الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«زايد الزراعي» يوظف قدرات المعاقين مستعيناً ببرنامج الأمم المتحدة الإنمائي

«زايد الزراعي» يوظف قدرات المعاقين مستعيناً ببرنامج الأمم المتحدة الإنمائي
5 فبراير 2011 19:44
يعدّ مركز زايد الزراعي للتنمية والتأهيل، التابع لمؤسسة زايد العليا للرعاية الإنسانية، صرحاً إنسانياً وتعليمياً مهماً بالنسبة لفئة المعاقين إذ يحتضن في قلبه العديد من أصحاب الإعاقة العقلية ويعلمهم مهناً مختلفة، من شأنها أن تحسّن قدراتهم الذهنية وتعزّز ثقتهم بأنفسهم وتحّولهم إلى أشخاص منتجين وفاعلين في المجتمع. ينشغل إبراهيم، الذي يعمل في قسم الصيانة بمركز زايد الزراعي للتنمية والتأهيل، بقصّ الأسلاك وربطها ببعضها بعضاً بهدف إصلاح السياج الحديدي المحيط بحظيرة الحيوانات، فيما أنهى زميله عيسى صيانة وإعادة تشغيل إحدى الدراجات الموجودة في المركز والتي تعرضت لعطل أوقفها عن العمل. أما في وحدة الإنتاج الحيواني فيتسابق المنتسبون على إطعام الحيوانات وإرضاع المواليد الجدد من الأغنام، والحال نفسه ينطبق على مشتل الزهور حيث يبادرون إلى وضع السماد والماء على الزهور الصفراء. هدف ورسالة تحسن كبير طرأ على الحالة الذهنية والنفسية للمعاقين الذين انضموا لمركز زايد الزراعي، كما يؤكد المهندس محمد العريفي، مدير المركز. ويضيف أن تدريبهم على أعمال مختلفة وانخراطهم في العمل قد غيرّ أشياء كثيرة في حياة المنتسبين وكذلك غيرّ في حياة أسرهم، إذ أصبح المعاق منتجاً بدل أن يكون عالة على أسرته الأمر الذي رفع من معنوياته كثيراً، وأشعره بأن له هدفاً ورسالة في المجتمع، فضلا عن زيادة ثقته بنفسه وتقديره لها. وعن أقسام المركز، يقول العريفي إنه يهتم بتشغيل وتدريب المعاقين في المجال الزراعي، ومجال الإنتاج الحيواني، وكذلك في مجال الميكنة الزراعية، موضحا أن قسم الإنتاج الزراعي يتم فيه زراعة العديد من الخضراوات العضوية مثل الطماطم والباذنجان والكوسا والفليفلة بألوانها والخيار والملفوف وغيرها من الخضراوات سواء داخل البيوت المحمية، أو خارجها، فضلا عن زراعة الزهور، في حين تتم تربية بعض أنواع الحيوانات وتصنيع منتجات الألبان والأجبان في قسم الإنتاج الحيواني، بالإضافة إلى إنتاج الدواجن، والذي أنشأ حديثاً، حيث يتم فيه الاستفادة من لحوم الدجاج وبيضه أيضا. ويتم في قسم المكننة الزراعية، وفق العريفي، تدريب الملتحقين بالمركز على إجراء جميع عمليات الصيانة للمعدات الزراعية التي تخدم المزرعة أو المركز، وكذلك إجراء عمليات صيانة لشبكات الريّ ومضخات المياه، لافتا في الوقت نفسه، إلى أن جميع العمليات السابقة تقوم وفق منهاج دراسي واضح يقوم على إعطاء المعلومات العلمية والتجربة العملية. اختبار قدرات يقول العريفي إنه يوجد في المركز حاليا 52 منتسباً يأتون من مناطق أبوظبي المختلفة، يبدأ دوامهم من الساعة الثامنة صباحا ويستمر حتى الساعة الواحدة والنصف ظهرا، موضحاً أن جميع الحالات التي تم تحويلها إلى المركز هي حالات تعاني من الإعاقة الذهنية، تم اختيارها وفقاً لاختبارات معيّنة في القدرات عن طريق لجنة خاصة تقيّم قدراتهم وصلاحيتهم للعمل في المركز الزراعي. ويشير إلى أن ثمة مشاريع قادمة في المركز قد تفتح المجال لانضمام إعاقات أخرى في المركز مستقبلًا. وحول مشروع الدواجن، الذي افتتح في المركز حديثا، يوضح العريفي أنه تم فيه إدخال نظم حديثة في تجهيز الموقع الخاص بالإنتاج وفق أفضل الأساليب العالمية، وذلك لإنتاج بيض عضوي خالٍ من المواد الكيماوية، شبيهة بالمنتوجات الزراعية التي تزرع في المركز، وهي حاصلة على شهادات من وزارة البيئة والزراعة ويتم تسويقها داخل أسواق الدولة المختلفة سواء الخاصة أو الحكومية، مضيفا أن الطلب على منتجات المركز في ازدياد وأن جميع الإنتاج يتم تسويقه أولاً بأول، ولذلك يسعى المركز حاليا للتوسع في الإنتاج حتى يغطي حاجة السوق من المنتجات. خطان متوازيان ويلفت إلى أن الطلاب المنتسبين للمركز يتقاضون مكافآت مالية شهرية تؤمن مصاريفهم الشخصية، أما الدخل الناتج عن التسويق فيخدم فتح مشاريع جديدة تسخر لخدمة المنتسبين، مضيفا أن توجهات الإدارة حرصت على أن يكون الدوام اليومي مثل الموظفين الأسوياء في المجتمع، وتحرص الإدارة على تسلم الرواتب من قبل المنتسبين شخصياً ومن البنك مباشرة من أجل الاختلاط بالمجتمع، وهي بالمناسبة رواتب مالية تسدّ احتياجاتهم الأساسية، وهنالك آلية لمراقبة المصروفات من الحساب عن طريق الأسرة والمؤسسة. حول المنهاج الذي يسير عليه المركز، يوضح العريفي أنه يعمل ضمن خطين متوازيين: التدريب وفق منهاج دراسي مناسب للتنمية الفكرية مع ما يدرس ويطبق على الواقع أي علمي وعملي، لافتا إلى وحود تنسيق مع بعض الجهات العلمية في الدولة لمحاولة تدريب بعض الطلاب في هذه المؤسسات العلمية بهدف الحصول على شهادات علمية لهم في نفس المجال، حيث إن البعض منهم لديه قدرات تؤهله لاتخاذ مثل هذه الخطوات، وقد طرأ تحسن كبير على تفكيرهم وسلوكهم. ويؤكد أن المركز الزراعي يعدّ الأول من نوعه في العالم، حيث يوظف قدرات المعاقين باستخدام النظم الزراعية الحديثة والاستعانة ببرنامج الأمم المتحدة الإنمائي بهدف تدريبهم على أصول ومهارات المهن الزراعية وإكسابهم استقلالية مهنية تمكنهم من العيش والاعتماد على النفس، لافتا إلى أن المركز أنشئ عام 1994 بتوجيهات سامية من المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله، ثم انتقلت تبعيته إلى مؤسسة زايد العليا للرعاية الإنسانية، حيث يلقى كل الدعم والرعاية من إدارة المؤسسة في ظل صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، وبمتابعة حثيثة من الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة. أوقات مفيدة من جهة أخرى، تحدث بعض المنتسبين لـ”الاتحاد” عن طبيعة عملهم في المركز، حيث يفيد إبراهيم البلوشي، يعمل في ورشة الصيانة والتصليح، أنه قام بتصليح السياج السلكي المحيط بقسم الإنتاج الحيواني، في حين قام زميله عيسى المنصوري بعمل صيانة للدراجة الموجودة في القسم. ويقول محمد خوري، الذي انتسب إلى المركز منذ نحو سنة، إنه يعمل في القسم الزراعي ومن خلاله تعلم كيفية الاهتمام بالزهور عن طريق وضع السماد، مضيفاً أنه يشعر بالسعادة بوجوده في المركز حيث يقضي أوقاتاً ممتعة ومفيدة في نفس الوقت. ويشير عمر الزعابي، منتسب للمركز منذ 3 سنوات، إلى أنه يسقي الزهور بالماء ويعتني بها، مضيفا أنه سعيد بما يقوم به من أعمال خاصة وأنها سهلة ولا تتطلب مجهود كبير، كما يبدي سعادته بوجوده في المركز فهذا، على حدّ قوله، أفضل من الجلوس في البيت، ففيه يتعرف إلى العديد من الأشخاص ويكوّن معهم الصداقات. يلفت جابر المرزوقي، الذي قضى أكثر من 5 سنوات في المركز، إلى أنه يحمد الله على وجوده في المركز الزراعي حيث تعلّم فيه العديد من الأشياء، مضيفا أنه يقوم بخلط الرمل مع السماد ثم يضيف لهما مادة بيضاء يضعها على النبتة لحمايتها وحفظها من تكوّن البكتيريا. ويعبرّ المرزوقي، بلغته الخاصة، عن سعادته بحصوله على راتب شهري، قائلا إنه يعطي هذا المعاش إلى والدته التي تقوم بشراء ما يلزمه من احتياجات. إلى ذلك، يقول سيف الظاهري، منتسب جديد للمركز، إنه يقوم بمساعدة المهندس في إطعام الماعز العلف المصنع والتمر والرودس الأخضر والشعير، كما أنه يحمل الأكياس ويفرغها حيث يعتبر العمل ليس صعباً، مصيفاً أنه بفضل هذا العمل تمكن من الزواج وفتح بيتاً وقد رزق مؤخرا بطفلة أسماها “روضة”، فيما يعمل خالد الكثيري مع المهندس نادر في قسم الإنتاج الحيواني، حيث يطعم الحيوانات العلف، موضحا أنه سعيد بالراتب الذي يتقاضاه، ويشير إلى أنه يستعد للذهاب إلى البنك وسحب الراتب. احتياجات المعاقين تقول مريم القبيسي، رئيس قطاع ذوي الاحتياجات الخاصة “تحويل المركز إلى مزرعة وبيئة تعليمية تتناسب مع احتياجات المعاقين تهدف إلى إثبات الذات وتعزيز ثقتهم بنفسهم وكذلك دمجهم في المجتمع”، لافتة إلى أن الإدارة حرصت على أن تكون المنتجات خالية من المواد العضوية أي تتم زراعتها في بيئة طبيعية، كما حرصت المشاركة الاجتماعية من خلال بيع وتصدير المنتجات إلى الأسواق. وتشيد القبيسي بالدعم الكبير الذي توليه سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، أم الإمارات، لتطوير هذه المزرعة ودفعها للأمام، دون أن تغفل دور صندوق خليفة الذي شارك بدعمه موضوع الزراعة بدون مواد عضوية. أمن وسلامة يقع مركز زايد للتنمية والتأهيل على بعد 50 كيلومتراً من مدينة أبوظبي إلى الشرق من مدينة بني ياس وتبلغ مساحته الإجمالية 4 .11 هكتار. وشيّد بداخله 12 بيتاً محمياً تمّت زيادتها إلى 20 بيتاً في مرحلة لاحقة تستخدم في إنتاج العديد من المنتجات الزراعية، إلى جانب الأراضي الزراعية المفتوحة، وأقيم بالمركز خزان للمياه يستوعب نصف مليون جالون مياه. ويقدّم المركز جميع التسهيلات التي تمكّن الملتحقين به من الإقبال على ممارسة الأنشطة المهنية المختلفة الخاصة بالزراعة والإنتاج الحيواني، ويعمل فيه المهندسون الزراعيون على مرافقة الطلاب ميدانياً والعمل معهم على تطبيق الأساليب الزراعية في الأراضي المفتوحة، كما يقدم جميع التسهيلات التي تمكن الطلاب من ممارسة النشاط في ظروف اجتماعية مناسبة، ويستفيد الملتحقون به من برامج الرعاية الاجتماعية بوجود اختصاصي اجتماعي، إضافة إلى توفير المواصلات المجانية من وإلى المركز، وتقديم الملابس والأحذية والقفازات والكمامات الواقية مع صرف وجبتي طعام يوميا.
المصدر: بني ياس
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©