عاطل بدرجة امتياز

هناك العديد من الإحصاءات التي توضح حجم البطالة المخيف في مجتمعنا، مقارنة مع عدد السكان، ولا أعلم بالضبط متى ستنتهي هذه المشكلة·· ولكن يجب أن نتكاتف جميعنا لمساعدة هؤلاء الذين قضوا معظم حياتهم في المدارس وجمعوا الشهادات ثم كان مصيرها أحد الأدراج القديمة· وعندما جلست وحدي أفكر بهذه المشكلة حاولت تصور نفسي واحداً منهم·· فإن كنت عاطلاً مثلاً بعد دراستي الجامعية أو حتى الماجستير·· سأظل أفكر متى سيحين موعد توظيفي حتى أجمع بعض المال لأتزوج؟ كيف سأحصل على سيارة خاصة بي بدلاً من سيارة والدي التي عفى عليها الدهر وأكل الزمن أغلب محركاتها؟ متى سأستقل بشراء مستلزماتي الخاصة وأبتعد عن مصروفي اليومي الذي آخذه وأنا خجل من نظراتهم؟ متى ومتى ومتى؟ صدقوني عندما بدأت بالتفكير لم أستطع أن أجد مخرجاً من التساؤلات، ولولا دخول ابني الصغير علي لما انقطع حبل أفكاري ولاسترسلت بالكثير·· لذا لا ألوم العاطلين على مشاعرهم المكبوتة ولا ألومهم على الحزن الذي يعيشون فيه، لأنهم عاجزون عن خدمة مجتمعهم الذي قدم لهم الكثير، كعجزهم عن إثبات ذاتهم وحقهم في الوجود· والمشكلة أن معظم الوظائف - إن تقدمنا لها - لا تساعد هؤلاء الخريجين وتطلب أصحاب خبرة من 5 - 10 سنوات!!! كيف يحصل هذا الشاب على خبرة وهو ما زال في بداية الطريق؟ ولم لا يتم منح الثقة للخريج الجديد بدلاً من ذاك العامل أو الموظف السابق·· لو تمعنوا بالموضوع جيداً لأدركوا أن الدماء الشابة كفيلة بتجديد الدائرة أو المؤسسة التي سيعينون فيها·· كما أنهم أكثر حماساً من غيرهم وبالتالي سيكون هناك زيادة في دخل الشركة وفي طرح أفكار وخدمات جيدة تنافس غيرها من الشركات·· لذا أطالب جميع المسؤولين ورجال الأعمال بتبني الخريجين ومد يد العون لهم·· فإن لم نمد لهم - نحن أصحاب البلد - أيدينا يجب ألا نلومهم إن فكروا بالاغتراب! كما أتمنى أن تبدأ مناهجنا الدراسية في غرس اللغة الإنجليزية في عقولهم ابتداء من الأول الابتدائي وحتى آخر مرحلة دراسية لأن معظم الوظائف تطلب اللغة الإنجليزية· وهناك وسائل أخرى يجب على الخريج اتباعها وألا يعتمد على الحظ والبحث عن الوساطات، ألا وهي دخول التخصص الذي يحبه ويشعر أنه مطلوب في سوق العمل - محاولة تطوير الذات وتدعيم شهادته الجامعية بأخذ دورات في اللغة الإنجليزية أو الحاسب أو إدارة الأعمال أو المحاسبة - التدريب الصيفي في كل الجهات التي تسمح بهذا النظام - وأخيراً عدم الملل من فكرة البحث ووضع الأوراق في كافة المؤسسات والشركات والهيئات الحكومية والخاصة·· فإن لم ينفع الحال مع إحداها قد ينفع مع الأخرى·· فالكسل لن يجلب العمل· علي الزرعوني