السيارات الرقمية على الطريق

من المرجح أن يكون لجهاز (آي فون) الذي أطلقته شركة (آبل) الشهر الماضي وأحدث ضجة عالمية وإقبالاً يفوق الخيال، تأثير كبير في تطوير التصميم الداخلي لمقصورات السيارات خلال السنوات القليلة المقبلة· ونقل تقرير لموقع (ذي كار كونيكشن دوت كوم) على الإنترنت عن فرانك هومان نائب مدير قسم الحلول الإلكترونية في فرع شركة سيمنز في ضاحية أوبورن هيلز بولاية ميتشيجن الأميركية قوله: (أصبحنا نلاحظ بوضوح كبير ميل صنّاع السيارات لتطوير مقصورات الطرز الجديدة التي يطرحونها في الأسواق وجعلها أكثر انسجاماً مع أذواق الأجيال الشبابية· وأصبحت الأجيال الجديدة من المستهلكين تصرّ على أن تكون السيارات التي يختارونها كاملة التجهيز بأحدث تكنولوجيات الاتصالات ووسائل الرفاهية· وكان هذا الموقف حافزاً قوياً لصنّاع السيارات لتبنّي حلول واستراتيجيات تصنيعية جديدة تختلف تماماً عن تلك التي كانوا يعتمدونها قبل عشر سنوات)· وآثر هومان أن يطلق على هذا الجيل الجديد اسم (الأبناء الرقميين)؛ وهو يفضّل أن يضع لهم تعريفاً محدداً فيشير إلى أنهم أولئك الذين ولدوا بعد عام ،1987 وهم الذين يصرّون على البقاء في حالة (اتصال دائم) بالإنترنت والأجهزة الرقمية اليدوية· ولهذا السبب، يتوقع هومان أن يساهم جهاز (آي فون) الذي صمم لأداء جملة من الوظائف الاتصالية المعقدة مرة واحدة، في تشغيل العديد من الأنظمة ضمن مقصورات السيارات الحديثة وبما يلبي معظم رغبات مستهلكي السيارات في المستقبل القريب· وأوحت الدراسات الهادفة إلى استكشاف رغبات الجيل الأول من (أبناء الإنترنت) أن السيارات التي ينتظرون ظهورها خلال السنوات القليلة المقبلة لا بدّ أن تضم أنواعاً مختلفة من الأجهزة الإلكترونية التي انتشرت مؤخراً وخصوصاً آي بود · وسوف تتجمع هذه الأجهزة في واجهة السيارة أو في (الكونسول الأوسط) الذي يقع بين المقعدين الأماميين ويمكن تشغيله عن بعد وبطريقة لاسلكية بواسطة تجهيزات إضافية ملحقة به مثل أجهزة (بلوتوث) التي تعمل بتردد إشعاعي ضعيف جداً على تشغيل الأجهزة اللاسلكية اليدوية؛ ولابد أيضاً من إضافة لاقطات بالغة الدقة والوضوح للأمواج اللاسلكية· وفي الوقت ذاته، ومع التطور الكبير الذي شهدته تكنولوجيا الشاشات اللمسيّة (التي تتلقى الأوامر بتقنية لمس الأيقونات برؤوس الأصابع أو بقلم مغناطيسي)، فإنها ستحتل مكانها المميز على الواجهات الأمامية لمقصورات السيارات إلى جانب شاشة نظام التوجّه والملاحة البرّية· وسوف يطرأ تطور كبير على تقنيات عمل شاشات نظام تحديد الموقع (جي بي إس) التي ستتحول إلى أجهزة اتصال بالإنترنت بدلاً من كونها مشغلات لأقراص الفيديو مرتبطة لاسلكياً بمحطات الاتصال بالأقمار الاصطناعية· وسوف يفتح هذا التغيّر الأخير آفاقاً واسعة أمام هواة السفر البعيد بالسيارات لأنه سيضع تحت تصرفهم قاعدة بيانات ومعلومات متكاملة حول الطرق التي يسلكونها والأماكن السياحية التي تهمهم· ومع هذه التطورات المعقدة التي تشهدها صناعة التجهيزات الإلكترونية لمقصورات السيارات، يكون من المهم بالنسبة للمستهلكين أن يكونوا بارعين في استخدام الأجهزة الرقمية المعقدة· ولم يعد الأمر كما كان منذ بضعة عقود وحيث كانت مقصورة السيارة لا تضم أكثر من مجموعة المقاعد ودواسات التحكّم بالحركة والمقود؛ وربما يتطلب الأمر من مشتري سيارة المستقبل المتطورة أن يقضي بضعة أيام وهو يتدرب على تشغيل عشرات الأجهزة الرقمية المعقدة قبل أن يصبح مؤهلاً لقيادة سيارته· ولهذا السبب فإن هومان ينصح مبتكري هذه الحلول الرقمية الاتصالية بتبسيط طرق تشغيلها إلى أقصى الحدود الممكنة حتى لا تتحول السيارة يوماً ما إلى جهاز يتطلب تعلّم تشغيله قضاء أشهر كاملة في معاهد التدريب· وهناك نقطة مهمة أخرى ينبغي على صنّاع هذه الأجهزة والحلول الرقمية أن يأخذوها بعين الاعتبار وهي أن العمر الزمني الافتراضي للسيارة يعادل مجموع الأعمار الافتراضية لعشرة أجيال متعاقبة من الأجهزة اللاسلكية اليدوية مثل الموبايل و(آي بود) و(آي فون)؛ مما يقتضي أن تكون تجهيزاتها في السيارة قابلة للتغيير والتعديل بسهولة وبتكاليف قليلة· وكان من الطبيعي أن تؤدي هذه التطورات الحاسمة في عالم صناعة السيارات إلى تغيّرات كبرى في العلاقة القائمة بين المنتجين والمستهلكين· وأصبح من الضروري بالنسبة للشركات التي تنشد النجاح في الأسواق أن تكون قادرة على فتح أوسع القنوات الاتصالية بينها وبين زبائنها حتى تقف بشكل مستمر على طلباتهم وخياراتهم التي تتغير باستمرار مع التغير المتواصل لخصائص ومواصفات الأجهزة الرقمية اليدوية ذاتها· ويمكن أن يتم ذلك عبر مواقعهم النشيطة على الإنترنت· وتعمل الآن شركة سيمنز على ابتكار (كونسول أوسط) للسيارات يتضمن كل هذه الوظائف المذكورة· وسوف تكون تقنية تمييز الكلام المنطوق والتعرف على الطوابع الصوتية لأصحاب السيارات من أهم المميزات المبتكرة في (الكونسول الجديد)· وعلى التوازي مع هذه التطورات التي تشهدها مقصورات السيارات، سوف تشهد تجهيزات التحكم بالقيادة تطورات مماثلة تجعلها أكثر انطواء على السلامة· ولا شك أن هذه التطورات ليست بعيدة أبداً عن التحقيق؛ بل إن المدة المتبقية على ظهورها يمكن أن تعدّ بالأشهر أو الأيام وليس بالسنين أو العقود· وسوف يشهد معرض فرانكفورت الدولي للسيارات الذي ينظم في شهر سبتمبر المقبل عرض أول (كونسول) لسيارة يضم كافة الوظائف الجديدة· ---------------------------------