الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

علم اللغات

علم اللغات
28 يوليو 2007 03:47
حين تقرأ حول علوم اللغات أو ما يسمى ''اللسانيات'' كم تفضي لك الشعوب من نوافذ عدة وكأنها تتقمص إيحاء للغاتها وتأويلها أو كأن مسارا لها يتجدد، فاللغات غذاء روحي ينم عن نسيج مشترك ينصهر بالنفس حيث تتأصل اللغة، لتمد خيوط القدم وكأنها تغزل الأزمان في ترابط ما بين فكر الشعوب القديمة والحديثة، تبدو كذاكرة مثقلة بالموروث الثقافي والعلمي، تبدو وعاء رصينا للتراث والمقتنيات التاريخية! واللغات الشعوبية مفهوم ديني وسياسي مما شرع بالقدماء الاهتمام بعلم اللسانيات الذي يعد خير توثيق بعد شيوع التركيبات اللغوية المتلاحقة من ناحية وتطورها عبر السنوات من ناحية أخرى، فاللغات ككائن حي يعيش ويندثر ويألف ويتبدد، لذا كم تخشى شعوب العالم على لغاتها الشرعية من ذلك الاندثار، فتربط ما بين لغاتها الأم وما بين الأديان المنتمية لها، حيث يعد ذلك شيئا من الحفاظ على المنهجية اللغوية، ويجعل منها امتدادا فكريا متجددا!! فعقد اللغات بهذا ''الرابط'' لا ينفرط، فالكهنة الهنود عمدوا على ذلك منذ آلاف السنين حفاظا على لغة الطقوس الدينية، وكذلك فعل الرومان واليونان، وعلى نفس النسق تم بناء اللغات على أسس زمنية، فاهتموا بدراسة اللغات وعمدوا على ترابطها بالأشياء المحيطة بها، وحددوا علاقتها بالأفعال والمسميات حيث صاغوا بعد ذلك مبادئ النحو والتعريفات البلاغية، ومن ثم أخذوا بمنهجية المفردة باللغة وأشكال الخطابة· بينما شرع الإسلام دور اللغة العربية ووحدها بصفتها الأساسية النابعة من عمقها العربي الأصيل، حيث دلل ذلك قوله تعالى ''انا نزلناه قرآنا عربيا'' وبهذا عزز الدين الإسلامي وحدة اللغة ودورها في التجديد وفي الفقه وفي التشريعات والعلوم اللغوية وغير ذلك قد تناقلتها ما قبل الهجرة وشتتها عامل الحروب بينما انتشارها بدا بانتشار الإسلام لتقف ما بين اللغات الخامسة بين 5000 لغة لأكثر من خمسة مليارات نسمة· ومن علامات اندثار اللغات تبدأ بالمعاناة من الانشقاق والانفصال إلى لهجات محلية، حيث يعد ذلك الخروج من الشمولية إلى المحدودية، ويعدها تتداخل عليها اللغات الأخرى حتى لا يعد لها مكان، ونعلم كم من اللغات في العالم مجهولة وبعضها منشق من لغات أخرى والتي لم يعد يعرف عنها رغم تطور علوم اللغات واللسانيات التي تخوض في مقومات هذا النسيج الكبير، حيث تدور في فلك الحياة لغات لا تعد ولا تحصى! ومهما بلغ الإنسان من العلم إلا إن اللغات تشكل تحديا حقيقيا، فمن الصعوبة إن تخترق شيفرة لغة مهما بلغ علم الإنسان ومعرفته باللغات أو حين يتعلم الإنسان لغة أخرى تظل في حدود المفاهيم والنسيج البيئي الذي يحكمها! فإذا كان هذا من سمات اللغات الشعوبية الحية فما بال اللغات الأخرى كلغة الصمت أو كالتي هي مشبعة بالغموض والمنبثقة من عالم الإنسان نفسه فالتفكير يعد ذا ملامح لغوية وكذلك لغة الجسد البارزة أو كتلك المتحصنة بالجسد! لغة العقل الباطني، ولغة الحدث، لغة المشاعر، ولغة الطفولة! كما ان هناك لغة للحيوانات التي قد تتقارب مع لغات الإنسان مثلما شهد التاريخ على هذا التقارب وشهدت الصحراء على أن الجمل صديق البدوي ولهما لغة مشتركة يستطيع من خلالها الإنسان أن يتعامل مع الجمال ويسيرها كيفما يشاء، وللطيور لغة قد دللت عليها القصص التاريخية! لكن ما يؤرق الحياة، هل للموتى لغة مشتركة أو رتم ينم عن تخاطب لغوي أو فلسفة فطرية أو فكرية هل الصمت المشترك لغة حسية بين الموتى ونجهلها أو ماذا لو ان للقبور وتر الضجيج، وربما كان هناك ضجيج موغل في عالم المجهول إلا أن للإنسان بيئة لا يتعداها !!!
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©