الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

المستهلكون يتخوفون من إنشاء "كارتل" للغاز الطبيعي

المستهلكون يتخوفون من إنشاء "كارتل" للغاز الطبيعي
28 يوليو 2007 22:26
تعتبر منطقة الخليج والشرق الأوسط معدة سلفاً للاستفادة من نمو الطلب على الطاقة بسبب مخزوناتها الهائلة من الغاز وموقعها الحساس الذي يقع في مركز الأسواق العالمية· ومن ذلك مثلاً أن المحطة القطرية الكبرى لمعالجة الغاز الطبيعي المسال في رأس لفان، التي بدأت شركة ''دولفين للطاقة في استيراد الغاز منها، تقع على بعد متساوٍ عن كل من لندن وطوكيو، وأيضاً على بعد متساوٍ من الشواطئ الشرقية والغربية للولايات المتحدة· وأصبح الغاز الطبيعي المسال يوزّع الآن في الأسواق العالمية ويتم تسليمه إلى المستهلكين الذين يدفعون أكثر· ولا يزال المعروض منه في الأسواق بيد شركات مستقلة تتاجر فيه· وبالرغم من أنه لا توجد سوق تقييمية للغاز الطبيعي المسال يمكنها أن تحدد سعره السوقي بناء على حركة العرض والطلب كتلك التي تتوفر للنفط الخام، إلا أن مثل هذه السوق تقع ضمن هامش التنبؤات المتعلقة بمستقبل هذا المصدر المهم من مصادر الطاقة· يأتي هذا في الوقت الذي شعر فيه مستهلكو الطاقة في العالم أجمع بقلق شديد، عندما اتفقت موسكو والجزائر على تطوير التعاون في مجال صناعة الغاز الطبيعي مطلع العام الجاري، بعد أن أعاد الاتفاق لمخيلاتهم ذكريات أزمة الانخفاض الكبير في الإمداد النفطي في أعوام السبعينات عندما عمدت ''أوبك'' إلى تقنين الإنتاج مما ترك أثراً سلبياً على الاقتصاد العالمي برمته· والآن، تتصاعد المخاوف من تشكيل (كارتل) للغاز الطبيعي مشابه لـ(الكارتل) النفطي الذي تمثله منظمة (أوبك)· وأشار ريتشارد نيلد، المحلل الخبير في شؤون الطاقة في تقرير تنشره مجلة (ميد) اليوم ''الأحد''، إلى أن كلاً من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ووزير الطاقة الجزائري شكيب خليل عقدا محادثات مشتركة بشأن إنشاء كارتل للغاز· ويبدو الآن أن مستهلكي مصادر الطاقة يعيشون أوقاتهم العصيبة، لأن أسعار الطاقة عادت للارتفاع بشكل سريع حتى باتت الولايات المتحدة ودول أوروبا تنظر إلى الغاز الطبيعي باعتباره وسيلة لتخفيض درجة الاعتماد على النفط· وكانت أوروبا قد أبدت مخاوفها عندما عمدت روسيا إلى قطع الإمداد بمصادر الطاقة عنها مرتين خلال 12 شهراً· واتضح من خلال تعاقب الأحداث التالية أن الدول المنتجة للطاقة أصبحت تتمتع بهوامش أوسع من القوة والمرونة· وفي بداية أبريل الماضي، اتفق أعضاء رابطة الدول المصدرة للغاز الطبيعي الذين يحتكرون أكثر من 70 % من المخزون العالمي من الغاز، على اختبار مرحلة جديدة من التعاون فيما بينهم لوضع آلية جديدة للتحكم بأسعار الغاز· ودفع هذا التطور المستهلكين إلى بداية التفكير بحلول عصر (أوبك الغاز) الذي يبدو الآن وكأنه اقترب من أن يصبح حقيقة واقعة· ويطرح نيلد التساؤل التالي: هل تتجسّد هذه المخاوف على أرض الواقع بالفعل ؟ ثم يجيب عن ذلك بالقول بأنه من الواضح أن الذين يأخذون بهذا الاعتقاد قد فاتهم الانتباه إلى الفروق الفيزيائية الجوهرية بين النفط والغاز· فالنفط، باعتباره مادة سائلة، يمكن تخزينه ونقله بطرق تنطوي على المرونة والسرعة· ولعل الأهم من ذلك أن بالإمكان شحنه بسهولة إلى أي مكان في العالم وفي أي وقت من الأوقات· أما الغاز الطبيعي فهو على عكس ذلك، إذ يعتمد شحنه ونقله على بناء خطوط الأنابيب ذات التكاليف المرتفعة أو تسييله في محطات متخصصة من التي يتكلف إنشاؤها وتشغيلها مبالغ طائلة· وتعني المرونة الفائقة في القدرة على توزيع النفط أن بالإمكان شحنه يومياً من أجل عرضه في مراكز الأسواق، فيما تعني التكاليف المرتفعة للبنى التحتية لتخزين وتناقل الغاز الطبيعي أن أسعاره وحجومه المتفق على تصديرها يتم الاتفاق عليها قبل وقت طويل من تسليمها· وفيما يمكن للدول المنتجة للنفط التحكم بمستوى إمداد السوق حتى تتمكن من التأثير على الأسعار من خلال معادلة العرض والطلب، إلا أن تجارة الغاز تفتقد تماماً لمثل هذه المرونة والقدرة على التأثير في الوقت المناسب· ويقول تقرير (ميد): وفقاً لهذه المفاهيم، فلقد بدا أن المخاوف التي تسود أوساط المستهلكين من أن تتحد الدول المنتجة للغاز ضمن كارتل شبيه بمنظمة ''أوبك'' يمكنه أن يتحكم بالأسعار، لا تمثل أكثر من مجرّد أوهام· إلا أن الأمور قد تختلف على المدى البعيد بشكل كبير عما هي عليه الآن· ويمكن للنمو المتسارع في استخدام الغاز الطبيعي المسال والأساليب التقنية التي يبتكرها الخبراء لتسهيل عمليات تخزينه ونقله أن تلغي تأثير الفروق الفيزيائية الأساسية بينه وبين النفط الخام· وما زالت أسواق الغاز الطبيعي المسال تجتاز مرحلة الطفولة· وكانت الجزائر هي التي بادرت إلى المتاجرة بهذا المنتج الجديد على المستوى العالمي لأول مرة عندما بدأت بتصديره إلى المملكة المتحدة عام ·1964 وفي عام ،2005 عندما بدأت تظهر أولى الأرقام المتعلقة بتجارته، فلقد بدا أن الغاز الطبيعي المسال أصبح يمثل 7 بالمئة فقط من الاستهلاك العالمي للغاز· ومع الزيادة المتسارعة في الطلب على الطاقة، بدأت الشركات المنتجة للنفط تشعر بالعوائد الكامنة وراء ابتكار الطرق المناسبة لشحن الغاز إلى الأسواق بأقل الأسعار· وهذه الطرق الجديدة، أكسبت الغاز الطبيعي المسال المرونة الكافية لجعله مصدراً جذاباً من مصادر الطاقة· ونتيجة لكل ذلك، يتنبأ خبراء شركة إكسون موبيل أن تزداد أسعار الغاز الطبيعي المسال في عام 2030 بمعدل أربعة أمثال ما هي عليه الآن· وتنبأت شركة (شينيير إنيرجي) الأميركية أن تزداد الطاقة الإنتاجية للغاز الطبيعي المسال بمعدل 50 بالمئة خلال السنوات الثلاث المقبلة أي من 25 مليار قدم مكعب في اليوم إلى 38 مليار قدم مكعب في اليوم بحلول عام 2010 حتى يشكل 12 بالمئة من الاستهلاك العالمي للغاز·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©