الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

طعامنا لعبة في حديقة العلماء

طعامنا لعبة في حديقة العلماء
16 مارس 2008 03:53
أنا وأنت وهو وهي، نظن أننا نأكل ما نريد ونتحكم في نوعية الطبق الذي نضعه أمامنا على المائدة، ولكن هذا غير صحيح على الإطلاق، فنحن ومئات الملايين من البشر مجرد ضحايا مغلوبين على أمرهم أمام قلة قليلة من البشر التي تتحكم في سلة غذائهم، إنهم أصحاب النفوذ العلمي والمالي (العلماء وأصحاب الشركات) الذين يفرضون وسيفرضون ذوقهم وتصورهم وربما نزواتهم لشكل ونوعية وحجم وسعر سلة الغذاء العالمي· وإن شئت التزود بمعلومات أكثر حول هذا الموضوع يمكنك زيارة عشرات المواقع على الإنترنت منها على سبيل المثال لا الحصر: www.wafi.cc ، www.uaeagri.ae ، www.islamonline.net ، www.diseaseproof.com، www.diwanalarab.com، www.greenpeace.org/gefreefood. مع ولادة أول نبات مُهندَس وراثياً عام ،1993 أصبح بالإمكان تفصيل نباتات تستطيع إنجاز مهمات متباينة لم تكن تخطر على بال، فتحولت جهود الإنسان في تحسين النباتات من مجرد متابعتها وهي تتكاثر وتتحسن أجيالها، إلى التدخل في شيفرتها الوراثية باستخدام تقنية القطع والوصل والترقيع في بنية الحمض الوراثي ''دي إن إي''، الذي يفضي لإعادة ''تفصيل'' الجينات المُتضمنة في الحمض· ويستطيع العلماء حالياً استيلاد بعض النباتات المُعدّلة ''بحسب الطلب'' لتقوم بمهمات صناعية محددة، الأمر الذي بشّرهم بثورة زراعية تتيح وفرة من الغذاء من طريق زراعة أصناف مُحسّنة وراثياً، ولهذا أولت المؤسسات التجارية اهتماماً كبيراً ومباشراً للنواحي العملية من العائد المادي لابتكارات الهندسة الوراثية· رعب غذائي يتضمن التحوير الوراثي للنباتات عمليات باهظة التكلفة، إذ تصل تكلفة هندسة جين منفرد، بهدف تحسين صفة معينة داخل النباتات إلى مليون دولار، والنموذج النمطي للمصروفات الكلية التي تخصصها الشركات لإنتاج نبات معدّل وراثياً يتضمن 20 بالمئة من الموازنة الإجمالية للبحوث و80 بالمئة ينفق على تكاليف زراعته وإعادة إنتاجه· وبذلك تحوّلت الهندسة الوراثية من مجال بحثي إلى تكنولوجيا فعّالة تدر مليارات الدولارات سنوياً، يمسك بدفتها رجال أعمال عتاة، يديرون تطبيقاتهم وسط عالم السياسة والسوق والاستثمار والإعلام· وأصبح من المؤكد أن الهندسة النباتية تعتبر من أكثر الصناعات المربحة في القرن الراهن، حيث يُقَدَّر ما يباع من البذور المُهَندسة وراثياً بما يوازي 6 بلايين دولار· وكذلك يتوقع أن تصل مبيعات المنتجات المعدلة وراثياً إلى 100 بليون دولار، في مستقبل قريب جدا· وتعتبر الولايات المتحدة الأميركية أكبر مُصَدّر للأغذية المُعالَجة وراثياً في العالم، محولة الثورة الغذائية إلى الجيوب بدلاً من إطعام العالم، ليصبح الرعب الغذائي السمة المُهيمنة على الألفية الثالثة، بصورة تفوق خطر الرعب النووي· حقوق المستهلك تنتشر في أسواق اليوم أصناف كثيرة من الأغذية المعدلة وراثيا التي أصبحت تستورد على شكل أغذية تضم مختلف الأصناف كالخضراوات واللحوم أو الأسماك التي لا يقتصر بيعها على أسواقنا فقط، بل حتى في الأسواق الأوروبية مصدر اكتشاف علم الجينات، ولا شك إن عملية خلط الجينات أصبحت الآن تخيف الجميع حيث أصبح المستهلك لا يميز بين ما هو معدل وراثيا وما هو طبيعي وما مدى تأثيرها الصحي· ويعتقد عدد كبير من العلماء أن هذا القرن سيكون قرنا لعلوم الهندسة الوراثية نتيجة للتطورات الايجابية والسلبية التي ستحدثها هذه العلوم التي ستغير معالم حضارتنا الإنسانية، بعدما أصبح هذا العلم سلاحا ذا حدين، وتحولنا نحن كمستهلكين إلى حقل تجارب لاكتشافات العلماء، وضحية للتجار الطامحين للثراء السريع على حساب أرواح البشر· لذلك تبرز أهمية توعية وتبصير المستهلك بطبيعة الأغذية المعدلة وراثياً واحترام حقه في التعرف على طبيعة ومكونات المنتجات الغذائية والحيوانية، وما إذا كانت طبيعية أو معالجة وراثياً· تعريف وتخويف وهنا يبرز خلاف واضح حول التعريف بالمنتجات المحتوية على مواد من محاصيل معدلة وراثياً، حيث ينصب الجدل حول التعريف بالمنتج (على العبوة) انطلاقا من جانبين، الأول من حيث السلامة والصحة، والثاني من حيث حق المستهلك في الاختيار، الجانب الأول قد لا ينطبق على كل الأغذية المحتوية على مكونات من محاصيل معدلة وراثياً، وهنالك شبه إجماع بأن الغذاء المعدل وراثياً إذا لم يكن مساوياً لغذاء موجود أصلاً فإنه يجب التأكد من سلامته وعدم تأثيره على الصحة، وإذا ثبت أنه مأمون يمكن أن يستخدم مع التعريف بالمنتج على أنه يحتوي على مكونات معدلة وراثياً· وفي الجانب الثاني هناك وجهتي نظر، تقول الأولى إن التعريف بوجود مواد معدلة وراثياً يخيف المستهلك لأنه يعتقد أنه تحذير، في حين تقول الثانية إن من حق المستهلك معرفة تركيب الغذاء الذي يتناوله بغض النظر عن أي شيء آخر· فما رأيكم أنتم!؟·
المصدر: الشارقة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©