الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الرياضة

الريال المريض

27 ديسمبر 2012
يرثي الكثيرون لحال ريال مدريد وقد أصابه الخريف بزلزال على درجات عليا من الرعب، فقد تناثرت أوراقه وتكسرت أضلعه وما من أحد يعرف إن كان الفريق الملكي سينهض من حطامه وانكساره، بعد أن تنقضي أعياد رأس السنة ويعود اللاعبون إلى عرينهم المتصدع. ومع الرثاء، ومع ما يقال إنها مؤشرات على موت الليجا وقد منحت كل الزعامات لبرشلونة الذي يمضي إلى الدرع متحررا من أي رقابة ومن أية منافسة، ثار الكثير من الأسئلة الساخنة تتحرى عن سبب هذا التهاوي الغريب بل والمفاجئ لنادي ريال مدريد، ومعها نصبت مرافعات في الشارع العام لمحاكمة ما يصطلح عليه بالإفلاس، بحثا عن الجناة والضالعين في تهمة إسقاط الملك من على عرشه. كانت المباراة أمام ملقة بما تداعى حولها وخلالها ومن بعدها نقطة فارقة في رسم الوجه السيئ لريال مدريد، فقد تأكد أن تعاقب الهزائم والإفراط في إهدار النقاط ومغالبة النفس قهراً من أجل الإتيان بوجه تقني مفقود مع أنه كان موجودا ذات وقت، تكفي للقول بأن ريال مدريد ذهب ضحية نفسه، ذهب ضحية مدربه، ذهب ضحية إعلامه وذهب ضحية أنه استوطن كوكباً ليس كوكبه ولا يتطابق مع مقاساته الفنية والضوئية. ذهب ريال مدريد ضحية نفسه لأنه وهو يقدم الموسم الماضي أداء أنطولوجيا ليلتقط عنوة لقب الليجا من فم برشلونة منهياً زمن الاحتكار، غالى في توظيف المقدرات الفردية والجماعية حتى أنه أوصلها لدرجة الانفجار، وطبعا عندما يأتي أي ناد بالأداء الخرافي غير المتطابق فإنه يقدم لذلك ثمناً غالياً في الموسم الذي يليه، وذهب الريال ضحية مدربه جوزيه مورينيو لأنه جاء بفلسفة كروية ورياضية كان القبول بها يعني شيئاً واحداً، هو رفع الكثير من القيود التقليدية باسم الحداثة والتحرر، ومن يغوص عميقاً في بحور الفريق الملكي سيقف على أن هناك جحورا وأغوارا تتحصن فيها تقاليد هي أصل العراقة. وذهب ريال مدريد ضحية إعلامه، لأن ما يقال إنها أسرار التقطت من قلب مستودع الملابس صدرت إلى الرأي العام الرياضي بأشكال محرفة أساءت لصورة الفريق، بل وأدخلته جحيماً لا يطاق، في وقت تبدي فيه عائلة برشلونة الصغيرة حصانة قوية ضد كل أشكال التمييع، بل إنها إدارة ولاعبين وإعلاماً تنصب حصوناً منيعة تبقي كل الأسرار داخل المطبخ، وأنا أوافق على أن ما يساعد “البرغوث” ليونيل ميسي على زرع الدهشة والإعجاز لحصد الألقاب والنيازك، هو أن كل برشلونة بملوكها وأمرائها، بنجومها وبإعلامها لا تجعل أحدا يعلو على ميسي، إنهم يحمونه مثلما يحمون معبد برشلونة. وذهب ريال مدريد ضحية أنه سافر إلى مجرة غير مجرته باسم منافسة برشلونة الذي بلغ درجة متقدمة من الكونية، وفي ذلك تضحية بالقيم، بالتقاليد وأيضا بالتوازن. مؤكد أن الليجا عادت للارتماء في حضن برشلونة ونحن لم نبلغ بعد نصف الطريق، ومؤكد أيضا أن ريال مدريد مرض كما يمرض الآخرون، ولكنه أبدا لا يبيع جلده وكبرياءه بأبخس الأثمان. drissi44@yahoo.fr
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©