الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الجماعة الإسلامية المصرية·· هدنة أم سلام دائم؟

21 يوليو 2007 02:36
المباراة بين الأجهزة الأمنية والجماعات الإسلامية الردايكالية في مصر دائماً تكون ''صفرية'' الكل فيها خاسر·· الدولة والمجتمع والجماعات، وإن كانت الجماعات قد تعرضت لانكسار أكثر، مما دفعها إلى طرح مبادرات لوقف العنف، اصطلح على تسميتها ''المراجعات الفكرية''، لكن هل تمثل هذه المراجعات تصويباً لمسار واعتراف بأخطاء أم تقدم رؤية تكتيكية لتحقيق أهداف وقتية لخروجها من السجن والعودة إلى العنف؟· الإجابة جاءت في مناقشات ندوة ''المراجعات: من الجماعة الإسلامية إلى تنظيم الجهاد'' بمركز ''الأهرام'' للدراسات السياسية والاستراتيجية· العلاقة بين الدين والدولة هي أحد أهم القضايا الكبرى المطروحة على الساحة السياسية في مصر، هذا ما قاله الدكتور عبدالمنعم سعيد مدير المركز، مؤكداً أنه لا يوجد توافق عام بشأنها لأن اشكالياتها مركبة، ومنطق المراجعات لدى بعض القوى الإسلامية ذات التوجهات الراديكالية الممارسة للعنف المسلح يجب أن يطال قوى سياسية مختلفة أبرزها الحزب الوطني الحاكم· وقال ضياء رشوان رئيس تحرير دليل ''الحركات الإسلامية في العالم'': إن المراجعات الفكرية للحركات الإسلامية ليست مصرية فقط، بل وصلت إلى بعض الدول العربية مثل الجزائر والسعودية، بل تجاوزت ذلك إلى المتورطين في عمليات تنظيم القاعدة، و''فكر المراجعات'' غير شائع في الحياة السياسية المصرية، خاصة أنها تتضمن نقداً جذرياً لممارسات سابقة وإعادة تصور للمستقبل وبناء محكم للأفكار· وأضاف: إننا إزاء مراجعة شاملة من جانب الجماعة الإسلامية سواء على مستوى الأفكار أوالممارسات، حيث لم ينخرط عضو فيها في ممارسة الأعمال العنيفة، بل كتبت الجماعة سلسلة كتب لتصحيح المفاهيم وتضمنت نقداً فكرياً وسياسياً لخطايا الماضي والممارسات العنيفة تحت عنوان ''الحسبة'' ونقد وإبداء الرأي في القضايا المعاصرة· وتساءل رشوان: هل ستؤدي تلك المراجعات إلى إيقاف أوتقليص ممارسات العنف الديني في مصر؟ وأجاب بأن المراجعات التي بدأتها الجماعة الإسلامية في مصر بإعلانها مبادرة وقف العنف في الخامس من يوليو ،1997 أفضت إلى أن تتوقف تماماً جميع ممارسات ومظاهر العنف الديني من جانب تلك الجماعة طوال هذه المدة دون استثناء واحد، وأهمية هذه السنوات العشر أنها تمثل في عمر الجماعة الذي يصل إلى ثلاثة عقود أكثر من ثلثه· وذكر أن أحداث 11 سبتمبر والحرب الأميركية ضد الإرهاب الدولي لم تفلحا في إعادة الجماعة الإسلامية إلى أفكارها القديمة وعنفها السابق، فبالرغم من أن حجم عضوية الجماعية الإسلامية ضخم ويتوزع بين مختلف المناطق فقد ظلت صامدة أمام الظواهر التنظيمية الجهادية الجديدة في الدول المجاورة، وهو ما يشير إلى تراجع احتمالات عودة العنف إلى مصر في المستقبل· ظروف تاريخية وقال منتصر الزيات محامي الجماعات الإسلامية: إن الجماعة الإسلامية شعبوية ودعوية وسلمية وطلابية بالأساس، وطرأ عليها العنف نتيجة لظروف تاريخية من عنف السلطة الموجهة إليها، أما الجهاد فهو تنظيم نخبوي سري يهدف إلى الإطاحة بنظام الحكم وإنشاء حكومة إسلامية، وهو ما يتطلب تثمين جهود الجهاد بشأن المراجعات وإعادة النظر في المكونات الفكرية للتنظيمات الجهادية· وأوضح أن العمل الحركي الإسلامي المنتظم يحظر دخول عناصره في العمل الحزبي، ورغم ذلك هناك سعي لتأسيس حزب ''الاتحاد من أجل الحرية''، ومراجعات الجماعة الإسلامية تصويبٌ لمسار واعترافٌ بخطأ وليس استسلاماً لسلطة· وأكد د· عمرو الشوبكي مدير تحرير مجلة ''أحوال مصرية'' أن التحول الفكري الكبير الذي قامت به الجماعات الجهادية المختلفة متمثلاً في المراجعات، يعد نقطة فاصلة بين مرحلتين في تاريخ هذه الجماعات، فهو يعد اعترافاً بالفشل ومحاولة للتراجع عن التفسيرات الفقهية التي بررت عمليات العنف التي اجتاحت مصر لأكثر من عقدين· وذكر أن جانباً كبيراً من القضايا التي جرت مناقشتها في كتب المراجعات ترد على وقائع وممارسات جرت في عصر سابق، دون أن تتعرض إلى تحديات العصر الجديد، ورغم أنه أمر جيد أن تتم مراجعة هذه الممارسات فإنها لا تكفي لبناء خبرة جديدة، أي أنها نجحت في رفض أساليب الماضي دون استشراف للمستقبل، مؤكداً أن الواقع السياسي الذي خرجت إليه الجماعة الإسلامية يختلف بصورة كبيرة عن الواقع الذي قاتلوا فيه السلطة القائمة طوال الفترة السابقة، فهناك قوة سياسية إسلامية شبه مسيطرة على الساحة الإسلامية وهي الإخوان المسلمون، وهناك مشروع محدود القوة لحزب الوسط ولكنه ملهم في أفكاره وتوجهاته، على عكس ما كان عليه الحال في السبعينات حين تفوقت قوة الجماعات الإسلامية الجهادية في صعيد مصر على الإخوان واقتربت منها ولو من بعيد في الوجه البحري· سيناريوهات وأوضح د· الشوبكي أن أحد سيناريوهات عناصر المراجعات هو تأسيس حركة سياسية أكثر أصولية وتشدداً من جماعة الإخوان المسلمين، ولكنها ستكون سلمية، الأمر الذي يتطلب نظاماً سياسياً كفءاً وديمقراطياً لدمجها، مشيراً إلى أنه على خلاف الإخوان المسلمين الذين امتلكوا خبرة سياسية ونقابية واسعة ومارسوا منذ عقود العمل السلمي، فإن العناصر الجهادية غابت عنها تلك الخبرة، وجاء برنامج ''حزب الإصلاح'' الذي طرح على يد مجموعة من الشباب الجهادي لا علاقة له في كثير من جوانبه بالبرنامج السياسي وبدا وعظياً وأكثر محافظة بكثير من مبادرة الإخوان للإصلاح في عام 2003 التي تحفظ عليها الكثيرون· أما السيناريو الثاني- كما يطرحه الشوبكي- فهو انضمام بعض العناصر الجهادية إلى جماعة الإخوان، وهو أمر عليه محظوران: الأول أمني يتعلق بأن شرط عودة هذه العناصر هو أن تكون فقط عودة للحياة وليس الحياة العامة، والثاني يتعلق بتجاوز هذه العناصر بعض المبررات القديمة في علاقتهم بالإخوان، والتي اعتبروا أنهم لم يدعموهم ولو إنسانياً ومعنوياً بشكل كامل، كما أن الإخوان حاولوا أن يستفيدوا من المواجهات الدموية التي دارت بين شباب الجماعات الجهادية والسلطة بتقديم أنفسهم كبديل يمثل الاعتدال والوسطية حتى لو كان ذلك على دماء الضحايا الذين سقطوا في هذه المواجهات·
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©