الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

حرب الطرق!

6 أغسطس 2007 03:59
لنفترض أن 245000 أميركي قُتلوا في هجمات إرهابية منذ الحادي عشر من سبتمبر ·2001 لا شك أن الولايات المتحدة ستكون في هذه الحالة في منتهى الغضب وتحت ضغط الإحساس بحالة الطوارئ· أما الزعماء السياسيون، فلن يتحدثوا عن أمر آخر، وسيكون الجيش الأميركي في حالة تأهب قصوى؛ وسيتعهد البيت الأبيض بأنه لن يهدأ له بال حتى يتم استئصال الخطر المحدق بالأميركيين من جذوره· والحال أن 245000 أميركي لقوا مصرعهم بسبب تهديد واحد منذ الحادي عشر من سبتمبر، ولا يبدو أن أحداً يكترث لهذا الأمر· فلئن كانت مأساة الـ3 آلاف شخص الذين قضوا في الحادي عشر من سبتمبر، قد بررت شن حربين قدَّم فيهما آلاف الجنود الأميركيين التضحيات الجسام، فإن مأساة الـ245000 روح التي أزهقت جراء حوادث سير على طرق الولايات المتحدة خلال الفترة نفسها لم يُثر أي رد فعل تقريباً· إذ يستأثر الإرهاب باهتمام الصحف يومياً تقريباً، في حين أنه قلما تأتي وسائل الإعلام على ذكر قتلى حوادث السير· فقبيل أيام، مثلاً، أعلنت ''الإدارة الوطنية للسلامة المرورية على الطرق السريعة'' أن 42642 أميركيا توفوا في عام 2006 بسبب حوادث السير· فهل سمع أحد منكم هذا الخبر من أي وسيلة إعلامية؟ الحقيقة أن هذه الظاهرة لا تقتصر على الولايات المتحدة، بل هي ظاهرة عالمية· إذ تمثل حوادث السير السبب الأسرع نمواً للوفيات في العالم· واللافت أننا سمعنا عن فيروس انفلوانزا الطيور (H5N1) الذي أودى بحياة 192 شخصاً عبر العالم منذ أن تم اكتشافه قبل خمس سنوات، أكثر مما سمعنا عن الـ6 ملايين شخص الذين توفوا جراء حوادث السير خلال الفترة نفسها· فالعام الماضي وحده شهد وفاة 1,2 مليون شخص على طرق العالم، مقابل نحو 100000 قتيل بسبب الحروب· ونتيجة لذلك، يُعتقد أن العقد الماضي وللمرة الأولى في التاريخ تشكلت فيه الطرق خطراً أكبر على البشر مقارنة بالاقتتال· ويعرف الرخاء العالمي نمواً سريعاً، وهو ما يعني أن ملكية السيارات على الصعيد العالمي في نمو سريع، والواقع أنهما أمران جيدان، غير أنهما يعنيان أيضاً أن عدد الوفيات بسبب حوادث السير في ارتفاع أيضاً· إذ تبدو الوفيات الناجمة عن ''حرب الطرق'' على الصعيد العالمي أشبه بالوباء، حيث ترتفع في معظم البلدان، مع تذبذبات قوية على صعيد محلي· ويتدخل في تصورنا لهذه الأخطار عاملان· أما الأول فهو الفرق الجوهري بين الضرر بسبب الحوادث والضرر بسبب العمل المتعمَّد· في حين يتمثل العامل الثاني في الافتراض الغريب للمجتمع الذي يرى أنه لا يمكن تفادي الوفيات الناتجة عن حوادث السير· والحال أنه باتخاذ تدابير معينة، فإننا نستطيع الحد من ضحايا حوادث السير؛ ذلك أن من شأن تبني قوانين تحدد قوة محركات السيارات والتطبيق الجاد للقوانين التي تزجر السائقين الذين يستعملون الهاتف المتحرك أثناء السياقة··· أن تنقذ آلاف الأرواح سنوياً· وعلاوة على ذلك، فمن شأن إصلاحات من هذا القبيل أن تدخر مليارات الدولارات التي تضيع بسبب الخسائر الاقتصادية، وتؤثر إيجاباً على رقم آخر من الأرقام المرتبطة بأخطار الطريق والذي لا يتحدث عنه أحد، ألا وهو الـ2,6 مليون أميركي الذين جُرحوا جراء حوادث السير العام الماضي· على أن من شأن تدابير أخرى، مثل الأضواء التحذيرية التي تشتعل لدى مرور الراجلين من الممرات الخاصة بهم، أن تساهم في تقليص عدد ضحايا حوادث السير في الولايات المتحدة· كما أن من شأن عدد من التدابير أن تقلل عدد ضحايا الحوادث في البلدان النامية· إننا نتفق جميعاً في أميركا على أن مقتل، ولو شخص واحد، بسبب الإرهاب، لا يمكن التساهل بشأنه؛ فلماذا نتساهل في مقتل عشرات الآلاف بسبب حوادث السير؟ زميل مؤسسة بروكينجز، ومؤلف كتاب مفارقة التقدم ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©