الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

انتعاش "بيزنس" تدوير المخلفات

انتعاش "بيزنس" تدوير المخلفات
27 يوليو 2007 07:03
على الرغم من أن إعادة التدوير تعتبر صناعة باهظة التكلفة ومستهلكة للوقت وتتطلب جهوداً وأعباء الى أكثر من مجرد تجميع كل أنواع النفايات في موقع واحد للمعالجة الا أنها استمرت تكتسب خلال فترة العقدين الماضيين موطئ قدم راسخ لها في العالم· فصناعة إعادة تدوير النفايات تدر أكثر من 130 مليار دولار للشركات الأوروبية التي دخلت في جولات من الإندماج والاستحواذ بغية تدعيم مراكزها المالية والدخول في مشروعات طموحة تستطيع من خلالها ليس فقط إعادة تدوير النفايات بل تحويلها إلى طاقة ووقود للمستقبل· وكما ورد في صحيفة انترناشونال هيرالد تريبيون مؤخراً فإن عمليات إعادة التدوير ظلت لا تخلو من المشاكل حيث استمرت كبريات المدن في أوروبا والولايات المتحدة الأميركية تبعث بنفاياتها المفرزة والمصنفة الى آسيا من أجل إعادة تدويرها وبخاصة الى الصين احد أكبر المشترين في العالم للنفايات· ولكن وفي يناير من هذا العام أمرت السلطات الصينية بإجراء تحقيقات عن تقارير أشارت الى أن بريطانيا التي درجت على شحن الورق والبلاستيك الى الصين قد بعثت ايضاً بنفايات سامة أيضاً ضمن هذه الشحنات الى ولاية جواندونج وهناك بعض الغربيين من جانب آخر والذين بدأت تساورهم المخاوف من فكرة ارسال نفاياتهم الى الخارج ويتساءلون عن مدى تمتع القارة الآسيوية بالوسائل والمعدات اللازمة لإعادة تدوير هذه المواد دون استحداث المهددات والمخاطر للصحة العامة والمناخ· وهناك أيضاً تساؤلات حول ما الذي سيحدث عندما تبدأ كبريات الورش الصناعية الآسيوية في إنتاج كسر من كمية النفايات التي يفرزها الغرب حالياً· وتظل المسألة الأعمق من ذلك متمثلة في الكيفية التي يمكن بها انتاج كميات أقل من القمامة والنفايات في جميع أنحاء العالم· وفي فرنسا حيث شهدت أعمال إعادة التدوير انطلاقة أبطأ مما حدث في أماكن رائدة مثل المانيا وكاليفورنيا فقد بدأت ثورة إعادة التدوير تكتسب المزيد من الرضى والقبول· وكما يقول رينالد جيلرون كبير مفتشي الصرف الصحي في 16 منطقة إدارية في باريس الكبرى: ''قبل سنوات قليلة كنا نواجه الصعوبات في اقناع الناس بتفهم الحاجة الى اعادة التدوير· أما الآن فعلى خلفية أهمية صحة البيئة في تحقيق التنمية المستدامة وترسيخ هذه الفكرة في الحياة السياسية فقد بدأنا نشهد صحوة جماعية في هذا المجال''· ولكن المنتقدين والمعارضين لعملية اعادة التدوير مضوا يشككون في جدواها وبخاصة فيما يتعلق بالتكلفة مقابل الفوائد· فإذا كانت تكلفة دفن القمامة في أي حفرة للمكبات أقل بكثير من إنشاء مصنع لإعادة تدويرها فما الحاجة الى اعادة معالجتها؟ ألم يكن من الأفضل توفير هذه المبالغ وانفاقها على مشاريع أخرى صديقة للبيئة؟ ويرد عليهم المدافعون عن المبادرة قائلين إن اعادة التدوير تساعد على المحافظة على الموارد الطبيعية وتعمل كذلك على خفض انبعاثات غاز الدفيئة المسؤول عن التغير المناخي بسبب الحاجة الى طاقة أقل في الحصول على المواد وتصنيع المنتجات الجديدة· وكما يقول جيلرون في باريس ''لقد بتنا نحتاج الى تخفيض كمية النفايات التي ننتجها حتى نقلل بالتالي من الحاجة الى عمليات إعادة التدوير نفسها''· وكما هو معروف فإن لحظة الإلهام قد تأتي ربما في أكثر الأماكن ''قذارة''· وبالنسبة لمارتن مايرسكوج المهندس الإنجليزي فقد جاءت هذه اللحظة عندما كان يقف أمام جبال من زجاجات الحليب البلاستيكية الفارغة· وسرعان ما تنبه الى الكميات الهائلة من البلاستيك التي يتم دفنها بشكل روتيني في مواقع المكبات - حيث تودع أكثر من 100 ألف طن من زجاجات الحليب في المكبات في بريطانيا في كل عام· لذا فقد شرع مايرسكوج البالغ من العمر 50 عاماً في اختراع البديل المستدام أمام جموع المتسوقين المهتمين بالبيئة والمتمثل فيما اطلق عليه ''الزجاجة الخضراء'' المصنوعة من أوراق الكرتون المقولبة والمعاد تدويرها والتي أصبحت تباع الآن وهي مملوءة بالحليب المحلي في سلسلة محلات السوبر ماركت البريطانية المعروفة آسدا ASDA· والى ذلك فقد استمر قطاع إدارة النفايات العالمي يمضي الى ازدهار بينما ظلت الشركات العاملة في مجال معالجة وخفض كميات القمامة والنفايات توفر بشكل فعّال عائدات استثمارية جاذبة· ووفقاً لاحصائيات مكتب فروست آند سوليفان للاستشارات في لندن فإن إدارة النفايات وصناعة إعادة التدوير الأوروبية تبلغ إيراداتها السنوية 100 مليار يورو (130 مليار دولار)، الا أن هذا الدعم لا يمثل سوى قمة جبل الجليد الفائض في الماء وفقاً لما ذكره جون راسبين المتحدث الرسمي باسم المكتب الاستشاري الذي مضى يقول: ''ظلت التشريعات والقوانين المقيدة تجبرنا على البحث عن حلول بديلة للمكبات مثل مصانع الحرق والصهر التي بإمكانها انتاج الوقود من النفايات· وعلى الرغم من غلو تكلفة إنشائها - اذ ان مصانع إنتاج الطاقة من النفايات تصل تكلفة بنائها الى مستوى 150 مليون يورو للمصنع الواحد - فإن هذه الحلول من شأنها أن تخلق سوقاً زاخرة بالفرص الهائلة لرجال الأعمال والمستثمرين''· اما ما يقصده راسبين بالتشريعات المقيدة فهو ذلك القانون الأوروبي الخاص بالمكبات والذي اصبح نافذاً في العام 2001 ويشترط أن تتم معالجة النفايات قبل ارسالها الى المكبات بحلول اكتوبر من هذا العام· وبلا شك فإن عمليات المعالجة ظلت تخفض من أحجام النفايات المرسلة الى مواقع المكبات التي امتلأت عن آخرها كما أصبحت توفر الفرص لاسترداد الطاقة· ويمضي القانون ليشير الى أن 50 في المئة من النفايات العضوية التي تنتج غاز الميثان الذي يعتبر أحد أكثر غازات الدفيئة فعالية يجب أن يتم حظر ارساله الى المكبات بحلول العام ·2009 بيد أن جموع المصنعين الذين لم يعرف عن معظمهم اهتمامهم الشديد بالصداقة مع البيئة، قد استيقظوا فيما يبدو على امكانيات الادخار والتوفير الهائلة التي يمكن أن تتحقق عبر معالجة النفايات بالمزيد من الكفاءة والفعالية· ففي بريطانيا وحدها على سبيل المثال فإن المصنعين ظلوا يتكبدون خسائر بمقدار 3 مليارات يورو في كل عام جراء إهدار الموارد الطبيعية - اي ما يساوي 7 في المئة من اجمالي أرباح التصنيع - وفقاً لاحصائيات الوكالة البريطانية للبيئة· ويذكر أن بريطانيا باتت تعتبر أحد أكثر الأسواق سرعة في النمو في إدارة النفايات في أوروبا حيث تمكنت بذلك من اجتذاب أكبر قدر من عمليات الاستحواذ من قبل الشركات الخاصة وجموع المستثمرين والشركات العالمية المتخصصة في إدارة النفايات· ويشرح نيكولاس هاليت المدير الفني في مجموعة موت ماكدونالد شركة الاستشارات المعينة بإدارة النفايات اسباب هذا الاهتمام قائلاً ''لقد عرفت بريطانيا تاريخياً باعتمادها على حلول المكبات فيما يختص بإدارة النفايات قبل أن تأتي قوانين الاتحاد الأوروبي لتستحدث الحاجة الى استثمارات رأسمالية هائلة لإنشاء مصانع التخلص من النفايات· ثم جاءت استجابة الحكومات المركزية متمثلة في تشجيع السلطات المحلية على استغلال مبادرات التمويل الخاص كعجلة تسهم في شراء المرافق المطلوبة الآن· وبلا شك فإن هذا التطور أدى الى تحول صناعة النفايات من مجرد ''قطاع سندريلا'' لا يرى فيه المستثمرون اية مكاسب آنية الى قطاع يزخر بالفرص والإيرادات الضخمة''· شركات النفايات وتتمثل هذه الفرص في قلب الفورة التي باتت تشهدها الساحة في عمليات الاندماج والاستحواذ المكثفة والتي بدأت تعيد صياغة وتشكيل القطاع بأكمله· فمجموعة ويست ريسايكلينج البريطانية التي تمتلك 50 مكباً للنفايات في انجلترا استحوذت عليها في يوليو الماضي شركة اف سي سي الاسبانية التي تدير النفايات مقابل مبلغ ملياري جنيه استرليني في يوليو الماضي بهدف توسعة عملياتها الى ما خلف سوقها الداخلي· ومؤخراً فقد عمدت مؤسسة مونتاجو للتمويل الى بيع شركة كوري انفيورنمنت بمبلغ 588 مليون جنيه استرليني لكونسيرتيوم تتألف من عدد من المستثمرين الخاصين من بينهم صندوق البنية التحتية العالمية التابع لمصرف ايه بي ان آمرو· وكانت مجموعة مونتاجو قد استحوذت على شركة كوري في عام 2005 مقابل 205 ملايين استرليني قبل ان تحقق عملية البيع ارباحاً بنسبة 180 في المئة لشركة مونتاجو خلال فترة عامين من تملكها لهذه الشركة· ويشير نيك سبوليار محلل الخدمات الاسنادية في مكتب بريدج ويل سيكيو ريتيز في لندن الى ان جميع هذه الأنشطة المحمومة من قبل المؤسسات أخذت تزيد من قيمة شركات النفايات الأخرى الأصغر حجماً· ومضى يقول ''بتنا نتوقع أن نشهد المزيد من الصفقات الكبيرة والأسعار العالية في هذا العام''· وأصبح من المرجح أن يستهدف الباحثون من الصفقات ايضاً الشركات التي تتمتع بموجودات ضخمة ولديها عضلات مالية أقوى من أجل اكتساب القدرة على استغلال مبادرة التمويل الخاص التي اطلقتها الحكومة البريطانية مؤخراً· على ان شركات ادارة النفايات الأصغر حجماً هي الأخرى مرشحة ايضاً لأن تصبح هدفاً لعمليات الاستحواذ والاندماج، كما يشير المحللون· وذكر سبوليار أن مجموعة بينون التي تدير وتستثمر في مجالات المياه وشبكات الصرف الصحي وإدارة النفايات باتت تستحق دراسة تملكها نسبة لما تتمتع به من أعمال وتوكيلات في المنطقة المزدهرة في جنوب غربي إنجلترا ووجود فريق للإدارة لديه قدرات عالية في الإبداع وايجاد الحلول اللازمة·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©