الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

شعر يكثف سوداوية العالم ورؤية الخلاص

شعر يكثف سوداوية العالم ورؤية الخلاص
16 مارس 2008 04:11
''إلى الحياة·· حتى عندما تقسو'' بهذا الإهداء تبدأ الشاعرة الإماراتية نجوم الغانم صفحات كتابها الجديد، كتاب الأشواق الذي تقول الشاعرة إنها بدأت كتابته صباح الثامن والعشرين من أبريل ،2005 حيث ''بدا الليل أبديا/ لم يأت النوم/ ولم ترفع الوحدة قبضتها عن قلبي''· المجموعة الصادرة حديثا عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر- بيروت، تأتي بعد خمس مجموعات شعرية: مساء الجنة ،1989 الجرائر ،1991 رواحل ،1996 منازل الجلنار ،2000 لا وصف لما أنا فيه ·2005 والشاعرة في هذه المجموعة تحفر في الصمت والحرب التي أذبلت القلوب، وتذهب إلى إسطرلاب الرغبة، وترسم ارتجافات الهواء الموجعة، وتكتب عن ملائكة الغياب، وتبحث عما تحت ظل الوردة، وتدخل في تفاصيل أخرى ورياح باردة، وترصد قطرات المطر السوداء، وليالي الحنين والعتمة· انظر للمدى الأسوار شاهقة والأحزان كذلك من مناخات الحزن والأسى التي تتخم بها المجموعة قارئها، مناخات من اختفاء الطائر اليومي المرتقب، ومن غياب الأصدقاء الذين يمدون الحياة بالابتسامة، ومن قمر تبدده الظلمة في مياه الشواطئ، ومن ملائكة تقف على مشارف المدينة محتبسة، ومطر أعمى لا يدري أين يهطل، وعتمة دامسة رغم كل الأضواء، حيث القناديل بلا أرواح· أجواء كابوسية تهيمن على النصوص منذ النص الأول، وتتكثف في صور ومشاهد مختلفة· مرة تكون بصوت الحوار الداخلي، ومرة بالحوار مع الآخر· وفي باب ''الحرب التي أذبلت قلوبهم'' ثمة الجنود الذين ''نصبوا الرايات/ أقاموا التماثيل/ وأسالوا الدماء/ ثم زرعوا الحقول/ لكنها لم تمطر منذ/ تلك الشتاءات التي أقاموا فيها حولنا''· وهنا تحضر العلاقة الحميمة بين الرجل والمرأة، علاقة نلمسها في نصوص المجموعة عموما، لكنها هنا أشد حضورا وفاعلية لتعلقها بالحرب/ الموت/ الخراب/ والنهاية الفاجعة: خفت صخب الموج سكت كل شيء وحتى الهواء أما انتظارها فصار يمتد في الفصول دون احتمالات قريبة بالنجاة ومن إسطرلاب الرغبة نقف على اشتداد ثيمة الوحدة والتوحد وما يتعلق بهما من مشاعر، ومشاعر الفقد والغياب، حيث لا يبقى للمرء سوى عزلته ووحدته، أما أصدقاؤه فعابرون، والغرباء يبقون غرباء ولا خلاص يأتي معهم: نعتقد أن الضحكات العابرة للغرباءة ومقبر خلاص لانتظارنا وحين نخرج إليها تصطادنا بشراك قسوتها والبعاد الذي يوجع القلوب وتستمر الوحدة في صور مختلفة، فهي الخسارة والعزلة، خسارة الحب هي الأشد وطأة، فعندما يموت الحب تصبح النزوات جنة مؤقتة لدفن الأحبة· وللوحدة هنا صورة شديدة القتامة، فهي تشمل العلاقة مع كل شيء، بحيث تغدو حتى ضحكة العصافير في الشرفات المجاورة مضجرة· وحتى العصافير التي هي عنوان فرح وجمال ''تهبط من السماء في الساعة ذاتها/ في المكان الذي تركتها فيه بالأمس/ وقبل الأمس، أو قبل كل الأماسي التي لم ينتبه لعدها أحد''· ثيمات من الارتقاب والانتظار تهيمن على المجموعة، انتظار لشمس الصباح التي تأبى مفارقة موضعها، انتظار ''باب المدى'' الذي يشبه انتظار غودو، فثمة من ينتظرون ثم ينامون ويبدأون انتظارا جديدا متناسين أنهم أدمنوا الترقب وألجموا مسامعهم خشية أن تكسرهم الفجاءة وأخيرا، ومن ''ملائكة الغياب'' التي كتبت- كما تقول مقدمة القصيدة- فوق خط بعيد عن ذلك الذي يشبه حرارة بلادها حيث تركت التسيان يسري في جسدها كما يفعل كأس الماء الذي تتجرعه آخر كل ليلة لتهدأ قليلا، فقط قليلا، حيث تبدو كتبت في مشفى أو بعد تجربة استشفاء، نقتطف: في المشفى القصي كانت النافذة تستدعيني للتفت نحوها وقد هيأت صيدها من الغيمات الملوّحة بشمس جديدة لكن رأسي مدوّخة أعضائي تختبر التعب قبل أن يرتفع في التألم والبكاء متوقف عند حافتي عيني لا اريد أن يلحظني بياض الجدران أن تلتقط الممرضة خيط الحزن المعلق بيني وبين إيماءات العابرين
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©