الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

فضيحة «الجبهة الوطنية» الفرنسية

27 فبراير 2017 22:45
يخضع المساعد السياسي الرئيسي لمارين لوبن، زعيمة حزب الجبهة الوطنية اليميني المتطرف في فرنسا، والمرشحة في الانتخابات الرئاسية الفرنسية، حالياً للتحقيق. ووفقاً لتفاصيل القضية، فإن زعيمة الجبهة الوطنية أنفقت مساعدات مالية قدمها البرلمان الأوروبي على حارسها الخاص ومساعدها السياسي. وربما يبدو هذا غريباً. فالجبهة الوطنية، مثل سائر الأحزاب اليمينية المتطرفة في أوروبا، معادية للغاية للاتحاد الأوروبي، فلماذا إذن تكون لديها القدرة على استخدام موارد الاتحاد الأوروبي لأغراضها الخاصة؟ وعادة ما يكره الشعبويون من التيار اليميني مثل الجبهة الوطنية، الاتحاد الأوروبي. وهم ينادون بإحداث تغييرات جذرية في الاتحاد، أو الانسحاب التام منه. ومع ذلك، من دون دعم الاتحاد الأوروبي، فإن صوتهم سيكون بالتأكيد أضعف بكثير في السياسة الوطنية في بلدانهم. والعديد من الأحزاب اليمينية المتطرفة تعتمد على أوروبا، سواء بالنسبة للأموال أو المناصب المنتخبة. وأول شيء تقدمه أوروبا لأحزاب اليمين المتطرف هو فرصة انتخابها. وغالباً ما تمضي هذه الأحزاب وقتاً عصيباً قبل أن تباشر العمل السياسي بنشاط. وهي ليست جزءاً من التيار السياسي الرئيس، ما يعني أنه ربما تنتهي بها الحال بالفشل. ومن غير المرجح أن يصوت الناس لهذه الأحزاب، حتى وإنْ اتفقوا مع بعض مواقفها، لأنهم لا يعرفون الكثير عنها، وربما يعتقدون أن هذه الأحزاب ليست فرصة حقيقية للنجاح. وقد عززت انتخابات البرلمان الأوروبي بعض أحزاب اليمين المتطرف مثل الجبهة الوطنية وحزب الاستقلال في المملكة المتحدة. ولا يأخذ الناخبون الأوروبيون انتخابات البرلمان الأوروبي عادة على محمل الجد، بل يعاملونها كما لو كانت «انتخابات من الدرجة الثانية»، كما يصفها بعض علماء السياسة. وهذا يعني أن الناخبين يكونون أكثر استعداداً لاستخدام أصواتهم في البرلمان الأوروبي للاحتجاج على الحكومة والتيار السياسي الرئيس، ما يجعلهم أكثر ترجيحاً للتصويت للأحزاب الهامشية، وبالتالي إعطاء هذه الأحزاب مصداقية أكبر. وعندما فازت الجبهة الوطنية بثلث المقاعد في انتخابات البرلمان الأوروبي في عام 2014، أحدث هذا موجة من الصدمة في فرنسا وأوروبا كلها. أما المورد الرئيس الثاني الذي تقدمه أوروبا للأحزاب الهامشية فهو المال. فالأحزاب المنتخبة في البرلمان الأوروبي، أو المصنفة كـ «أحزاب أوروبية»، يمكنها الحصول على تمويل أوروبي. وهذا ذو قيمة كبيرة، لا سيما للأحزاب المفتقرة إلى أموال برلمانية أو داعمين أثرياء في بلادها الأم. ونظرياً، من المفترض أن تذهب هذه الأموال إلى نشاطات على المستوى الأوروبي -مثل تعيين معاونين لمساعدة أعضاء البرلمان الأوروبي على الاضطلاع بمهامهم التشريعية. ومن الناحية العملية فليس هناك الكثير من الرقابة كما ينبغي على الإنفاق. وهذا ما أوقع الجبهة الوطنية في ورطة، حيث إن لوبن متهمة بإعطاء أموال لمستشارها السياسي وحارسها الشخصي بحجة أنهما كانا مساعدين برلمانيين، في حين أنهما ليسا كذلك. وبالمثل، فإن أعضاء آخرين في الجبهة الوطنية متهمون أيضاً بارتكاب انتهاكات مماثلة. وفي هذا المعنى، فإن الخروج البريطاني «البريكست» ما كان ليحدث أصلاً من دون موارد البرلمان الأوروبي، وفي الذهن المثال سيئ السمعة لمساعدة الاتحاد الأوروبي لحزب استقلال المملكة المتحدة المعادي لأوروبا، والذي كان المحرك الرئيس لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. ومن الوارد أن حزب استقلال المملكة المتحدة كان سيموت قبل فترة طويلة قبل أن يصبح «البريكست» ممكناً لولا البرلمان الأوروبي. وقد كانت انتخابات البرلمان الأوروبي حاسمة لنجاح حزب استقلال المملكة المتحدة. فقد تم إجراء الانتخابات الوطنية البريطانية في ظل نظام التصويت الانتخابي «الفوز للأكثر أصواتاً» الذي يعطي مقاعد انتخابية للحزب الحاصل على أكبر عدد من الأصوات في دائرة انتخابية معينة. وهذه القواعد تجعل الناس أكثر ميلاً للتصويت للأحزاب الكبيرة، بدلاً من تبديد أصواتهم على الأحزاب الصغيرة. وكما ذكر «نايجل فاراج»، زعيم الحزب السابق، فإن «نظام الفوز للأكثر أصواتاً يعد نظاماً وحشياً بالنسبة لحزب مثل حزبنا». وفي المقابل، فإن الانتخابات البرلمانية بالنسبة للبرلمان الأوروبي تجرى في ظل نظام التمثيل النسبي الذي هو أكثر تسامحاً بكثير بالنسبة للأحزاب الهامشية. وقد أعطى هذا حزب الاستقلال 24 مقعداً في انتخابات البرلمان الأوروبي لعام 2014، مقابل 20 مقعداً لحزب العمال و19 لحزب المحافظين. وقد كان تمويل حزب استقلال المملكة المتحدة ضعيفاً، ولذا فقد كانت لديه أسباب قوية للحصول على قدر أكبر من المال من البرلمان الأوروبي. إن تجارب حزب الجبهة الوطنية وحزب استقلال المملكة المتحدة، تثبت أهمية الاتحاد الأوروبي للأحزاب اليمينية المتطرفة، لأنه يوفر لها فرص الانتخاب والمال معاً. * أستاذ مساعد للعلوم السياسية والشؤون الدولية بجامعة جورج واشنطن ** أستاذ مساعد بكلية إدموند والش للخدمة الخارجية، جامعة جورج تاون ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©