الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

قطار الزمن

18 مارس 2008 02:15
مع مرور الأيام يثقل كاهل الإنسان وتزداد أعباؤه الحياتية، فبمجيء الأبناء وتكاثر أعدادهم ينسى المرء نفسه وينشغل بتربية أبنائه وتعليمهم والسهر على راحتهم، ويشتعل الرأس منهم شيبا ويذوب لأجلهم الفؤاد وينفطر لخاطرهم الكبد، كي تقر عيناه مستقبلا بشبابهم وإنجازاتهم الواقعية فيتباهى بين البشر بنفسه وبهم منتظرا سماع كلمات تخلى لأجلها عن ربيع شبابه الزاهر متمثلة بالمديح والثناء على حسن تربيته لهم· تلك هي سنة الحياة التي جبلنا على معرفتها، فتراها تقذف بالمرء وسط أمواجها المتلاطمة ومحيطها الرحب، كي يسبح مع تيار البشر أو ضده ليكون له حرية الاختيار، فإما أن يحظى بلذة الانتصار أو أن يكسر فتذروه الرياح بعيدا عن الظفر بالحياة· ويستمر قطار الحياة بالدوران والرقي على يد الإنسان، ففي كل يوم من أيامنا الفانية تتجدد الأفكار، ويبدع العلماء باكتشافاتهم واختراعاتهم من أجل القطار وروعته، ويبقى الإنسان مجتهدا في كسب قوته، يحصد الأموال اللازمة لإعانته على الحياة وشرورها، فأوزار الوجود ثقيلة وطلبات المنزل عديدة وأعباء التربية كثيرة، وعلى هذا المسكين الإنسان أن يوفرها لنفسه وزوجه وعياله· تمر الأيام عليك أيها الإنسان، تخلص لكدحك وتتفانى لإخلاصك، فينبع منك الاجتهاد، وتمضي السنوات دون الانتباه لحق نفسك عليك، متناسيا غفلتك التي أبعدتك عن أعز الناس لديك، أولئك الذين أفنوا حياتهم لأجلك، أمك وأبيك، فقد كانوا كما كنت شمعة احترقت لتنير الدرب لغيرك· لذا وقبل أن يفوتك أيها الإنسان قطار الزمن، أعد حساباتك من جديد، وأطلق للاستمتاع بحياتك العنان، واجنح بخيالك، وتأمل سيرة من سبقك في هذه الحياة، وفكر مليا في حق نفسك على نفسك، ولا تشغل نفسك بهموم غيرك فتغفل عن حقوق نفسك، فالنفس عزيزة كما تعرف، وتيقن بأنك لن تطيل البقاء على متن قطار الزمن، فقد يحين موعد الوقوف في أي لحظة إلى ذلك العالم الذي نسيته لانشغالك بآلام الحياة وقسوتها· محمد خميس السويدي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©