الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الربيع الروسي... يعود من جديد

6 فبراير 2012
على رغم البرد القارص، فقد خرج عشرات الآلاف من الروس في مسيرة إلى ضفة نهر متجمد بالقرب من الكريملن يوم أول من أمس السبت، وهو ما يُظهر تصميمهم على مواصلة الضغط المستمر على رئيس الوزراء بوتين من أجل ضمان نزاهة الانتخابات وصدق حكومته. وبعد شهرين على تأجيج انتخابات برلمانية مطعون فيها لأول حركة احتجاجية مهمة في روسيا منذ أكثر من عقد من الزمن، أظهرت مسيرة السبت الماضي أن المتظاهرين لن يختفوا ولا ينوون التوقف. ومن حيث الحجم، كانت المسيرة بنفس حجم المظاهرتين الكبيرتين اللتين نظمتا في ديسمبر الماضي تقريباً، وقالت الشرطة إن نحو 36 ألف شخص شاركوا فيها، في حين يقول المنظمون إن عدد المشاركين بلغ 120 ألفاً. غير أن المحتجين بدوا أكثر تصميماً مما كانوا عليه في المظاهرتين السابقتين وهاجموا بوتين بحماس كبير، حيث كانت إحدى المجموعات تهتف على شارع بولشايا ياكيمانكا في طريقها إلى ساحة بولوتنايا: "كلما تجمدنا هنا لفترة أطول، كلما سيتجمدون في سيبيريا فترة أكثر طولاً"، في إشارة إلى قيادة البلاد. وقد تجمع المحتجون، الذين ينتمون إلى كل ألوان الطيف السياسي، في أربعة صفوف، الواحد تلو الآخر. في المقدمة مجموعة "الشريط الأبيض"، وهم المحتجون غير السياسيين، ثم يليهم الديمقراطيون الليبراليون، فالقوميون بأعلامهم الإمبريالية الروسية، فالشيوعيون بأعلامهم التي تحمل صورة المطرقة والمنجل. وجاء هذا الترتيب بعد أن تم الاحتكام إلى القرعة. غير أن هذا التمييز بدا أنه لا يزيد الفرق المختلفة إلا حماساً، من دون أن يؤدي إلى شتم أو أعمال عدائية. وفي هذا السياق، قال أحد القوميين ويدعى ألكسندر رازوموف، 31 عاماً: "إننا في حاجة إلى ائتلافات كبيرة ضد بوتين"، مضيفاً "ليس لدينا خيار آخر". وفي الوقت نفسه، أكد ذلك التمييز في الصفوف أيضاً على اختلافاتهم الفلسفية وأثار أسئلة بشأن ما إن كان باستطاعة زعيم منهم الصعود لتوحيدهم وتحدي حكومة بوتين. وقال سيرجي أودالتسوف، زعيم الجبهة اليسارية: "إن السلطة للملايين، وليس للمليونيرات!... ونحن هم الملايين". هذا بينما هتفت مجموعة من الشبان: "ليتنحَّ الشيكيون!" (نسبة إلى شيكا)، مستعملة الاسم الذي يحب ضباط جهاز الاستخبارات السوفييتي "كي. جي. بي"، مثل بوتين، أن يطلقوه على أنفسهم. وفي يوم السبت أيضاً، استهدف محققون حكوميون من جديد المعارضة، التي وضعت ضمان انتخابات نظيفة كأحد مطالبها المركزية، حيث قالت لجنة التحقيقات إن معظم مقاطع الفيديو التي تظهر ما تبدو عمليات غش وتزوير في الانتخابات "مفبركة" في الولايات المتحدة وإنها نشرت وأشيعت عبر "خادم" يوجد في كاليفورنيا، مثلما أفادت وكالة "إنترفاكس" للأنباء، التي أضافت أن الحكومة الروسية مصممة على اكتشاف المسؤول عن ذلك. ولكن إلقاء اللوم على الولايات المتحدة وتحميلها مسؤولية أي شيء يزعجه في روسيا أصبح "ثيمة" بوتين المفضلة. فقبل انتخابات ديسمبر، ألمح بوتين إلى أن المراقب المستقل الوحيد للانتخابات في البلاد يعمل لحساب الولايات المتحدة. وعندما بدأت الاحتجاجات، اتهم وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون بأنها أرسلت إشارة للمعارضة بالخروج إلى الشوارع. يذكر هنا أن أحد المحتجين في مسيرة السبت كان يرفع لافتة كتب عليها: "أشارك بمحض إرادتي". وفي هذه الأثناء، وفي مواجهة التظاهرات الاحتجاجية نظم المؤيدون للكريملن أيضاً تجمعـاً مضـاداً وصفــوه بأنــه مظاهـرة "ضـد- برتقالية" -محاولة لعقد تشبيه بين المعارضة الروسية ومحرضي الثورة البرتقالية لعام 2004 في أوكرانيا، التي كانت ممقوتة من قبل بوتين وحمَّل مسؤوليتها أيضاً لتدخل خارجي. وقد أعلنت قناة "روسيا اليوم" التلفزيونية المملوكة للدولة أن 135 ألف شخص شاركوا في ذلك التجمع، ولكن وكالة "أسوشييتد برس" للأنباء قدرت أن العدد لم يتجاوز 20 ألف شخص. وقال ساشا تروسوفي، وهو طالب في الثالثة والعشرين من عمره، إنه وأصدقاءه أتوا إلى التجمع "لأننا لا نريد تدمير بلدنا". وفي وقت لاحق من يوم السبت، أعلن بوتين أنه سيساهم في دفع الغرامة التي على المنظمين دفعها لأن التجمع كان ناجحاً للغاية إلى درجة أنه فاق الـ 15 ألف مشارك التي يسمح بها ترخيصهم. والواقع أن مكتب البريد استعمل حافلات لنقل العمال إلى التجمع المضاد، كما تم تجنيد المعلمين من نقاط مجاورة. غير أن هنالك معلمة اختارت عدم المشاركة تدعى يوليا كونستانتينوفا، وهي تدرِّس مادة الرياضيات، حيث رفضت طلباً من مديرها وانضمت إلى المسيرة المعارضة لبوتين في ساحة بولوتنايا بدلاً من ذلك. وتقول يوليا: "لقد مللنا وتعبنا من التظاهر بأن كل شيء على ما يرام"، مضيفة "ذلك ليس صحيحاً، لنقلها بصراحة!". هذا وصادف يوم السبت أيضاً الذكرى الثانية والعشرين لمسيرة ضخمة مطالبة بالديمقراطية في ما كان وقتئذ عاصمة الاتحاد السوفييتي، وهي المسيرة التي أدت مباشرة إلى تخلي الحزب الشيوعي عن احتكاره للسلطة. ويوري لوبانوف، الذي كان يبلغ 52 عاماً آنذاك، وكان عالماً بالبرنامج الفضائي السوفييتي، وقد شارك في المظاهرة ذلك اليوم، يقول: "لقد كان ثمة أمل أكبر بكثير وقتئذ، ولكن انظر إلى ما حدث. من كان سيستطيع التنبؤ بأن مجموعة من ضباط الاستخبارات السابقين ستصل إلى الحكم؟ إنني أشعر بالخجل لأنني أعيش في هذا البلد!". وفي مجال تخصصه -الفضاء- منيت روسيا بالفشل تلو الآخر، ويشير "يوري" إلى ذلك باعتباره أحد أعراض الفساد المتفشي على مستوى القمة قائلاً: "لدي أبناء وأحفاد، وأريدهم أن يعيشوا في بلد حر حيث لن يغشهم أحد. والحقيقة أنني لم أتخيل يوماً أنني سأنهي حياتي في مثل هذا الزمن المتردي!". ويل إنجلند وكاثي لالي - موسكو ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيورج نيوز سيرفيس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©