الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مسلمو إسبانيا··· ومساجد تغص بمصليها

مسلمو إسبانيا··· ومساجد تغص بمصليها
18 مارس 2008 02:22
بينما كان وقت صلاة الجمعة يقترب في يوم شديد البرودة، والرجال يتجهون صوب المسجد المقام في ''الشارع الشمالي''، كان ''حسين قويطن'' يفتح أبواب المسجد الحديدية الضخمة تمهيدا لاستقبال المصلين، والسيد ''قويطن'' هو نائب رئيس ''اتحاد الجمعية الإسلامية للاتحاد والتعاون في مدينة ''ليدا'' الصغيرة المزدهرة الواقعة في شمال شرق إسبانيا، والتي تشتهر بمبانيها العتيقة، والمحاطة ببساتين الفواكه التي تجتذب العمال المهاجرين للعمل فيها، كما يشرف في نفس الوقت على شؤون المسجد الذي يؤمه المهاجرون المسلمون المقيمون في المدينة، والذي يقول عنه: ''مقارنة بغيره من دور العبادة، فإن ذلك الجراج المعدل بشكل ساذج يحتاج إلى الكثير حتى يمكن لنا أن نطلق عليه اسم مسجد''· إن قاعة الصلاة -الشديدة البرودة شتاء والخانقة الحرارة صيفا التي يشرف عليها السيد ''قويطن'' -عادة ما تمتلئ تماما بالمصلين وخصوصا أثناء صلاة الجمعة، التي يحضرها في الوقت الراهن ما لا يقل عن ألف مصل -لم يكن هذا العدد يتجاوز 50 مصليا منذ خمس سنوات فقط- لا تتسع لهم القاعة، ويضطر معظمهم لإقامة الصلاة خارجها في معظم الأحيان· نقص المساجد في الكثير من المدن الإسبانية يرجع في الأساس إلى نقص الموارد المالية المتاحة، وإلى المعارضة التي تبديها المجتمعات المحلية التي تنظر بارتياب لثقافة الغرباء، يقول ''محمد هلهول'' -المتحدث باسم مجلس المسلمين في مقاطعة ''كاتالونيا'' التي يعيش فيها ربع عدد المسلمين المهاجرين إلى إسبانيا، والتي تضم مدينة ''ليدا'' التي لا يوجد بها مساجد بمعنى الكلمة-: ''إن المسجد يمثل بوصلة، ونقطة ارتكاز، ومرجعا للمسلمين هنا''، فمن المعروف أن المسلمين قد حكموا إسبانيا لعدة قرون، وإنهم عندما تعرضوا للهزيمة في النهاية في القرن الخامس عشر، فإن مساجدهم، تركت على حالها حتى تحولت إلى أطلال بفعل الزمن، أو جرى تحويلها إلى كنائس، ومنذ ذلك الحين لم يُبن في إسبانيا سوى عدد من المساجد الجديدة، لم يتجاوز عشرة مساجد فقط لخدمة السكان المسلمين في إسبانيا، الذين ازداد عددهم خلال العشر سنوات الماضية، حتى وصل إلى مليون نسمة، وهي زيادة تزامنت مع انخفاض عدد المسيحيين الكاثوليك الإسبان الذين يترددون على الكنائس، وقد أدى ذلك إلى إثارة ذكريات التنافس التاريخي بين الدينين المسيحي والإسلامي مجددا، وهو ذلك التنافس الذي كان قد انتهى بانتصار الملك الكاثوليكي ''فرديناند'' وزوجته ''إيزابيلا'' على آخر حكام المسلمين في إسبانيا عام ،1492 الوضــع اختلف الآن في إسبانيا، ففي الوقت الذي تجاهد فيه الكنيسة لاجتذاب المصلين الكاثوليك الذين يتضاءل عددهم باستمرار وإعادتهم مرة أخرى إلى الكنيسة، فإن مساجد المسلمين وقاعات صلاتهم تغص بالمصلين· وما يحدث في مدينة'' ليدا'' يعتبر نموذجا لذلك، ففيها تقوم كاتدرائيتها المبنية في القرن الثالث عشر على قمة تل حصين، يشرف على سهول خضراء، تنتج نصف محصول إسبانيا من الكمثرى والتفاح، اجتذبت طوفان من المهاجرين للعمل فيها، يشكلون في الوقت الراهن خمس العدد الإجمالي لسكانها البالغ عددهم 125 ألف نسمة، وقد واجهت محاولة تجهيز قاعة الصلاة في الشارع الشمالي معارضة منذ البداية، حيث حاول سكان المدينة الإسبان استئجار الجراج منذ البداية حتى لا يقوم المسلمون بتحويله إلى مكان للعبادة، ولكنهم تراجعوا عن ذلك بعد أن بدأ مالك الجراج في استغلال الوضع من أجل الحصول على أكبر إيجار ممكن، وهو ما دفع هؤلاء السكان إلى تقديم شكوى للمجلس المحلي لإجبار المالك على إغلاق قاعة الصلاة المقامة في الجراج على أساس أنها تشكل خطرا صحيا وأمنيا، ويتهم الإسبان المسلمون بأنهم لا يريدون الاندماج في المجتمع الإسباني، ويصرون على أن تكون لهم أنديتهم، ومحلاتهم، ومطاعمهم الخاصة، كما يضمون في صفوفهم العديد من الراديكاليين· غير أن قادة المسلمين هناك يؤكدون أن عدم توفير دور العبادة الملائمة، يعتبر من ضمن العوائق التي تحول دون اندماج المسلمين في المجتمع الإسباني، وأن مراقبة المتطرفين والراديكاليين ستكون أسهل في المساجد الكبيرة عنها في المساجد الصغيرة وقاعات العبادة، التي يبلغ عددهــا في الوقت الراهن 600 قاعة تنتشر في مختلف أنحاء البـــلاد· ويعتقد بعض زعماء المسلمين أن منارات المساجد قد تعود مجددا لترتفع في الآفاق الإسبانية كما كان الحــال في الماضي، وأن مدينة ''ليدا'' على وجه التحديد، قد تصبح هي أول مدينة في مقاطعة ''كتالونيا'' يتم فيها بناء مسجد، وذلك على إثر الاتفاق الذي توصل إليه بين الجمعية الإسلامية والمجلس المحلي للمدينة في شهر ديسمبر الماضي، كما أن هناك عدة جاليات إسلامية على وشك التوصل إلى اتفاقيات مماثلة، ففي مدينة ''أشبيلية'' الجنوبية على سبيل المثال أصبح المسلمون على وشك الحصول على قطعة من الأرض لبناء مسجد بعد سنوات من معارضة السكان المحليين، بل ومعارضة بعض قساوسة الكنيسة الكاثوليكية· ولكن موقف عمدة مدينة ''ليدا'' يختلف عن موقف مواطنيه حيث يرحب ببناء المسجد بقوله:'' لقد اعتدنا أن تكون ديانتنا المسيحية الكاثوليكية هي الغالبة، ولكن الزمن تغير، وأصبح لدينا العديد من المهاجرين الذين ينتمون إلى ديانات مختلفة، وهي حقيقة يجب علينا احترامها''· فيكتوريا بيرنيت محررة بالشؤون الخارجية ينشر بترتيب خاص مع خدمة نيويورك تايمز
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©