الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الطراز المغربي يترجم جماليات العمارة الإسلامية بسحرها الفريد

الطراز المغربي يترجم جماليات العمارة الإسلامية بسحرها الفريد
7 فبراير 2012
الطراز المغربي وجه من وجوه الفن الاسلامي، وهو يظهر بكل عنفوانه وجاذبيته في ردهات المنتجعات، حيث تجدد فصول الروايات التراثية، التي تكاد لا تغيب عن ذهن المرء وحنينه الدائم، في أن يرتمي في حضن البيئة التراثية الشرقية الغنية بالمنمنمات، الذي أبدع فيه المعماري المسلم ليقدم لوحة فنية غاية في الدقة والبراعة والثراء، المعقودة بلغة الصبر والمهارة العالية، وهو يشق بأنامله أروع النقوش والزخارف الفنية، التي تستجلب معاني الحركة والاستمرارية في خطوطها وأشكالها المتمثلة في الايقاع الحسي البصري المستلهم من مفاهيم المعتقد الإسلامي. هذا النمط من الطراز المعماري الذي يحمل في طياته فلسفة خاصة، تستوقفنا أمام روعة هذه العمارة، المدموغة بالفن الاسلامي الذي لا يزال يتجلى سحره في نمط الطراز المغربي، ويرسم به ملامح منتجع ميرامار العقة المطل على الساحل الشرقي الدافئ المحاط بسلسلة من الجبال المرتفعة كخلفية طبيعية ساحرة، تعبر عن كل معاني التأمل والتفكر، وتدعو إلى الانغماس في الاسترخاء والهدوء في ثناياه. نعم.. تفنن المصممون في تزيين هذا المشروع الذي يعد محطة غاية في الجمال لكل من يرغب أن يقتحم بوابة الفن الاسلامي ويعيش في ثناياه ويتعرف على خصائصه. منمنمات زخرفية هذه الروح المعمارية الاسلامية تتجلى بكل تفاصيلها في منتجع ميرامار ليستمتع الزوار بعبقرية الفنانين الاوائل الذي استطاعوا أن يحولوا مساحات الجدران الصامتة إلى فراغات متشحة بالحيوية والنشاط في منمنماتها الدقيقة. وبدا من هندسة البناء الخارجي الذي يزخر بالاقواس والعقود والكوات والزخارف المفرغة الموزعة على واجهة المدخل الرئيسي، والمؤكدة لشخصية الطراز ونمطه، أسلوبا فريدا يظهر بشكل قوي وواضح في بهو الاستقبال، حيث تتنوع هذه الزخارف والنقوش التي جلبت من وحي عناصر الطبيعة، النباتية منها، والهندسية والعناصر الكتابية والمقرنصات والعقود، حيث نجد المنمنمات الزخرفية النباتية التي كان يستخدم فيها الجذع والاوراق لتكوين زخارف تمتاز بالتكرار والتناظر والتقابل وتبدو عليها مسحة هندسية من خلال دقتها. أما العناصر الهندسية والتي تعد من أغنى العناصر الزخرفية في الفن الاسلامي، فهي تولد من خلال تشابك الزوايا كالدوائر المتجاورة والجدائل والخطوط المنكسرة وأشكال المربع والمثلث والمربع والمعين والمخمس والمسدس المتعددة الأضلاع، والتي تعتمد أساسا على الدوائر وأقطارها التي تقطعها إلى خطوط مكونة أشكالاً نجمية. لوحات جدارية أما المقرنصات والعقود وهي عبارة عن تجاويف ومثلثات منحنية، فقد استخدمت في بناء القباب حيث تم تقسيم المثلثات إلى عدة أجزاء صغيرة ما لبثت أن تطورت وتعقدت أشكالها حتى وصلت إلى شكل المقرنصات الزخرفية. واستخدمت لتزين أسفل القباب والزوايا والاركان والمداخل وفتحات الابواب والنوافذ والتيجان والأعمدة، التي وزعت على أطراف المداخل المؤدي إلى فراغات المنتجع، وتتوسط المكان نافورة جاءت على شكل سداسي بزواياه الحادة ليعيد بث الطاقة الايجابية مع تدفق الماء وعودته، ويمنح الاحساس بالتجديد والراحة لمرتادي المكان. وكثيرا ما تحاكي الخطوط والاشكال التي ازدانت بها الارضيات، إضافة إلى تفاصيل الأسقف، التي حملت ثريات من الاضاءات الشرقية «الفوانيس»، والتي اعتمدت فن التفريغ في صناعتها، ما أثمر عن إبداعات تميزت بالثراء والجمال من حيث التنوع الزخرفي والموضوعي وخلق علاقة بين الخط الزخرفي والفراغ. والميزة الجمالية في الفـوانيس، عدا أشكالها التي تمثل تحفة ثرية، وما يزيدها توهجا وثراء، هي الانارة المنبعثة من الفتحات الزخرفية والتي تعكس لوحة فنية على الجدران، وعلى الأسقف فتزيد من روعة المكان وإطلالته الساحرة. وبذلك جاءت هذه الفوانيس كتشكيلات فنية مختلفة موزعة على حلقة دائرية واسعة مسلطة إنارتها على مياه النافورة لتزيدها توهجاً وجمالًا. كما وزعت قطع من الفوانيس بأحجام مختلفة على زوايا النافورة. وقد علق في الأقواس عدد من هذه الانارة لإضاءتها. وافترشت الأرضيات بقطع الرخام الأسود تزينها بعض الخطوط باللون الفاتح ليرسم به ممرا طوليا من المدخل وليشق طريقه إلى أن يصل إلى بوابة الردهة الأخرى من المنتجع. جماليات العمارة الإسلامية على جانبي أرضية هذا الممر أدخل خشب الباركيه ليعيد التوازن في المكان مضيفا شعورا بالدفء، كما وزعت عليه عدد من الارائك والكنبات بطريقة متوازنة تتوسطها منضدة مربعة الشكل قليلة الارتفاع تعلوها أبجورة نحاسية، وقد كسي الجزء السفي من الأعمدة العريضة التي احتضنت هذه الجلسات، بالخشب المزخرف، يعلو هذه الجلسات الملتحفة باللون الماروني والأصفر، سقف مقوس الشكل. فيما تنقلنا الردهة الاخرى على أرضية رخامية رملية اللون وتزينها قطع من الرخام الغامق وهو «الدارك برادور»، فيما كسيت الجدران بالألوان الترابية لتعكس مفهوم النمط المغربي الذي تسلل بأريحية تامة في أروقة المكان. وليظهر التناغم والتمازج في مفردات المكان وعناصره. وقد وزع في الكوات وهي بمثابة الفراغات التي في الحوائط، عدد من اللوحات الفنية الإسلامية، مسلط عليها عدد من الاضاءات لتبرز جمالها وهي في الفراغ. فمفردات المكان تدعو الزائر إلى أن يتوقف عندها ليتحسس جماليات العمارة الاسلامية ويطلع على أروع ما صممه الفنانون من أعمال شاهدة على عظمة الحضارة الاسلامية. توازن وانسجام ظلت الغرف تسير على وتيرة البساطة والهدوء، بألوانها الترابية التي مزجت بقطع الاثاث الخشبي والذي حفر بزخارف بسيطة على رأس السرير والتسريحة وأبواب الدولاب، في حين طغى اللون السادة على مجمل تفاصيل المكان، من حيث الأرضيات، والجدران وغطاء السرير، والستائر، والارائك التي حلت في زاوية الغرفة لتتوسطها منضدة خشبية دائرة الشكل تحمل قطعة من الرخام «ليت برادور»، الموشح بعروق فاتحة اللون، فيما ظلت الأسقف خالية تماما من أي زخارف أو نقوش ليتحقق على أثره التوازن والانسجام في روح المكان وتفاصيله. إطلالة فريدة لم تخرج عن الإضاءات مهمتها ووظيفتها في جعل المكان محطة للاسترخاء والراحة. حيث شغلت عددا من الابجورات الموزعة على كل منضدة خشبية ذات سطح رخامي قابعة على جانبي السرير، وإضاءة مسلطة شغلت أركان الغرف. وما يمنح المكان جمالية أكثر هي الإطلالة الفريدة من خلال فتحة الشرفة الواسعة التي تأخذ المرء إلى الطبيعة الساحرة التي تتمتع بها المنطقة الجبلية.
المصدر: دبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©