السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الدلّة عربية الهوى والهوية

الدلّة عربية الهوى والهوية
16 مارس 2008 03:46
تفخر شعوب العالم بموروثها الشعبي، وتاريخ أجدادها، وعاداتها الحميدة التي تؤشر على أخلاقياتها ومفاهيمها الإنسانية وبعدها الثقافي والحضاري، ولهذا تعمل على إحياء وتعزيز ذلك الموروث بتفاصيله المختلفة، سواء كانت تقاليد محلية أو فنونا شعبية أو حرفا تقليدية أو غير ذلك· والكرم واحد من هذه التقاليد التي يتميز بها المجتمع العربي عامة والبدوي خاصة، ويتم التعبير عنه بحسن الضيافة الذي يبدأ أول ما يبدأ ببريق الدلة الذي يلمع في عيني الضيف، مؤكداً له أنه ''نزل أهلاً و وطئ سهلاً'' وأنه موجود في دار كرم وأصالة· تاريخ ميلادها يعود تاريخ ظهور الدلة في المنطقة إلى 500 سنة قبل الميلاد بحسب ''تاريخ العصر الجاهلي'' للدكتور أحمد رحيّم عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية في جامعة حلب، وهي تمثل جزءاً من الثقافتين الاجتماعية والفنية الجمالية في تاريخ المنطقة، بحيث لا يخلو مطعم أو فندق أو منتجع أو مجمع تجاري أو مركز تسوق من وجود دلة رشيقة القد تومض في المكان، كما أن دوّارات الشوارع في الدولة وبعض الشركات اتخذت منها شعاراً، فضلاً عن كون إحدى أقدم قطع العملة النقدية في الدولة -الدرهم- يحمل شعار الدلة· كما تبرز الدلة في العديد من لوحات الفنانين التشكيليين والمصورين الفوتوغرافيين الذين يشيرون باللون أو الضوء إلى دلالاتها، فهناك مئات اللوحات والصور التي تُظهر مختلف الأشكال الجميلة للدلة، وما نُقش عليها من شتى أشكال الخطوط الهندسية والزخارف والحروف العربية· وخصص الباحثون في التراث المحلي في العديد من كتبهم فصولاً تتحدث عن الدلة وكل ما يتصل بها، وجادت قريحة الشعراء التي حرّضتها الدلة المتربعة على نار المعاميل، ومن ضمنهم الشاعر بركات الشريف الذي قال: ادني دلال مثل بط مهاديف دلال ما عنهم سنا النار طافي واحدة عددها كثير شكلت تلك الدلائل والاعتبارات منطلقاً لمواصلة الاهتمام بصناعة الدلة، حيث كانت تصنع في الماضي من مادة النحاس بلونها الذهبي المشع أو الفضي اللامع، وتفنن الصناع في عصرنا بإنجاز أشكال وأحجام متنوعة كل واحدة منها تبز الأخرى جمالاً· يقول محمد الصفار صاحب محل بيع ''تراثيات'' في أحد مراكز التسوق بأبوظبي: ''تتوفر في أسواق الدولة العديد من أنواع الدلال، منها: الدلة الأسطوانية والحلزونية والشامية والملكية والبغدادية والرسلانية والنجدية واليمنية، فضلاً عن الدلال العصرية المستوردة من دول آسيوية، بحيث يمكنني الجزم بأن ملايين الدلال تباع سنوياً في أسواقنا! بينما يستغرق صنع الدلة النحاسية الكبيرة الحجم نحو ثلاثة أيام خاصة وأن النقش على سطحها يتطلب الدقة، وكلما صَغر حجم الدلة نقص الزمن المطلوب لصناعتها، لكن المتعارف عليه أن الدلة المصنوعة يدوياً هي الأعلى سعراً حيث يتراوح سعر القطعة بين 200 إلى 2000 درهم، وإذا أرفقت بفناجين وصينية فإن السعر يرتفع إلى الضعف، فضلاً عن توفر أطقم دلال (3 قطع) متعددة الأحجام يتراوح سعرها بين 500 إلى 5000 درهم، وثمة أطقم دلال فاخرة مذهبة يصل سعرها إلى 100 ألف درهم، منها ما يصنع هنا في ورشات متخصصة، ومنها ما يستورد وفق طلبات مسبقة''· بين الأيادي أما الزائر الى ''قرية التراث'' فيلمح بمجرد دخوله محال ''السوق الشعبي'' والناس تتحلق حول الباعة لتشتري منتجات ''سوق المهن الشعبية'' المجاور له، هناك تصطف الدلال على الرفوف والمصاطب كأنها طيور بمناقير ذهبية أو عرائس من مختلف الألوان والأحجام، تتجاوز المحال لتصل إلى سوق المهن التي ينجز فيها الصنّاع معظم تلك المنتوجات النحاسية وسواها· يقول علي صانع الدلال النحاسية: ''نحن نصنع دلال القهوة وفناجينها وصواني مختلفة الأشكال والأحجام، نحرص أن تكون أسعارها في متناول مختلف القدرات الشرائية بحيث تبدأ من 100 إلى 2500 درهم· لكن، لأن السياح العرب والأجانب يقصدوننا من كل مكان في العالم للاطلاع على تراثيات الدولة واقتناء بعض القطع، نصنع هنا ''دلات'' أشبه بمجسمات ديكور كي يزينوا بها غرف وصالات بيوتهم، تتراوح أسعارها بين 10 إلى 1000 درهم، ونحرص على جودة التصنيع، لأن هذه الدلال -الهدايا- تجوب العالم وتروي بعض سيرة تاريخ الإمارات''· قبالة باب المحل أشار لنا بيده إلى البوابة الخارجية قائلاً: ''يندر أن يخرج زائر أو سائح من هنا إلاّ ويحمل بيده دلة قهوة سواء كان سعرها عشرة أو مئة أو ألف درهم''· إنما تجدر الإشارة إلى أن أسواقا تجارية عدة توفر أصنافا من الدلال، مصنوعة من ''الستانلس'' و ''الستيل'' و ''البلاستيك المقوى'' و ''المعدن المُعالَج'' لتتيح للمستهلكين خيارات أخرى، تراعي التطابق مع ألوان مفروشات غرف المنازل·
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©