الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

الجامع الأموي في دمشق

20 يوليو 2007 01:02
تناول الرحالة ابن جبير عجيبة أخرى من عجائب الدنيا اعتبرها من أعظم ما شاهده من المناظر الغريبة في هياكلها الهائلة البنيان، وفي إعجاز الصنعة والإتقان، المعترف لوصفها بالتقصير لسان كل بيان· جاء ذلك وهو يصف دخوله إلى الجامع الأموي في دمشق، فقال: ''الصعود إلى أعلى قبة الرصاص المذكورة في هذا التقييد، القائمة وسط الجامع المكرَّم، والدخول في جوفها، وإحالة لحظة الاعتبار في بديع وضعها، مع القبة التي في وسطها كأنها كرة مجوفة داخلة في وسط كرة أخرى أعظم منها''· وأضاف: ''صعدنا إليه في جملة من الأصحاب المغاربة من مرقى في الجانب الغربي من بلاط الصحن كان صومعة في القديم، وتمشينا على سطح الجامع المكرم، وكله ألواح رصاص منتظمة، كما قد تقدم الذكر لذلك· وطول كل لوح أربعة أشبار، وعرضه ثلاثة أشبار، وربما اعترض في الألواح نقص أو زيادة حتى انتهينا إلى القبة المذكورة، فصعدنا إليها على سُلَّم مَنصوب، وريح الميد تكاد تطير بنا، فحَبَوْنا في المَمْشى المَطيف بها، وهو مِن رَصَاص، وسعته ستة أشبار فلم نستطع القيام عليه لِهَوْل المَوقف فيه· فأسرعنا الولوج في جوف القُبّة، فأبصرنا مرأى تحار فيه العقول، وتقفُ دون إدراك هَيْبَة وصفه الإفهام، وجلنا في فرش من الخشب العظَام حول القبة الصغيرة الداخلة في جَوف القبة الرصاصية على الصفة التي ذكرناها، ولها طيقان يبصر منها الجامع ومن فيه، فكنا نبصر الرجال فيه كأنهم الصبيان في المحاضر''· ثم تحدث ابن جبير عن عجائب القبتين قائلاً: ''ومن جملة عجائب ما عايناه في هاتين القبتين أن لم نجد فيهما عنكبوتاً ناسجاً على بعد العهد من التفقد لهما من أحد والتعاهد لتنظيف مساحتهما، العنكبوت في أمثالهما موجود كثير، وقد كان حقق عندنا أن الجامع المكرم لا تنسج فيه العنبكوت، ولا يدخله الطير المعروف بالخطاف، فانصرفنا منحدرين، وقد قضينا عجباً عجاباً من هذا المنظر العظيم شأنه، المعجز وضعه، المرتفع عن الإدراك وصفه، يقال إنه ما على ظهر المعمورة أعجب منظراً ولا أبعد سُمواً ولا أغرب بنياناً من هذه القبة إلا ما يُحكى عن قبة بيت المقدس''·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©