الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الأمن القومي العربي يبدأ وينتهي في الخليج

24 يوليو 2007 05:17
كل محاولات تجزئة الأمن القومي العربي أو التعامل معه بمنطق قطري أو إقليمي تصب في خانة تكريس التشرذم، حتى إذا كان ذلك بحسن نية، كما أن هذه المحاولات تبدأ بمقدمات خاطئة وتؤدي بالتالي إلى نتائج مغلوطة· فالأمن القومي العربي كل لا يتجزأ والقول بأمن خليجي أو أمن مغاربي أو امن نيلي أو شامي يفتقد الدقة والنظرة العلمية الصحيحة· وفي هذا الإطار أو ذلك الطريق سارت أعمال مؤتمر ''الأمن في الخليج وتأثيره على الأمن القومي العربي'' الذي نظمه المركز القومي لدراسات الشرق الأوسط بالقاهرة· هناك تهديدات ومخاطر متفاقمة تواجه دول الخليج أبرزها أزمة البرنامج النووي الإيراني وتدهور الحالة الأمنية في العراق، في وقت تحتاج فيه الإنجازات الاقتصادية الخليجية لمزيد من الاستقرار والأمن الذي تهدده احتمالات عمليات إرهابية، هذا ما أكده د· محمد شفيق -مدير المركز القومي لدراسات الشرق الأوسط-، مؤكدا على أن الأمن الخليجي جزء من الأمن العربي، وهناك مشكلة متعلقة بوضع خطوط فاصلة واقعية تجمع ولا تفرق بين الأمن القطري لكل دولة خليجية على حدة والأمن القومي العربي· أبعاد جديدة أما عن البعد العسكري التقليدي، فإن د· كمال المنوفي -العميد السابق لكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة- اوضح أن مسألة الأمن في الخليج لا تقتصر على هذا البعد بالذات الذي يرتكز على التأمين الدفاعي ضد الغزو القادم من جهات خارجية، فهناك الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية كتهديدات أمنية حادة· مؤكدا أن التطور السياسي والتحول الديمقراطي جزء من الأمن في دول الخليج، وهو ما ظهر في إصلاحات دستورية وتشكيل مجالس نيابية وانتخابات بلدية وانفتاح في الوسائل الإعلامية، فقد دارت عقارب الساعة بالنسبة للإصلاح في دول الخليج، وحدوث انتكاسة أو ردة مسألة صعبة، لان الإصلاح السياسي الداخلي قضية أمن قومي· وأوضح سامح راشد -باحث بمجلة السياسة الدولية- أن الهواجس الأمنية التي دفعت دول الخليج إلى الانضواء تحت لواء تكتل إقليمي خاص بها أصبحت أكثر تعقيدا سواء في النطاق الخليجي أو الإقليمي الواسع، وما حدث هو تبدل في أشكال ودرجات ومفردات تلك التهديدات وعناصرها· ويرى انه مع بدايات إنشاء مجلس التعاون الخليجي كان الإدراك الخليجي العام للتهديدات الأمنية يركز على التهديد الإقليمي الناجم عن إيران ثم إسرائيل، وفي عقد التسعينيات من القرن الماضي تبدلت مصادر التهديد من إيران إلى العراق وتراجعت مكانة إسرائيل نسبيا كمصدر للتهديد في نظر بعض دول الخليج، وتوارى مبدأ الأمن الجماعي الذاتي لحساب فكرة الأمن الذاتي القطري وفق حسابات وتقديرات كل دولة، بفعل الشرخ الفكري والنفسي والسياسي الذي أحدثه الغزو العراقي للكويت، مما أدى إلى البحث عن مصادر حمائية خارج الإطار العربي· وأشار إلى ان هناك مصادر للتهديدات الأمنية منها التهديدات الإرهابية والعنف السياسي والتطرف الفكري وهو ما يتطلب تتبع وملاحقة شبكات الجريمة المنظمة والخلايا النائمة وعمليات غسيل الأموال وتهريب الأفراد والأسلحة، مضيفا أن مقومات الأمن والاستقرار الداخلي تعاني من ثغرات بعضها متجذر في التركيبة الاجتماعية والمنظومة الثقافية الخليجية وبعضها مستجد أو مستورد بفعل العولمة والانفتاح على العالم· وأكد أن الانفتاح الذي اتجهت إليه اقتصادات دول الخليج في السنوات العشر الأخيرة جعل أراضيها ساحة مفتوحة لعمليات غسيل الأموال من خلال ظهور أنماط جديدة من طرق امتلاك الأموال والثروات غير القانونية، مثل التجارة في العملات الأجنبية والفساد الإداري والاتجار في التأشيرات والعمالة· وأوضح أن النصيب الأكبر لدول الخليج من ظاهرة غسيل الأموال ينصرف إلى غسيل الأموال القادمة من الخارج، أي تلك المتحصلة من أنشطة وممارسات غير قانونية يمارسها أصحابها في دول أخرى ثم يفدون إلى دول الخليج بهدف تنظيف هذه الأموال وتبييضها استغلالا للمناخ الاستثماري· غير أن العراق يشكل المحور الرئيسي في الاستراتيجيات التي تتم صياغتها لمواجهة التهديدات الأمنية لدول مجلس التعاون الخليجي، هذا ما يشير إليه د· محمد مجاهد الزيات -نائب مدير مركز دراسات الشرق الأوسط-، وذلك لأن عامل القرب الجغرافي يجعل العراق متأثرة بما يحدث في العراق، مشيرا إلى أن تشكيل دول قومية في العراق خاصة ما يتعلق بإقامة دولة شيعية وارتباطاتها بإيران سوف يغير الخريطة السياسية للمنطقة· مشاركة جماعية أما د· محمد السعيد إدريس -رئيس تحرير مجلة مختارات إيرانية- فيرى أن الأمن الإقليمي للخليج العربي لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال الاتفاق والمشاركة الجماعية للدول التي يتكون منها النظام الإقليمي الخليجي، لكن ثمة تهديدات تواجه هذا الأمن، أهمها اختلال توازن القوى بين هذه الدول والدور المتزايد للقوى الخارجية في الأمن الخليجي وخاصة الولايات المتحدة التي ورثت النفوذ البريطاني· ويرى أن النجاح الاميركي في قيادة حرب تحرير الكويت عام 1991 دفع دول الخليج إلى توقيع اتفاقيات دفاعية وأمنية ثنائية مع الولايات المتحدة بحيث أصبحت أميركا طرفا أساسيا في معادلة الأمن الإقليمي التي تحولت من إطار مثلث صراعات الهيمنة بين القوى الخليجية الكبرى إيران والعراق والسعودية إلى مستطيل التوتر الذي يجمع إيران والعراق ومجلس التعاون الخليجي والولايات المتحدة في منظومة أمنية واحدة قائمة على قاعدة التفاعل الصراعي باستثناء نمط التعاون بين الولايات المتحدة ودول مجلس التعاون· وأكد د· عبدالمنعم المشاط -مدير مركز البحوث والدراسات السياسية بجامعة القاهرة- أن فكرة تكوين حلف دفاعي مشترك بين دول الخليج العربي لضمان امن الخليج دون الاعتماد على التدخل الأجنبي غير وارده وهو ما أدى إلى الإنفاق العسكري الباهظ لكل دولة للاستعداد لأي اعتداء محتمل من دول الجوار أو دول خارجية الأمر الذي شجع الولايات المتحدة على التدخل بدعوى حماية الخليج·
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©