الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

التسريبات من «إيلسبيرج» إلى «سنودن»

28 فبراير 2017 23:48
وصف هنري كسينجر- حين كان مستشار الأمن القومي للرئيس ريتشارد نيكسون- دانيال إيلسبيرج بأنه «أخطر رجل في أميركا». وإيلسبيرج هو ضابط الجيش السابق الذي سرب «وثائق البنتاجون» السرية بشأن حرب فيتنام إلى صحيفة نيويورك تايمز، وهو العمل الذي غيّر مسار التاريخ. وبعد ما يقرب من خمسة عقود على نشر قصة وثائق البنتاجون عام 1971 التي كشفت التاريخ السري لحرب فيتنام، لم يتوقف «إيلسبيرج» عن إثارة المتاعب. فقد صرّح في جامعة جورج تاون في وقت سابق هذا الشهر أن «شيئاً ما مماثلاً لوثائق البنتاجون يجب أن يظهر عدة مرات في العام». وجاء تصريح «إيلسبيرج» في لقاء مع الصحفي والباحث «سانفورد أونجار»، الذي نظم منتدى على مدار يومين بعنوان «إرث حرية التعبير: زيارة جديدة لوثائق البنتاجون». ويعتقد إيلسبيرج أن «النظام السري يعمل إلى حد كبير على حجب المعلومات المهمة عن الشعب الأميركي». ويؤكد «إيلسبيرج» أن مثيري المتاعب والمتحدثين عن المخالفات هم أفضل دفاع عن حق الشعب، لكن ليس هناك ما يكفي منهم. و«إيلسبيرج» معجب باثنين من المسربين البارزين وهما تشيلسي مانينج وإدوارد سنودن. وتساءل «هل يكفي ثلاثة من مثيري المتاعب من هذا المستوى في 45 عاماً؟» فقد سربت «مانينج»، وهي محللة سابقة للاستخبارات العسكرية قسطاً كبيراً من المعلومات السرية بما في ذلك مقطع مصور لضربة جوية أميركية تقتل مدنيين عراقيين عبر ويكيليكس. و«مانينج»، التي خضعت لمحاكمة عسكرية قضت في السجن نحو سبع سنوات. وخفف الرئيس أوباما الحكم عليها في أيامه الأخيرة في المنصب، ومن المقرر أن يفرج عنها في مايو المقبل. أما «سنودن»، فهو متعاقد سابق في وكالة الأمن القومي كشف عن عمليات تجسس إلكترونية واسعة النطاق للحكومة على المواطنين الأميركيين. ويعتقد إيلسبيرج أن سنودن لن يعود أبداً إلى الولايات المتحدة. وأمتع «إيلسبيرج الجمهور في جورج تاون بذكرياته عن نيكسون وكسينجر وحكاياته عن عجزه عن استخدام تويتر والأدوات الرقمية الحديثة. وقال: «كنت مضطراً أن أعتمد على زيروكس. لقد استخدمت أحدث تكنولوجيا في زمني». وانتهت قضية الحكومة ضده ببطلان الدعوى مما نجاه من سجن مدى الحياة كان يتوقعه. ويرى إيلسبيرج أننا «عدنا من حيث بدأنا» مع تهديد الرئيس ترامب بمقاضاة مسربي المعلومات الحكومية. وأكد إيلسبيرج: «عدنا إلى نيكسون حيث كنا». وأضاف أن كل الرؤساء يكذبون وكلاً من نيكسون وترامب صرح بأن الرئيس حين يفعل شيئاً ما فإنه يصبح قانونياً لمجرد قيام الرئيس به. وكان نيكسون قد صرح بهذا للصحفي ديفيد فروست في مقابلة تلفزيونية حين كان يشير إلى اقتحام عملاء الحكومة لمكتب الطبيب النفسي لإيلسبيرج في مسعى للعثور على مواد تبتز إيلسبيرج. وذكر «جون إيهرلتشمان» معاون نيكسون لاحقاً أن هذه الجريمة كانت «بذرة فضيحة ووترجيت» التي أدت إلى انسحاب نيكسون من المشهد السياسي في نهاية المطاف، لكن «إيلسبيرج» يتحسر على أن «ما كانت جرائم في عهد نيسكون لم تعد جرائم» بعد قانون «باتريوت» الذي صدر في أعقاب هجمات الحادي عشر من سبتمبر. وقال إيلسبيرج: «حتى قتل الناس أصبح شيئاً يراه أوباما عملاً صائباً» في إشارة إلى اغتيال أنور العولقي المواطن الأميركي والإسلامي المتشدد الذي قتل في ضربة طائرة أميركية بلا طيار في اليمن. ويعتقد «إيلسبيرج» أن ترامب سينجو من مصير نيكسون. ويرى أن ترامب «لو كان يواجه كونجرس يهيمن عليه الديمقراطيون لكان في ورطة كبيرة. ولو كان يواجه كونجرس يهيمن عليه جمهوريون أصحاب أي مبدأ أو ضمير أو شعور بالخزي. لكن هذا غير موجود». وأضاف: «لن تكون هناك مشكلة ويؤسفني قول هذا». ويرى إيلسبيرج أن تسريباته لم تحقق الغرض منها لأن «وثائق البنتاجون لم تقصر أجل الحرب يوماً واحداً»، لكن تسريب «إيلسبيرج» كشف عن تستر الحكومة طويل الأمد على الحال المؤسفة للحرب. لكن الأهم من هذا أن التسريب أرسى سابقة مهمة لحقوق الصحافة، وهي أن الحكومة لا يمكنها منع النشر، وهو ما حاول نيكسون القيام به دون جدوى مع «نيويورك تايمز» و«واشنطن بوست». وما زال «إيلسبيرج» يؤيد ما قام به كما يؤيد تماماً «سنودن» و«مانينج»، لأنهما ألقيا الضوء على خداع ومخالفات الحكومة. ورغم احتمال أن يعرض أمثال هؤلاء المسربين الأمن القومي للخطر وإدانتهم بهذا فهذه المخاطر لم تثبت. وقد حان الآن إلقاء المزيد من الضوء. وقدم إيلسبيرج فكرة مدمرة أخرى وهي أن «مانينج وسنودن وأنا فكرنا في الكلمات نفسها التي سمعت أنهم قالوها وهي: لا أحد آخر سيفعل هذا، لكن يتعين على شخص ما فعله. ولذا فعلتها أنا». *محللة سياسية أميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©