الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

شاشات مليئة.. بالفراغ

27 يوليو 2007 05:49
ما أتناوله اليوم سبقني إليه كثيرون، ومع ذلك يظل هناك ما يستحق الحديث عنه، وهو باختصار ظاهرة انطلقت من قنوات الترفيه والاغاني وعرضت في معظم القنوات الفضائية· وعلى كل الشاشات الفضائية أصبحنا نتابع شريط ''الرسائل القصيرة''، الذي يمر أمام اعيننا متهاديا لكنه في الحقيقة ينتشر كما ''النار في الهشيم''· فقد تعلم أصحاب القنوات والقائمين عليها الدرس بسرعة ورأوا أن الربح ينهمر عليهم كالمطر من وراء هذه الخدمة التي لا هدف لها ولا معنى·· وانساقوا ''كالمكفوفين'' الذين يتمسكون بعصا أو يتأبطون ذراع شخص لكي يدلهم على الطريق دون أن يكون على معرفة به، متناسين أن الكفيف يعتمد على البصيرة قبل الوسائل الأخرى· وليتنا نرى شريطاً إخبارياً أو معلوماتيا مفيداً·· فبعيداً عن بعض القنوات المتخصصة التي اعتمدت على بث كلام وخواطر إيمانية، نرى أن هذا الشريط يعتمد على لغة ضحلة وأساليب رخيصة، وهو مجرد ''تشات'' للتعارف أو للقذف، أو بث رسائل خاصة بين شخصين أبيا إلا ان يعلنا حبهما للعالم أجمع حتى يصفق لهم الجميع، ويعلنا اعجابهما بهذا الحب الأفلاطوني التلفازي· وما يساعد على انتشار هذه الظاهرة كثيراً بين الشباب، هو الفراغ الذي يكسو حياتهم، ويشبع حبهم في الظهور علناً، على الرغم من أن لكل منهم اسما مستعارا خاصا به (قد يكون طبيعياً أو مضحكاً)، وتلك من سخريات الشهرة الفارغة أو الزائفة· ويبدو أنه كلما زادت مشاركات هذا أو تلك كلما تعرف عليه، أو عليها، المشاهدون أكثر وأكثر، واكتسب سمعة بينهم، وأصبح لديه أو لديها حظوة خاصة عند ''كنترول'' المحطة، ويصبح اسم ''الدلع'' الخاص به كأنه أغنية يرددها المعجبون في كل حين· هل هذه ثقافة جديدة بدأت تطرق أبوابنا؟ وإن كانت كذلك فما هي ايجابياتها؟ وما ذنب المشاهد الباحث عن راحة من تعب، أو عن فائدة ضرورية؟ إن هذه الظاهرة حالة تعبر عن ثقافة الفراغ وعن الخواء الفكري، وهي موجهة لاستغلال هوس المراهقين والتأثير على العقول التافهة، والمشاهد لا يستطيع أن يهش أو ينش ولا يستطيع أن يتجنب الأذى الذي يلاحقه في كل مكان، ولا يعرف كيف يسد منافذ الثقافات الغريبة التي باتت تطارده حتى في أحلامه، وتدفعه دفعا إلى ''التقليد الأعمى''·· وربنا يستر· Afrah.jasem@gmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©