التابعة لمجلس الشيوخ ملخصاً من مسؤولي ''البنتاجون'' حول مخطط الانسحاب الذي أعدته وزارة الدفاع، وذلك بعد التجاذب العمومي بين هيلاري كلينتون عضو مجلس الشيوخ عن ولاية نيويورك والبنتاجون حول المسألة· وقد رفضت هيلاري كلينتون، المرشحة الرئاسية التي تتفوق على بقية المرشحين ''الديمقراطيين'' حسب استطلاعات الرأي، الإدلاء بتصريح حول فحوى الملخص إذ قالت:''لم يكن لدينا مخطط ذكي للدخول''، مضيفة ''ولكننا سنبذل كل ما في وسعنا حتى يكون لدينا مخطط ذكي للخروج''· بيد أن المسؤولين العسكريين السابقين يحذرون من أن تنفيذ أي مخطط ذكي يتطلب الوقت· فعندما انتهت حرب الخليج الأولى مثلاً، نُظمت رحلات جوية لنقل 5000 جندي يومياً، وكانت المعدات تنظَّف جيداً تماشيا مع القوانين الأميركية، وتطلب الأمر ما يعادل حمولة 400 سفينة لسحب جميع المعدات· صحيح أن الولايات المتحدة لا تتوفر اليوم في المنطقة سوى على نحو ثلث ما كانت تتوفر عليه من معدات ورجال بالمنطقة في ،1990 كما يقول ''باجونيس''؛ ومع ذلك، فإنه يتوقع أن تكون المغادرة أصعب وأكثر تعقيداً من انسحاب ·1991 وفي هذا السياق، يقول ''باري ماكافري''، الجنرال المتقاعد ومستشار وزارة الدفاع: ''من الممكن، بل من المرجح أن تحاول إيران، من بين أطراف أخرى، أن تذلنا أثناء الانسحاب· ولذلك، فعلينا أن نخطط لعملية انسحاب قتالية''· أما لو قررت إدارة بوش أن تترك معظم المعدات والمرافق العسكرية في العراق، فيمكن سحب القوات على مدى ثلاثة أشهر ونيف· ولكن من الأفضل بالنسبة للقوات الأميركية عندما تدق ساعة الانسحاب - يقول ''ماكافري''، الذي لا يؤيد انسحاباً أميركياً اليوم- أن تقوم بانسحاب تدريجي على مدى عام أو نحو ذلك· وسواء كانت سريعة أم بطيئة، فإن المغادرة تطرح تحديات كثيرة بالنسبة للمخططين· فمن بين الخيارات المطروحة، سحب معظم القوات بالطريقة نفسها التي دخلت بها، أي عبر الكويت، وهو ما يقلص عدد القوات اللازمة لتنفيذ مهام الحراسة والمراقبة في حالة الانسحاب القتالي· والحال أن حشد القوات في منطقة واحدة -يقول القادة العسكريون السابقون- يجعلها هشة وفي موقف ضعيف· وفي هذا الإطار، يحكي ضابط عسكري شارك في حرب الخليج الأولى، كان نقيباً وقتها، أنه انتظر في السعودية ستة أسابيع من أجل العودة إلى الوطن؛ حيث تحمل وزملاؤه قرب نفاد مؤونتهم، واضطرارهم إلى الانتقال إلى مخيمات مختلفة، والانتظار الطويل من دون فعل أي شيء· ويقول هذا الضابط العسكري، الذي يعمل في الكونجرس وطلب عدم نشر اسمه نظراً لحساسية وظيفته:''لقد كان الجميع يعلم أن الانسحاب إلى الوطن سيتطلب بعض الوقت لأننا كنا كثيرين''· وبالمقابل، يرى آخرون أنه من الأفضل استعمال تركيا والأردن، إضافة إلى الكويت، كنقاط خروج· ورغم أن هذا الأمر سيتطلب عدداً أكبر من القوات من أجل مهام المراقبة والحراسة، فإنه سيتيح خروجاً منظماً و''منسقاً''· الواقع أن عدداً من الجنود الأميركيين سيضطرون ربما للبقاء في العراق، غير أن عددهم يعتمد على الوضع الأمني وكمية المعدات التي سيتم تركها· وفي هذا السياق، يقول الجنرال المتقاعد ''بول إيتون''، الذي كانت آخر مهمة له في مشواره العسكري تدريب الجيش العراقي الجديد: ''إننا لن نخفض قواتنا من 160000 جندي إلى 0 جندي؛ وإنما سنخفض قواتنا من 160000 إلى قوة قادرة على مواصلة تطوير قوات الأمن العراقية وتوفير الأمن (الأميركي)''· أما الضابط العسكري الذي يعمل في الكونجرس اليوم، فيتوقع أن يكون الانسحاب الأميركي من العراق صعباً ومعقداً ومضنياً إذ يقول: ''إنه أكثر من مجرد تصريح سياسي يقول صاحبه ''لقد قررنا أن نغادر''· محرر الشؤون الخارجية في كريستيان ساينس مونيتور ينشر بترتيب خاص مع خدمة كريستيان ساينس مونيتور
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©