السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

مصر تتجه إلى تبني حزمة ضرائب «العدالة الاجتماعية»

مصر تتجه إلى تبني حزمة ضرائب «العدالة الاجتماعية»
6 فبراير 2012
(القاهرة) - تدرس الحكومة المصرية حالياً، عدداً من المقترحات الخاصة بإقرار أنواع جديدة من الضرائب بهدف تعزيز الموارد السيادية للبلاد. وتأتي هذه المقترحات على ضوء مطالب الأغلبية البرلمانية الجديدة لإقرار سياسات تحقق العدالة الاجتماعية. وتشمل القائمة فرض ضريبة على الأرباح الرأسمالية المتحققة في بورصة الأوراق المالية، بهدف الحد من ظاهرة الأموال الساخنة التي تعانيها البورصة المصرية منذ فترة طويلة، وترتب عليها تحقيق المستثمرين الأجانب أرباحاً رأسمالية هائلة على حساب المستثمرين المحليين في عمليات مضاربة سريعة. كما تستهدف هذه الضريبة تشجيع المستثمرين على البقاء في سوق المال لأطول فترة ممكنة لتحفيز عمليات الاستثمار الطويلة الأجل، بخفض معدل الضريبة التي ستفرض على الأرباح المتحققة في حالة تجاوز فترة الوجود في السوق عاماً كاملاً، حيث تصل هذه الضريبة في هذه الحالة إلى 0,5% مقابل 5% في حالة الخروج السريع من السوق. أما النوع الثاني من الضريبة فهو الخاص بفرض ضريبة أرباح رأسمالية على التصرفات العقارية، خاصة فيما يتعلق بعمليات إعادة بيع الأراضي المخصصة للمصريين من هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، وكذلك العقارات الحكومية شبه المدعومة، إلى جانب بعض العمليات الاستثمارية لشركات التطوير العقاري والتي تحصل من ورائها على أرباح ضخمة خلال فترات زمنية قصيرة، مستغلة في ذلك بعض الطفرات السعرية التي تشهدها السوق العقارية. وتستهدف هذه الضريبة أيضاً الحد من دخول أموال للسوق العقارية بهدف المضاربة، ما يؤدي إلى ارتفاع غير مبرر في أسعار العقارات، بما يلقي بظلال سلبية على قضية الإسكان وأبعادها الاجتماعية. كما تستهدف الضريبة حصول الخزانة العامة على جزء من أرباح تحققت عن فروق سعرية، ولم تبذل فيها الشركات أو الأفراد أي جهد يذكر، حيث تدور المقترحات حول فرض ضريبة تتراوح بين 10 و20% من قيمة الأرباح المحققة في كل صفقة منفردة، ومن المنتظر أن يتوازى مع فرض هذه الضريبة خفض آخر في رسوم تسجيل العقارات في الشهر العقاري لتشجيع المصريين والشركات على تسجيل عقاراتهم، وبهدف الحد من التلاعب في إثبات أسعار شراء العقارات لخفض نسبة الضريبة المسددة عند إعادة البيع. ويتوازى مع هذه الأنواع من الضرائب الجديدة اعتماد آليات وحوافز لحصار ظاهرتي التهرب الضريبي من ناحية، وسداد المتأخرات المستحقة للخزانة العامة على بعض الممولين من ناحية أخرى، حيث انتهت وزارة المالية من إقرار عدد من الحوافز في هذا المجال، منها الإعفاء من الغرامات المقررة في حالة التهرب الضريبي، وعدم إحالة المتهربين إلى المحاكم الجنائية، وكذلك خفض قيمة الضرائب المستحقة بمعدلات تتراوح بين 10 و25% في حالة السداد المعجل من جانب الممولين المتأخرين عن سداد ضرائبهم المعترف بها، والتي ليست محل نزاعات قضائية بين مصلحة الضرائب وهؤلاء الممولين. وحسب معلومات حصلت عليها “الاتحاد”، فإن من بين الاقتراحات مشروع لفرض ضريبة تصاعدية على كبار المستثمرين الذين يحققون أرباحاً أكثر من 100 مليون جنيه سنوياً، حيث ستوفر هذه الضرائب أكثر من 20 مليار جنيه زيادة سنوية في الحصيلة الضريبية العامة للبلاد والتي سجلت خلال العام المالي الأخير نحو 186 مليار جنيه، ومن المتوقع أن ترتفع هذه الحصيلة إلى 200 مليار جنيه خلال العام المالي الحالي الذي ينتهي في 30 يونيو المقبل. ويرى خبراء ماليون أن المقترحات الضريبية الجديدة خطوة مهمة على طريق تحقيق العدالة الاجتماعية وإعادة الاقتصاد إلى أصوله الإنتاجية الحقيقية، حيث تحد من المضاربة على الأسهم والعقارات والتقييم الوهمي لأصول بعض الشركات، أي أنها تحد من فلسفة اقتصاد السمسرة والريع وتعزز الاقتصاد الإنتاجي سواء كان في شكل سلع وخدمات، وتلعب دوراً ملموساً في تقريب الفوارق بين دخول الشرائح الاجتماعية المختلفة، وتسهم على نحو فعال في خفض أسعار الأراضي والعقارات وبعض أنواع السلع التي كانت تتوجه إليها الأموال المتحققة عن الأرباح السريعة فترفع أسعارها، أي أنها خطوة جيدة لتهدئة أوضاع اقتصادية واجتماعية كانت تمضي سابقاً في الطريق الخطأ. ويشير الخبراء إلى أنه من المهم أن تنطلق فلسفة الضرائب من فكرة إعادة توزيع الثروة في المجتمع، لأن الضريبة يجب ألا تكون وسيلة جباية بقدر ما يجب أن تكون وسيلة للتنمية وتشجيع المنتجين والحد من أرباح السماسرة والمضاربين في أي قطاعات أو أنشطة، لأنه من المعروف أن عمليات المضاربة والسمسرة تكون مسؤولة بدرجة أساسية عند حدوث أي فقاعات سعرية في أي سوق، سواء في مجال العقارات أو البورصة أو أي شيء آخر. ومن مؤيدي هذه الرؤية الدكتورة أمنية حلمي، أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة، التي تشير إلى أن مطلب العدالة الاجتماعية في مصر بات ملحاً خلال هذه المرحلة، وهذه العدالة لن تتحقق إلا عبر سياسات مالية أكثر توازناً وأكثر ميلاً للدفاع عن حقوق الفئات الضعيفة والمهمشة، وفي المقابل لن تتضرر الفئات الأكثر ثراء بنسبة كبيرة، حيث إن الضرائب الجديدة سوف تفرض على أرباح كانت تتحقق بلا جهد، ولا مانع من حصول الدولة على جزء من هذه الأرباح، خاصة أننا نتحدث عن ضريبة لا تزيد على 5% في حالة أرباح الأموال الساخنة في البورصة، و20% في حالة أرباح التصرفات العقارية التي تصل في بعض صفقات الأراضي إلى عشرات الملايين من الجنيهات تحصدها بعض شركات التطوير العقاري في غضون أشهر معدودة. ولا تتوقع الدكتورة أمنية حلمي أن تواجه هذه الضرائب الجديدة أي مقاومة تذكر من جانب الفئات التي سوف تخضع لها، خاصة أنها ستكون مدعومة من البرلمان بتشريعات قانونية محكمة تحظى برضا المجتمع. وتشير إلى أن النقطة المهمة أيضاً في هذه القضية هي أن الضرائب الجديدة سواء ضريبة الأرباح الرأسمالية في البورصة أو ضريبة التصرفات العقارية معمول بها في العديد من بلدان العالم الرأسمالي، ولا داعي للحديث عن هروب المستثمرين الأجانب أو غيره من المزاعم، لأن المستثمر الأجنبي يأتي عندما يجد بيئة عمل مواتية ويحقق فيها أرباحاً معقولة، ولم يعد النظام الضريبي وسيلة جذب وتحفيز للاستثمارات الأجنبية في أي منطقة من العالم، لأن هذا المستثمر الأجنبي يدفع ضريبة سواء في بلده الأصلي أو في أي سوق يتوجه للعمل بها.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©