الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

لا تحذروا التقليد

26 يوليو 2007 03:00
لو كان عبد الرحمن بن محمد بن خلدون، ابن هذا العصر، لكان مضطرا لأن يعيد إصدار مقدمته الشهيرة بطبعة مزيدة ومنقحة· فمؤسس علم الاجتماع الحديث لاحظ منذ القرن الرابع عشر، أن المغلوب يقتدي بالغالب في مأكله ومشربه وملبسه··· أما في ''المقدمة'' العصرية فعليه أن يضيف سمة ''تقليد تلفزيونات الغالب'' إلى سلسلة سلوكيات المغلوبين على أمرهم· فلنفتح تلفزيوناتنا على أي محطة تتحدث بلغتنا العربية التي تكاد تصبح لغة افتراضية، ولنشاهد ما ''تبثه'' إلينا شركات الإنتاج في الغرب من أفلام ومسلسلات وبرامج موضة وطبخ ورياضة، فضلا عن برامج الكرتون والتسلية والترفيه والمسابقات أيضا· نشاهد كل ذلك في لغته الأصلية أحيانا، ومترافقا مع ترجمة خطية في أحيان أخرى، ومدبلجا في بعض الحالات· وفي السنوات الأخيرة عمت عادة شراء البرامج، خصوصا برامج المسابقات، كأفكار فحسب، ثم يجري تعريبها لكي تخرج في ''طبعات عربية'' تستحق عبارة ''إحذروا التقليد''· يندرج تحت هذا البند برامج مثل ''من سيربح المليون'' و''سوبر ستار'' و''ستار اكاديمي'' و''إكس فاكتور'' وغيرها الكثير··· ولا أعتقد أن ابن خلدون أو أي من أتباعه سيعترض على هذا النسخ الحرفي لبرامج الغرب التلفزيونية، طالما أن المسألة محكومة بقانون تقليد المغلوب للغالب· ولكن المسألة تستحق النظر عندما تصبح قاعدة التقليد انتقائية، بحسب أمزجة المقلدين، فيأخذون ما يعجبهم وينصرفون عما يفيدهم ويفيد المشاهد· كنت أتوقع أن تشهد الكثير من الفضائيات العربية، من تلك التي تعتمد أساسا على برامج المسابقات الهاتفية كمصدر للدخل والرواج، انتفاضة فعلية تسقط تلك البرامج وتدفع بها إلى مجاهل النسيان، على الأقل من باب التقليد لما جرى في هيئة الإذاعة البريطانية (بي· بي· سي·)· فقد أوقفت الهيئة بعض كبار المحررين بها عن العمل، كما أوقفت جميع مسابقات الهواتف بعد أن أقرت بأنها قدمت على الهواء فائزين مزيفين في برامج شهيرة توجه أرباحها لتمويل الأعمال الخيرية· ولم يقتصر الأمر على ذلك، فقد استدعت لجنة برلمانية بريطانية نائب المدير العام لـ (بي· بي· سي·) لمساءلته عن سلسلة المسابقات المزيفة التي لوثت سمعة الهيئة التي تعتبر الأكثر احتراما في العالم· ألا تستحق برامج المسابقات الهاتفية على الفضائيات العربية الفالتة من أي حساب أو قانون إلى أكثر من مساءلة من الجهات الرسمية ومن هيئات الدفاع عن حقوق المشاهد لو وجدت؟ أم أن مفاعيل قانون التقليد تبطل عندما يهدد مصالح الفضائيات؟ في هذه النقطة، ينبغي أن نكون خلدونيين إلى آخر مدى، ونقول: لا تحذروا التقليد·· adelk85@hotmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©