الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

واشنطن..مواجهة جديدة ضد الإرهاب

9 يناير 2016 22:44
يضم مشروع قانون التخصيصات الشامل الذي مُرر مؤخراً في الكونجرس الأميركي، على ما يمكن اعتباره، أهم مساهمة من جانب إدارة أوباما في موضوع مكافحة الإرهاب حتى الآن، وهي مساهمة لا تشتمل على استخدام الطائرات التي تطير من دون طيار، ولا قوات العمليات الخاصة، أو أي شكل من أشكال القوة العسكرية. ومن المعروف أن النهج الخاص باستخدام قوات العمليات الخاصة من أجل تدريب الشركاء المحليين، وتزويدهم بالعتاد اللازم لبناء قدرة عسكرية لمكافحة الإرهاب، كان من العلامات المميزة لإدارة أوباما. ولكن هذا النهج لم يكن مقروناً، بالاستثمار الضروري في بناء الإدارات المدنية لشركائنا. وكان أوباما قد أعلن عام 2014 في كلمة له أمام خريجي أكاديمية «ويست بوينت» العسكرية عن إنشاء ما يعرف بـ«صندوق شراكات مكافحة الإرهاب» (CTPF)، ودعا الكونجرس لدعمه. وكان التصور لدى أوباما أن هذا الصندوق سينمو تدريجياً ليصل لـ 5 مليارات دولار تستخدم في بناء «شبكة من الشراكات تمتد من جنوب آسيا إلى منطقة الساحل في أفريقيا» لمواجهة الجماعات الإرهابية التي تسعى لتثبيت أقدامها في تلك المناطق. وفي السنة المالية 2015، وافق الكونجرس على تخصيص مبلغ 1.3 مليار دولار من إجمالي الـ4 مليارات دولار المطلوبة رسمياً للبرنامج المذكور، من قبل «البنتاجون»، في حين لم يخصص شيئاً لوزارة الخارجية التي كانت قد طلبت تخصيص مبلغ 500 مليون دولار فقط لاستخدامها في برامجها المدنية في مجال مكافحة الإرهاب. ولكن يوجد هناك شيء ما تغير في مخصصات السنة المالية 2016. ففي الشهر الماضي، وأثناء مناقشة مشروع قانون المخصصات الشامل، وافق الكونجرس على تخصيص 175 مليون دولار من ضمن مخصصات «صندوق مشاركات الإرهاب» لوزارة الخارجية لاستخدامها في البرامج المدنية، وبرامج بناء القدرات اللازمة لمكافحة الإرهاب. وفي الوقت الذي يمثل في هذا القرار تحولاً بيروقراطياً مهماً، في الكيفية التي تقارب بها الإدارة والكونجرس، موضوع مساعدات مكافحة الإرهاب فإنه يرسل أيضاً إشارة واضحة تماماً، على أن هناك دوراً رئيسياً في جهود المكافحة للاعبين المدنيين. وهذا التحول يأتي في وقته الملائم تماماً، بعد التنامي المطرد لتهديد الجماعات الإرهابية، التي شنت عدداً من الهجمات الخطيرة في مناطق مختلفة من العالم في الآونة الأخيرة. وهناك سبب يدعو للتفاؤل في أن هذا التوجه الجديد سيحقق نتائج ملموسة، وهو أن وزارة الخارجية قد حققت نتائج جيدة بالفعل في ثلاثة من المجالات التي ركزت عليها جهودها، حتى وهي تعمل بميزانيات شحيحة للغاية. الأول: تركيزها على الموضوع الحيوي الخاص بسفر المقاتلين الإرهابيين الأجانب، حيث خصصت برامج لسد الثغرات الناتجة عن عدم استجابة الدول المختلفة لقرار الأمم المتحدة رقم 2178 الخاص باعتقال ومحاكمة المقاتلين من مواطنيها الذين يسافرون من وإلى جبهات قتال «داعش» وغيره من التنظيمات الإرهابية. الثاني: انخراطها في الجهود الرامية لمنع ومكافحة الملاذات الآمنة للإرهابيين في الدول الرئيسية المعرضة لمخاطر الإرهابية. الثالث: تدشين مبادرة دولية، بالتعاون الوثيق مع وزارة العدل، لرفع مستوى الوعي بالشبكات الإرهابية والأنشطة الإجرامية واسعة النطاق لكل من إيران و«حزب الله» في مختلف أنحاء العالم. كانت هناك حاجة ملحة منذ زمن طويل، لوضع برامج لزيادة تمويل مثل هذه الأنشطة. فالولايات المتحدة تنشر قوات خاصة لمواجهة تهديدات الإرهاب، بالتنسيق مع الشركاء المحليين ليس فقط في أفغانستان وإنما في أماكن أخرى مثل سوريا والكاميرون وغيرهما من دول العالم، ولكنها كانت تحتاج وهي تقوم بتدريب الشركاء المحليين على مكافحة الإرهاب إلى أن تدربهم أيضاً على التعامل مع ما سيحدث بعد ذلك؛ أي محاكمة الإرهابيين الذين يتم القبض عليهم، مع الاستمرار في مراقبة الحدود ومعالجة العوامل والأسباب التي تدفع البعض للتطرف، ومواجهة تمويل الإرهابيين. أوباما أقر أن الولايات المتحدة لا تستطيع- ولا يجب- أن تتعامل مع التهديد الذي يمثله الإرهاب في مختلف مناطق العالم بمفردها، وأن شركاءها يجب أن يلعبوا دوراً أكبر، وأكثر أهمية في هذا الشأن. ما قاله أوباما في هذا الخصوص يمثل نقطة بداية جيدة من دون شك، ولكن يجب علينا أن نعرف أنه كلما تمكنت الولايات المتحدة من التحرك على نحو أسرع، وبشكل أفضل، نحو مقاربة أكثر توازناً لمكافحة الإرهاب ليس فقط فيما يتعلق بجهودها الذاتية، وإنما أيضاً فيما يتعلق بنمط الشركاء الذين تسعى لإيجادهم، كلما غدت أكثر أماناً. مدير برنامج شتاين لمكافحة الإرهاب والاستخبارات في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©