السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

السياب يكشف عداءه للشيوعية

السياب يكشف عداءه للشيوعية
24 يوليو 2007 05:22
تحت عنوان "كنت شيوعيا" نشرت دار الجمل مؤخراً كتاباً للشاعر العراقي بدر شاكر السياب، يكشف عن التحول الذي تعرض له الشاعر في تجربته بالانتماء إلى الحزب الشيوعي العراقي، وليتحول من عضو حزبي وشيوعي متحمس إلى عدو لدود للشيوعية· والكتاب هو عبارة عن اعترافات نشرها السياب على حلقات في مجلة الحرية العراقية في العام ·1959 وكان وقتها قد وضع حداً لانتمائه للحزب الشيوعي، وكانت هذه الحلقات مراجعة نقدية نادمة على السنوات التي قضاها في الحزب الشيوعي العراقي· إنها وثيقة تكشف سيرة السياب الشيوعي، والملاحقات التي تعرض لها وهربه من الاعتقال وتجربته مع حزب تودا الإيراني أثناء هروبه إلى إيران، كممر للوصول إلى أوروبا الشرقية· وقد استمر التزام السياب في الحزب الشيوعي العراقي حوالي الثماني سنوات· وهي شهادة تكشف واقع الحزب الشيوعي العراقي في ذلك الوقت دون رتوش أو محسنات أو هالات أيديولوجية أو بطولية· تجربة تكشف عن العلاقة المتناقضة بين المبدع الذي يحتاج مساحات حرية واسعة، وبين الالتزام الحزبي الذي يعتبر قيداً على المبدع، يحصره في أطر معينة، غير قادر على الالتزام بها، فالإبداع وخاصة الشعري الذي يحتاج إلى مخيلة تتجاوز كل قيد، يجد صاحبها في القيود الحزبية مشنقة الإبداع· في تناقضه مع الشيوعية يجد السياب نفسه عروبياً، ويجد موقف حزبه بشأن القضية الفلسطينية غريباً وتآمرياً· كما يجد نفسه شخصياً أقرب إلى الإيمان الديني من ما يسميه الإلحاد الشيوعي حيث يعتبر الشيوعية نوعاً من الانحلال الأخلاقي والشيوعي نموذج للانتهازي والأناني خاصة عند القيادات الشيوعية التي تأتمر بأمر الخارج وتنفذ سياساته على حساب مصالح الوطن، ويتهم الشيوعيين بـ أنهم يضعون مصالح دولة أجنبية وشعبها فوق مصالح بلدانهم وشعوبهم· صرخة السياب في مواجهة الحزب الشيوعي تعبر عن جرأة استثنائية، خاصة في زمن كانت الشيوعية تعتبر أيديولوجية صاعدة، يراها أصحابها صالحة لحل مشكلات البشرية في كل مكان، فكيف لا تحل مشاكل العراق، وقد كان أصحاب الأيديولوجيا الشيوعية يتعاملون معها كشيء مطلق، وكدين صحيح غير قابل للنقاش· لم يكن نقد السياب للحزب الشيوعي العراقي نقداً فكرياً عميقاً لطروحاته، رغم أنه يتعرض لمواقف الشيوعيين الإيرانيين أثناء الصراع في فترة حكومة مصدّق في إيران ويعتبره تابعاً للسوفييت وغير أمين للمصالح الوطنية الإيرانية· كما يتطرق إلى موقف الحزب من القضية الفلسطينية وموافقته على الدولة اليهودية· وقد رفع الشيوعيون العراقيون حول الموضوع الفلسطيني شعار: نحن إخوان اليهود وبذلك تحدوا شعور شعبهم وشعور مائة مليون عربي من بني قومهم، وراحوا يهتفون· بل كان اليهود هم الذين يقودونهم· حسب تعبير السياب· تتركز انتقادات السياب للحزب الشيوعي على ممارسة قيادته، فهي تروي تفاصيل كثيرة عن هذه الممارسات التي يعتبرها لا تليق بالقيادة لا في انتهازيتها ولا في أنانيتها· ولكنه يعمم الموقف من الشيوعية على الشعراء الشيوعيين، لذلك يقلل من أهمية شعراء كبار لأنهم انتموا إلى الشيوعية، مثل نيرودا وناظم حكمت واراغون، وحتى أنه لا يعتبرهم شعراءً· من المعروف عن بدر شاكر السياب أنه شخص هادئ وودود، ولكنه في هذا الكتاب غاضب وحاد في انتقادته ويدخل في جدل سياسي ينحدر في بعض المواقع إلى السباب· في بدايته يحدد السياب ما يريده من الكتاب فيقول أردت أن اكتب عن تجربتي مع الشيوعيين، كيف اعتنقت الشيوعية، وماذا رأيت فيها ومنها، وما الذي جعلني أصبح عدواً لدوداً لها· إنه كتاب يشرح التحول بكل ما له وبكل ما عليه·
المصدر: دمشق
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©