الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

شبح المجازر وأخطاء الليبراليين الأميركيين

29 يوليو 2007 04:17
يعتقد المرشح ''الديمقراطي'' لانتخابات الرئاسة الأميركية المقبلة ''باراك أوباما'' أن منع حدوث مجازر في العراق ليس سبباً كافياً للبقاء هناك، مدافعاً عن رأيه بقوله ''إن بتبني فكرة العمل على تفادي ارتكاب المجازر في العالم فإنه سيكون لدينا اليوم 300 ألف جندي في الكونجو- حيث سقط الملايين من الأشخاص نتيجة الصراع الإثني- غير أننا لم نفعل، ولكننا أيضاً نشرنا قواتنا في السودان وغزونا البلد بسبب ما يجري في دارفور، لكننا لم نفعل· وحتى بالنسبة لهؤلاء الذين يتألمون لما يجري في دارفور عارضوا فكرة التدخل العسكري''· ومع ذلك فمن المهم تذكير المرشح الديمقراطي ''أوباما'' بذلك الاختلاف الجوهري القائم بين احتمال حدوث مجازر في العراق، وبين المأساة الأليمة في دارفور، أو الكونجو· فالمأساة الأخيرة ليست خطأ من أخطائنا بينما في حال ارتكاب مجازر بشعة في العراق فسيكون من الصعب تفادي تحمل المسؤولية على الأقل في جزء كبير منها· فلا شك أن المجازر إن حدثت في العراق سيكون أشخاص آخرون مسؤولين عنها بشكل مباشر، لكننا لا نستطيع التنصل من مسؤوليتنا إزاء ما يجري، لأننا نحن ببساطة من أعطى الضوء الأخضر وسمح بتفشي العنف وتطوره إلى مجازر مروعة· وبالطبع سيحاول بعضهم ممن يدافعون عن سحب القوات الأميركية من العراق استرجاع الحجة الأخلاقية والادعاء بأنه لن يكون هناك في العراق أية مجازر· لكن ذلك أقرب إلى خداع الذات منه إلى حقائق الواقع، لا سيما وأن أغلب المتتبعين للشأن العراقي يؤكدون أن البلد سيغرق في بحر من الدم ما أن تنسحب القوات الأميركية· فحسب تقرير جديد أصدرته مؤسسة ''بروكينجز'' الليبرالية فإن ''الشيء الوحيد الذي يحول دون انحدار العراق إلى فوضى شبيهة بحرب لبنان، أو بحرب البوسنة هو 135 ألف جندي أميركي''· ويضيف التقرير أن الانسحاب المتعجل قد يؤدي إلى ''كابوس إنساني'' قد يودي بحياة ''مئات الآلاف (إن لم يكن الملايين) من الأشخاص''· وقد أيد هذا الرأي الصحفي ''جون بورنز'' في ''نيويورك تايمز'' المعروف بتحليلاته الرصينة بقوله ''إنه واضح بالنسبة لي أن خروج القوات الأميركية من العراق على نحو متعجل سيقود إلى زلزال من العنف، وأجد الرأي نفسه لدى العراقيين أنفسهم حتى من الذين عارضوا الغزو''· وبالرغم من صعوبة الجزم بحدوث المجازر في العراق حتى تقع فعلاً، فإن اللافت هو الإجماع المتزايد حول رأي ''أوباما'' والعديد من ''الديمقراطيين'' مثل ''هيلاري كلينتون'' حول ضرورة سحب قواتنا من العراق· ولعل الغريب حقاً هو التحول في موقف الليبراليين الذين كانوا يدافعون تقليدياً عن التدخل الأميركي في الخارج، كونه يعد ثمنا بخسا مقابل وقف المجازر ومنع الاقتتال، فباتوا يعتقدون اليوم بأن حدوث المجازر هو ثمن بخس مقابل إعادة قواتنا إلى أرض الوطن· وفي هذا الإطار مازلنا نذكر كيف كذب الرئيس ''بيل كلينتون'' عام 1998 في اعتذاره أمام الناجين من مجزرة رواندا عندما قال بأنه لم يكن هو وموظفوه يعلمون بما كان يجري من مذابح· لكن الوثائق التي ظهرت لاحقاً كشفت أن إدارة الرئيس ''كلينتون'' كانت تشير إلى ما يجري في رواندا أثناء الاجتماعات الداخلية على أنه مجازر، في حين كانت ترفض الاعتراف بذلك على الملأ· والواقع أن الانتقادات التي كانت توجه إلى ''المحافظين'' لحصرهم مفهوم التدخل الخارجي في مجال ضيق من المصالح القومية على حساب الاعتبارات الأخلاقية أصبحت تنطبق اليوم أيضاً على الليبراليين من أمثال ''أوباما'' وغيره ممن يضحون بمصداقية أميركا العالمية ويتنصلون من مسؤولياتهم الأخلاقية مقابل سحب القوات الأميركية· كاتب ومحلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©