الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

محافظات الجنوب العراقي.. ومؤشرات الانفصال

محافظات الجنوب العراقي.. ومؤشرات الانفصال
7 أغسطس 2007 03:47
حينما فصلت محافظة النجف محطتها الكهربائية من الشبكة العامة العراقية في الأسبوع الماضي، فإنها أرادت بذلك أن تبعث برسالة احتجاج إقليمي على انعدام العدالة في توزيع الكهرباء لشتى محافظات العراق، بقدر ما أرادت تأكيد ذاتيتها وقدراتها الخاصة بين محافظات الجنوب، خاصة وأن المزيد من هذه المحافظات يحاول الإفلات من قبضة حكومية مركزية أصابها الشلل التام جراء النزاعات السياسية التي تنخر عظمها· وهناك عدة رؤى وتصورات لتوحيد المحافظات الجنوبية هذه، بدأت تتشكل الآن· وفي مقدمة الجهات القائدة لهذا الاتجاه الداعي لتحقيق قدر من الاستقلال الذاتي الإقليمي، ''المجلس الأعلى للثورة الاسلامية في العراق''، وهو من أقوى الأحزاب الشيعية في جنوبي العراق· غير أن نحواً من 45 زعيماً من زعماء العشائر في محافظة النجف، وقعوا اتفاقاً خاصاً بهم الأسبوع الماضي، على وثيقة تقضي بإنشاء حكومة مستقلة ذاتياً للمحافظات الجنوبية الموحدة· وبصرف النظر عن الطرف الذي سيكتب الفوز بتحقيق هذه الرؤية في نهاية المطاف، فإن المؤكد أن العاصمة بغداد تواجه تحدياً كبيراً وعلى قدر من الخطورة، لا تقتصر مهدداته على انفصال الجنوب عن الشبكة الوطنية الكهربائية العامة فحسب، وإنما تطال عائدات الموانئ والحقول النفطية الجنوبية كلها، علاوة على ما يعنيه ذلك من تعميق انقسام البلاد على أساس ديني طائفي· وعلى حد تعليق ''تامر العامري''، المستشار السابق للبرلمان العراقي، والناشط السياسي المستقل حالياً، فإن صيغة الاتحادات الإقليمية ربما تكون هي الحل الأمثل للمشكلات التي يواجهها العراق حالياً· ولكن الخوف كل الخوف أن يكون الاتجاه الذي تسير نحوه محافظات الجنوب، مقدمة فعلية لبدء تقسيم البلاد· ولا يزال يتعين على العراقيين أن يثبتوا قدرتهم على اقتسام السلطة والثروة القومية لبلادهم· وهذا ما يدعو إلى القول إننا لم نتهيأ بعد لتشكيل اتحادات فيدرالية إقليمية· والذي نراه الآن من مؤشرات انفصال في الجنوب العراقي، إنما هو دليل على سعي أي طرف من أطراف النزاع للحصول على نصيب الأسد من القسمة العراقية· وفي تفسيره لإقدام محافظة النجف على فصل تيارها الكهربائي عن الشبكة القومية الأسبوع الماضي، قال ''أحمد دويبل''، وهو أحد الناطقين المحليين باسم المحافظة، إن ذلك لم يحدث إلا نتيجة لشعور المسؤولين المحليين بعدم حصول محافظتهم على نصيبها العادل من الطاقة الكهربائية· ومضى للاستطراد الصريح: فقد كانوا يخدعوننا بحيث يتعذر علينا الحصول مطلقاً على نصيبنا الفعلي من الطاقة، الأمر الذي يقلل كثيراً من مكانة النجف باعتبارها مزاراً دينياً مهماً ومقراً للمرجعيات الشيعية· ولذلك فقد قررنا فصل تيارنا الكهربائي بما يحقق مصلحة المحافظة وأهلها، من دون أن نعتبر ذلك تمرداً من جانبنا على الحكومة المركزية في بغداد· وأضاف أن المحافظة لا تزال على استعداد لفتح المفتاح الرئيسي لمحطتها، وهو المفتاح الذي يربطها بالوحدة المركزية الرئيسية، فيما لو أبدت بغداد استعداداً من جانبها للتصدي لتظلمات المحافظات والمناطق الإقليمية من ضعف الحصة المخصصة لها فعلياً من الطاقة· غير أن مراقباً محلياً خبيراً وعارفاً بمجريات الأمور داخل أروقة السلطات المحلية، قال معلقاً إن تلك الخطوة إنما تأتي في سياق مسعى أوسع، يهدف إلى ضم النجف إلى اتحاد الجنوب العراقي· يذكر أن المحافظات الأخرى التي ربما يشملها هذا الاتحاد هي: بابل، البصرة، ذي قار، الديوانية التي تعرف باسم القادسية أيضاً، ثم كربلاء وميسان ومثنى ومحافظة واسط· يضاف أن عمار الحكيم، نجل عبد العزيز الحكيم، زعيم ''المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق''، قد نشط خلال الأسبوع الماضي في قيادة حملة شعبية واسعة النطاق، تستهدف استقطاب الدعم الشعبي للمشروع الرامي إلى توحيد المحافظات الجنوبية المذكورة· وخلال مخاطبته لأحد المواكب الشعبية هذه، قال عمار الحكيم إن إنشاء المناطق المستقلة ذاتياً، يعد أحد أهم الأركان التي تقوم عليها فكرة العراق الجديد· كان ذلك في مخاطبة موكب شعبي حاشد في مدينة النجف، أقيم في التاسع عشر من يوليو المنصرم، بمناسبة إحياء ذكرى مقتل عمه محمد باقر الصدر في شهر أغسطس من عام ،2003 في المدينة نفسها· وجاء في خطاب عمار الحكيم: إني أدعوكم لأن تستعدوا من الآن لتشكيل الاتحاد الإقليمي لجنوبي بغداد، خلال الفترة التي حددها البرلمان· وفي الحادي والعشرين من الشهر نفسه، كرر الحكيم النداء ذاته أثناء مخاطبته لموكب شعبي آخر في العاصمة بغداد· يذكر أن الجمعية الوطنية، كانت قد أجازت تشريعاً مثيراً للجدل في أكتوبر من عام ،2006 نص على وضع الخطوط والأطر العامة التي تنشأ بموجبها المناطق الإقليمية العراقية· وكانت جماعات سنية وشيعية مناوئة لـ'' المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق''، قد اعترضت على ذلك القانون، من بينها حزب ''الفضيلة'' وحركة القائد الشيعي مقتدى الصدر، واصفين إياه بأنه يمهد عملياً لتقسيم العراق· وبموجب نصوص القانون العراقي، فقد منحت الأقاليم سلطات واسعة، بما فيها إقرار دستورها الخاص ومباشرة السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية، وكذلك تنظيم وإدارة قواتها الأمنية الخاصة، فضلاً عن إرسال بعثاتها الخارجية، كجزء من البعثات الدبلوماسية العراقية· وبموجب نصوص الدستور، تكون للتشريعات الإقليمية أسبقية على التشريعات الوطنية في حال نشوء نزاع أو تعارض بين أحكامها· بيد أن هذه السلطات، أضحت محل نزاع بين شتى الأطراف، في التعديلات الدستورية المزمع إجراؤها حالياً· ذلك هو ما صرح به شيخ همام حمودي، رئيس لجنة التعديلات الدستورية في البرلمان العراقي· وبدلاً من تلك الرؤية التي يتبناها ''المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق''، وقع الزعماء العشائريون في كل من محافظات البصرة وذي قار والديوانية وميسان والمثنى على اتفاق مغاير في مدينة النجف، يهدف إلى تبني نظام الحكم الذاتي لمنطقة الجنوب العراقي الموحد· ومضوا أكثر من ذلك إلى انتخاب رئيس لهذه الحكومة، فضلاً عن الإعلان عن خطط تهدف لإنشاء كيان تشريعي، يتألف من 130 شيخاً وخبيراً· وبالنسبة لواشنطن، فقد ارتفعت فيها مؤخراً الأصوات الداعية إلى تقسيم العراق على أساس طائفي ديني عرقي، خاصة أصوات المؤسسات البحثية التي تقوم عليها عملية اتخاذ القرارات وصنع السياسات، التي رأت في هذا التقسيم حلاً وحيداً مفضياً إلى تحقيق الأمن والسلام في العراق· وهذا هو ما خطا نحوه الجنوب العراقي خطوات حثيثة وصامتة في الآونة الأخيرة، على حد تعليق الشيخ جلال الدين الصغير، العضو البرلماني البارز، وعضو المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق''، الحزب المؤيد للخطة البديلة الواردة آنفاً· وعلى رغم وصف جلال الدين الصغير للمشروع الإقليمي الذي يتبناه حزبه بكونه على قدر كبير من الأهمية الاستراتيجية لمنطقة جنوبي بغداد، فإن المشروع يواجه عدة عقبات واعتراضات عليه· فهناك مقتدى الصدر الذي لا يزال يحظى بشعبية كبيرة هناك، على رغم الضعف الذي ألم بحزبه وبمليشيات جيش المهدي التابعة له· وهناك حزب ''الفضيلة''، الذي يثير اعتراضاته الخاصة على المشروع، باعتباره مشروعاً إقصائياً على حد تعبيره· مراسل صحيفة كريستيان ساينس مونيتور في بغداد ينشر بترتيب خاص مع خدمة كريستيان ساينس مونيتور
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©