الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

فضيحة سبيتزر ··· وبداهة هيلاري

فضيحة سبيتزر ··· وبداهة هيلاري
16 مارس 2008 03:07
إن كانت قد أثقلت عليك أنباء فضيحة ''سبيتزر'' -حاكم ولاية نيويورك- الأخيرة، فكيف لك أن تتصور وقع هذا النبأ على ''هيلاري كلينتون''؟ ففي اللحظة التي بدأت فيها بحصد ثمار انتصاراتها الانتخابية الأخيرة، إذا بفضيحة جنسية دولية مجلجلة، تهز أركان بلادنا وتعيد إلى الأذهان ذكريات تلك الأيام الحالكة لإدارة زوجها ''بيل كلينتون''! بل إن هذا السقوط الدرامي المفاجئ لحاكم نيويورك بسبب الفضيحة المذكورة، يعد أمراً مزعجاً ومشتتاً لجهود الحزب الديمقراطي كله، لا سيما وأن ''سبيتزر'' يعد من قيادات الحزب التي أعلنت موافقتها على ترشيح ''هيلاري كلينتون''، لكن وما أن يصل الأمر إلى ذكر سيرة الفضائح الجنسية ذات الصبغة السياسية هذه، حتى يمكن القول إن نسبة 99,9 في المائة من سكان الكرة الأرضية قاطبة، تعلم أن لـ''بيل كلينتون'' حزمة فريدة واستثنائية من هذه الفضائح، ولذلك فإن تداعيات فضيحة ''سبيتزر''الأخيرة هذه، وتأثيراتها المحتملة عليها ربما تتسم بطابع إشعاعي ملوث لا مناص منه· حتى انكشاف أمر فضحية ''سبيتزر'' هذه، كانت حملة ''هيلاري'' قد حققت نجاحاً باهراً في استبدال بعض المفردات المائعة في القاموس السياسي الانتخابي الأميركي، بمفردات أخرى أشد حزماً وصرامة مثل ''القائد الأعلى للجيش''، لكن وعلى رغم إسراع فريق حملتها الانتخابية إلى محو و''تنظيف'' كل ما يشير إلى موافقة ''سبيتزر'' على ترشيحها للمنصب الرئاسي عن الحزب الديمقراطي من الموقع الإلكتروني الخاص بالحملة، إلا أنها بدت متلجلجة للغاية في إجابتها عن السؤال المباشر الذي وجه إليها يوم الاثنين الماضي حول رأيها في ''سبيتزر'': ''ليس لدي أي تعليق··· ولكن من البديهي أن أبعث بخالص أمنياتي وكلماتي إلى الحاكم وعائلته''· أتقولين ''بداهة''؟ كلا ''هيلاري''··· فمن المستحيل أن تبعثي بخالص أمنياتك لهذا الحاكم المفضوح! أن تبعثي تمنياتك القلبية هذه لعائلته، فهو أكثر من مقبول ومفهوم، ولكن كيف لك أن تبعثي بالأمنيات ذاتها لرجل ولغ وتمادى في شراء وبيع أجساد النساء،· وأنت أكثر النساء الأميركيات جدية في خوض حملة الترشيح الرئاسي؟ إلى هنا نصل إلى مناقشة ما يدعونا للاعتقاد بأن ''سبيتزر جيت'' هذه ستكون أكثر من مجرد أمر مزعج ومشتت لجهود ''هيلاري كلينتون''؛ فهذه ''السماحة'' التي أبدتها ''هيلاري'' في استجابتها للفضيحة المذكورة، إنما تذكرنا مجدداً بأن ''بيل'' لم يكن الفرد الوحيد في عائلة ''كلينتون الذي خذل النساء وانحط بمكانتهن أثناء توليه لمنصبه الرئاسي في البيت الأبيض، أتذكرون عام ،1992 حين صرحت ''هيلاري'' لبرنامج ''60 دقيقة'' قائلة:'' لا تتصوروا أنني مجرد امرأة تقف إلى جوار زوجها تحت كل الظروف مثلما تفعل تامي وينيت''· لكن وما أن تكشف لاحقاً وبعد مدة وجيزة أنغماس ''بيل'' في سلسلة لا نهاية لها من الفضائح الجنسية، حتى تبين أن ''هيلاري'' كانت على أتم الاستعداد لتقبل كل ما صدر عن زوجها والوقوف إلى جانبه أشد ما يكون الوقوف· وفي الوقت ذاته مضى ''جزارو'' زوجها في إلهاب ظهور ضحايا ''بيل'' وسمعتهن بسياط التشهير والقذف والتهديد والوعيد إن اجترأن على مواصلة ''افتراءاتهن'' القائلة بتعرضهن للتحرش الجنسي من قبل ''بيل''! هنا لا بد من إثارة السؤال التالي: متى ينقلب الولاء الزوجي إلى مشاركة في الجرم أو الجنحة؟ فالمعلوم أن ''هيلاري'' ألقت باللائمة على تيار اليمين واتهمته علناً بالتشهير السياسي بزوجها في فضيحة مونيكا الشهيرة، غير أنه لم يحدث لها قط أن أنّبت زوجها أو صدرت عنها كلمة واحدة في التعليق على إساءة استخدامه لسلطاته الرئاسية، وانغماسه من هذا الباب في إساءة استغلال النساء· وعندها كان الكثيرون قد تنبأوا بحتمية وقوع طلاق بائن بين الزوجين، عقب انتهاء ولاية ''بيل'' في البيت الأبيض، غير أن مساومة ''فاوستية'' قد حدثت بين الزوجين، كانت شروطها فيما يبدو، أن تقف ''هيلاري'' إلى جانب زوجها، بينما تحولت سمعة النساء اللائي تعرضن لتحرشاته الجنسية إلى مجرد ''قاذورات'' في عناوين صحف الفضائح الصفراء، واليوم فقد جاء دور ''بيل'' في أن يقف إلى جانب زوجته أثناء خوضها لحملة الترشيح الرئاسي الجارية الآن، مع العلم أنه كان قد كافأها سلفاً بتأمين مقعد لها في مجلس الشيوخ، ممثلة لولاية بالكاد تعرفها، وفي صمت ''هيلاري'' الأخير وتفاديها الإدلاء بأي تعليق على فضيحة ''سبيتزر'' الأخيرة هذه، ما يذكّر بأنها لا تزال تواصل اللعبة القديمة نفسها: ''إن عليك الإشاحة بوجهك والتظاهر بأنك لا ترين شيئاً، حين يسيء النافذون من الرجال الأدب مع النساء''، ولكن ماذا تفيد ''هيلاري'' وصفة اللعبة القديمة هذه، في وقت تخوض فيه حملة شرسة للفوز بالترشيح الرئاسي عن حزبها باسم النساء؟ ليس ذلك فحسب، بل إن صمت ''هيلاري'' عن ''سبيتزر جيت'' في هذا الوقت بالذات -خاصة وأن المرشحة الرئاسية قد كرست الجزء الغالب من عملها السياسي طوال الفترة الماضية - لا يتوافق مع حملتها المناهضة للعنف الجنسي بحق النساء، وكذلك في مناهضة البغاء والاتجار الدولي بالنساء· روزا بروكس كاتبة ومحللة سياسية أميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©