الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الشراكة الاستراتيجية ··ضرورة لمواجهة المنافسة

الشراكة الاستراتيجية ··ضرورة لمواجهة المنافسة
19 يوليو 2007 23:28
أصبحت ''الشراكة الاستراتيجية'' السمة البارزة لعالم المال والأعمال اليوم لما لها من فوائد في زيادة الإنتاجية وتقليل التكاليف والتوسع في الأسواق العالمية ومواجهة المنافسة خاصة مع نمو اقتصاد المعرفة الذي حول العالم إلى قرية صغيرة بفضل الطفرة التي تحققت بقطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات·· وباتت الشراكة البديل الأفضل للمؤسسات التي تبحث عن الاستقلالية وهوامش أعلى للربحية بعيداً عن خيارات الدمج أو الاستحواذ· وفي ظل القرية العالمية تشعر الشركات الكبرى بالحاجة إلى التعاون الاستراتيجي أو الاندماج فيما بينها لزيادة القدرة على المنافسة لتقديم أفضل منتجات وتحقيق أعلى أرباح· وتنبع الحاجة إلى الشراكة الاستراتيجية من توفيرها لفرص جيدة عبر الاستفادة من كافة المهارات والخبرات التي يتمتع بها الأفراد العاملون في المنظمة، لا بشكل فردي ولكن بصورة جماعية تسهم في التنسيق بين هذه المهارات والقدرات بما يعزز قدرة المنظمة على مواجهة التحديات التي يمكن أن تواجهها أثناء العمل، بفضل التمكين لمهارات وخبرات العاملين من أن تبرز وتتكامل مع بعضها البعض حيث يمثل العمل الجماعي فرصة لاستغلال الموارد البشرية المتاحة لدى المنظمة بشكل أمثل· تعد الفكرة السائدة في عالم المال والأعمال والتي تدور حول المنافسة تحديا صارخا لفكرة العمل الجماعي التعاوني في ظل توجه الشركات للسير قدماً بخطى ثابتة في طريق الشراكة مع شركات أخرى محلية وإقليمية وعالمية· ولكن الأحداث التي أشار إليها التقرير الاقتصادي في صحيفة ''فاينانشيال تايمز'' تظهر اختلاف اليوم عن الأمس· وهذا ما يتبين عند تسليط الضؤ على مجالس إدارات الشركات في السابق حيث اللغة الدارجة في حينها والتي تركز على مفردات المنافسة من رابح وخاسر وميدان المعركة، وما إلى ذلك من كلمات شبيهة، فالمنافسة في ذلك الوقت كانت تلك المنافسة التقليدية حيث إلحاق الخسارة بالآخرين وهزيمة الشركات الأخرى أشد هزيمة، ولتغذية مثل هذا السلوك كانت الشركات تعتمد على الامتيازات والمكافآت الفردية، ولكن دوام الحال من المحال وهذا ما أتضح جلياً في السنوات الخمس الماضية التي تجلت في أثنائها الحكمة الحقيقة والمطلوبة للتفوق في عالم المال والأعمال حيث اتجهت الإدارات العليا والدنيا في معظم الشركات الكبرى في مختلف أنحاء العالم إلى تعزيز مبدأ العمل الجماعي التعاوني وامتلأت مجالس تلك الإدارات بالمفردات والأفكار التي تتحدث عن هذا الاتجاه الجديد وأصبح جل اهتمامهم العمل مع المنافسين والزملاء على السواء· صناعة الدواء والتقنية إن بروز العمل الجماعي التعاوني ناجم عن عدة أسباب، منها على سبيل المثال لا الحصر: ظهور ما يسمى بـ ''استراتيجية الشراكة'' وقبل كل شيء لابد من الإشارة إلى تعريف الشراكة وهي شكل من أشكال التعاون والتقارب بين المؤسسات الاقتصادية باختلاف جنسياتها بقصد القيام بمشروع معين حيث يحفظ لكلا الطرفين مصلحتهما في ذلك· ففي ظل ظروف السوق ومعارك التنافس الدائرة حاليا من السهل أن يقع المرء في فخ الأنانية، إلا أن الواقع يقول إنه لا توجد مؤسسة قادرة وحدها على توفير كل الموارد التي تحتاج إليها لاستكمال احتياجاتها· من هنا جاءت أهمية استراتيجيات الشراكة التي تعتمد على لغة خلق وإنشاء القيمة بدلاً من حيازتها، ويتلخص عملها في التقليل أو التخلص من العوائق من خلال تحويل الخصوم والأعداء المحتملين إلى حلفاء وأصدقاء، واستغلال الموارد والخبرات ونقاط القوة الموجودة في الشركات والمؤسسات الأخرى، ومن ثم مضاعفة قدرات وإمكانيات الشركة والتعويض عن أوجه القصور بها· وهذا ما يتضح في نهج شركات الصناعات الدوائية منذ عقد من الزمان عندما تعاونت ولا تزال تتعاون مع منافسيها في تصنيع وتسويق منتجاتها، مما أدى إلى توسيع وزيادة مجال تعاملاتها في الأسواق عن طريق اكتساب صلات وعلاقات وقنوات اتصال أكثر من تلك التي كانت تمتلكها الشركة في السابق ، فضلاً عن زيادة رقعة المواهب والخبرات· والأمر ذاته ينطبق على شركات قطاعي التكنولوجيا والاتصالات حيث لم يعد بمقدور الشركات اليوم العمل كل واحدة على حدة· والسبب الثاني هو الحركة السريعة التي اتسم بها ''اقتصاد المعرفة'' وهو الاقتصاد الذي تحقق فيه المعرفة الجزء الأعظم من القيمة المضافة، وهذا يعني أن المعرفة في هذا الاقتصاد، تشكل مكوناً أساسياً في العملية الإنتاجية كما في التسويق، وأن النمو يزداد بزيادة هذا المكون القائم على تكنولوجيا المعلومات والاتصال، باعتبارها المنصة الأساسية التي منها ينطلق واستخدام المعلومات كمورد اقتصادي حيث تعمل المؤسسات والشركات على استخدام المعلومات والانتفاع بها في زيادة كفاءتها، وفي تنمية التجديد والابتكار، وفي زيادة فعاليتها ووضعها التنافسي من خلال تحسين نوعية البضائع والخدمات التي تقدمه· وهذا يدفعنا إلى التطرق إلى حقيقة بل طبيعة بشرية إن صح القول وهو أن الأشخاص بشكل عام لا يحبذون تبادل المعلومات والخبرات مع جماعات أخرى ما لم تكن هناك ثقة عميقة بين الأطراف، هذه الثقة التي هي أساس العمل الجماعي التعاوني، واليوم يتبين أن عالم المال والأعمال بكافة قطاعاته وتخصصاته لم يعد يعتمد على الوظائف ذات المهارات البسيطة بل نجد أن معظم الوظائف الجديدة ستعتمد على المهنيين الذين سيأتون من ميادين العلوم والحاسبات والهندسة والإدارة والاستشارات والتعليم، والإعلام والتسويق· ومن الأسباب الأخرى التي دفعت بالشركات إلى اللجوء للشراكة هو تطور التكنولوجيا حيث تعتبر التكنولوجيا عاملا اساسيا في تطور المؤسسة الاقتصادية وفي رواج منتجاتها وتفتحها على الأسواق الخارجية، ونظرا لكون التطور التكنولوجي عاملا مستمرا يوما بعد يوم فمن الصعب على المؤسسة الاقتصادية أن تواكبه دوما نظرا لتكاليفه التي قد تشكل عائقا أمام المؤسسة مما يستدعي اللجوء إلى سياسة الشراكة الاستراتيجية لتقليص تكاليف الأبحاث التكنولوجية· خاصة في ظل ما تقدمه التكنولوجيا من خدمات هائلة في تعزيز العمل فعلى سبيل المثال أصبح من اليسير جداً التعاون معاً مع مجموعة أشخاص كل واحد منهم يسكن في قارة وذلك باستخدام البريد الصوتي والإلكتروني وغيرهما من الوسائل· كما أن التغييرات التي يشهدها العالم اليوم سواء المحلية أو الإقليمية أو الدولية استدعت اهتماماً بالغاً من المؤسسات الاقتصادية للدخول في مجال الشراكة والتعاون مع المؤسسات الأخرى لتفادي كل ما من شأنه أن يؤثر سلباً على مستقبل المؤسسة الاقتصادية· وهذا يظهر الحكمة الحقيقة التي لا تعني رؤية ما هو أمام العينين فقط بل هو التفكير بعمق والتوقع بحذر حول ما الذي سيحدث بالمستقبل· لقد كانت الأسباب السابقة محصورة في بيئة العمل ولكن ما هو قادم أعمق وأروع لأنه يتعلق بأهم عنصر من عناصر العمل الجماعي التعاوني بل هو روحه وقلبه النابض إنه الإنسان· لقد أدى تعاقب الأجيال على مجالس إدارات الشركات إلى ظهور عدد من المشكلات بسبب التناقضات والصراعات في الرؤى والتصورات ووجهات النظر بين الجيل الماضي والجيل الحاضر هذا الجيل الذي يكافح من أجل الحصول على شهادة جامعية تضمن له وظيفة جيدة ونجاحا لاحقا في عالم المال والأعمال، هذا الجيل الذي يطغى عليه العزم والحماس الذي لابد وأن يوجه بالطريقة الصحيحة للاستفادة منه أقصى استفادة وذلك عن طريق التمازج بين الجيلين حيث خبرة الماضي مع نداءات الحاضر لرسم سيناريوهات المستقبل بفكر خلاق وتصرفات متميزة وقرارات غير تقليدية· طبيعة العمل الجماعي إن المهام التي تقوم بها أي منظمة للعمل والتي لا تستطيع أن تستمر وتنهض وتنمو إلا بأدائها، لا تتم بشكل فردي ولكن في إطار جماعي· وهذا ما يقودنا للحديث عن آلية العمل الجماعي التعاوني الذي يعني ببساطة التعاون بين شخصين وأكثر للتباحث في أمور مشتركة يتقاسمون في أثنائها المكتب ولكن في كثير من الحالات يتخذ العمل الجماعي شكلاً معقداً نوعاً ما من خلال الشراكة الاستراتيجية التي تتبعها المؤسسات في التعاون مع بعضها البعض للقيام بمشروع معين ذي اختصاص وهذا بتوفير وتكثيف الجهود والكفاءات علاوة على الوسائل والإمكانيات الضرورية المساعدة على البدء في تنفيذ المشروع أو النشاط مع تحمل جميع الأعباء والمخاطر التي تنجم عن هذه الشراكة بصفة متعادلة بين الشركاء· وقد أظهرت دراسة حديثة استغرقت ثلاث سنوات قامت بها كلية لندن للأعمال على 52 فريق عمل في 15 شركة موزعة في أنحاء الولايات المتحدة وأوروبا، أن العمل الجماعي لا يمكن السير فيه دون أن يصادف المسؤولون عقبات كبيرة يتمنى خلالها أصحاب الشأن لو أنهم لم يشرعوا في هذه الشراكة، ويزداد الأمر سوءاً بزيادة عدد الأفراد وتباعدهم جغرافياً واختلافهم ثقافياً· إن العمل الجماعي على أهميته، يثير إشكاليتين رئيسيتين في حاجة إلى البصيرة، تتصل أولاهما بطبيعة المهمة المنوطة بالجماعة، وتتصل الثانية بالآليات التي يتعين إتباعها من أجل إنجاز هذه المهمة، وكيفية تسيير العمل داخل الجماعة بحيث تبدو وحدة متجانسة· وقد دلت الأبحاث على مدى النجاح الكبير الذي تحققه فرق العمل خاصة تلك المتباعدة جغرافياً عند استخدامها لأدوات تكنولوجية كالبريد الإلكتروني والصوتي والاتصال المرئي عبر الأقمار الصناعية، بالإضافة إلى تطبيق أسلوب العمل الافتراضي وهو الأسلوب الذي أبدعت فيه شركة فةحف وغيرها من الشركات· وعلى الرغم من أن عملية تشكيل الجماعات وتحقيق التجانس بين أعضائها تستغرق وقتا وجهدا كبيرين، إلا أن الأثر الإيجابي المتحقق من إتمام هذه الخطوة على نحو جيد يستحق الوقت والجهد المبذولين فيه، حيث إن التشكيل الجيد للجماعات هو الخطوة الأولى نحو نجاح أهداف المنظمة· تعزيز ثقافة العمل الجماعي إذن ما الذي يمكن عمله من أجل تعزيز ثقافة العمل الجماعي؟ إن تواجد مجموعة من الأفراد في غرفة واحدة أو اشتراكهم في إتمام مشروع ما لا يعني بالضرورة أنهم ينتمون إلى مجموعة واحدة، لكن الذي يجعلهم ينتمون لمجموعة واحدة هو وجود حد أدنى من التنسيق والتعاون فيما بينهم والاتفاق على مجموعة من الآليات التي بها يتم تسيير العمل بما يؤدي في نهاية المطاف إلى تحسين الأداء ورفع الإنتاجية· والدور الرئيسي هنا يقع على الإدارة العليا حيث لا يمكن للموظفين تقدير قيمة العمل الجماعي التعاوني إذا رأوا منافسة شديدة غير حميدة بين مدرائهم· كما أنه من الضروري إلغاء هيكل المكافآت الفردية الذي يعد حاجزاً، إذا أردنا فعلاً نشر ثقافة العمل الجماعي· ولا نغفل هنا عن أهمية العلاقات الإنسانية الجميلة في شحذ الهمم والنهوض المستمر بالأداء من خلال تحويل الشركة إلى مكان أكثر إيجابية وأخلاقا وودا للعمل، مما سيجذب أفضل الموظفين في سوق العمل للانضمام إليها· الاقتصادات الناشئة تغير خريطة المال والأعمال إن توسع العلاقة بين الأسواق الأوروبية والأسواق الناشئة يوماً بعد يوم يحتم على المشاركين معرفة الاختلافات الثقافية، هذه المعرفة التي من شأنها زيادة فرص العمل الجماعي بين جميع الأطراف في ظل انتشار الأدوات التي عملت على تقليص الأهمية الجغرافية حتى أدت إلى ما يسمى بـ ''موت المسافة''· ولكن إذا كان اليوم من السهل تأسيس علاقة عمل مع أكثر من شريك كل منهم يبعد آلاف الأميال، فهناك اختلافات غير محسوسة من الصعب ترويضها أو تخفيف حدتها مثل: اللغة والسياسة والثقافة· ومن الاتجاهات التي برزت حديثاً في عالم المال والأعمال، العلاقات الاقتصادية بين الدول المتقدمة والأسواق الناشئة أو ما يطلق عليها مجموعة BRI والتي تتكون من: البرازيل وروسيا والهند والصين، في ظل تعطش الشركات الغربية لأسواق جديدة· إلا أن ما أظهرته شركة ''Data monitor'' لخدمات أبحاث السوق كشف عن عدم جاهزية الشركات الغربية للتعامل مع تلك الأسواق السريعة النمو، حيث شملت الدراسة 800 مدير موزعين في عدة شركات في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا، اعترف 61% منهم أن التعامل مع هذه البلدان ليس بالأمر اليسير، كما وجد أن معظمهم لا يملكون الفهم الكامل بالاختلافات الثقافية، وتبين أن 88% لا يعرفون إسم عملة البرازيل و14% اخطأوا في أسماء السلع التي تشتهر في إنتاجها تلك الدول· إن تأسيس عمل جماعي ناجح بالنسبة للشركات الأوروبية تقف أمامه مجموعة من التقاليد الراسخة نشأت عليها تلك الأسواق الناشئة، ولكنها تتعارض في الوقت نفسه مع السياسات الاقتصادية في الدول المتقدمة، وهذا ما واجهه العديد من رجال الأعمال الذين توجهوا لتوسيع أعمالهم في تلك الأسواق حيث أشار أحدهم أن تصريح العمل في احدى الأسواق الناشئة قد يستغرق سنتين· ولكن الهند أثبتت عكس تلك الرؤية حيث تعد اليوم واحدة من أكبر قصص النجاح في جذب المشاريع الاقتصادية من شتى أنحاء المعمورة· ويرى الخبراء أن المرونة التي تتمتع بها الهند في هذا المجال قد يعود إلى عدة أسباب منها التأثير العميق الذي تركته بريطانيا سواء على الناحية الاقتصادية أو حتى السياسية، بالإضافة إلى توجه عدد من الهنود للدراسة في الجامعات الغربية ومن ثم العودة إلى ديارهم وهم محملون بالأسلوب والثقافة الغربية· والسؤال الذي يتبادر إلى الذهن هو: كيفية بناء الثقة عند التعامل مع ثقافة غريبة غير مألوفة بالنسبة لك؟ من الضروري أن يدرك جميع الموظفين من إدارة عليا ودنيا أهمية الفهم العميق للاختلافات الثقافية هذه الاختلافات التي تأخذ وقتاً حتى يتم قبولها والتأقلم معها· وقد اتجهت بعض المؤسسات إلى عقد برامج تدريبية لمن سيعمل من موظفيها في إحدى تلك الأسواق، بالإضافة إلى تعزيز التمكين التكنولوجي وهنا ينوه الخبراء إلى أهمية استخدام التكنولوجيا بطريقة ذكية خاصة وأن في كثير من الدول يشعر الأشخاص بالراحة في الكتابة باللغة الإنجليزية بدلاً من التحدث بها، وهذا يعني كثرة استخدام البريد الإلكتروني بالمقارنة مع قلة استخدام المكالمات الهاتفية· ولأن العالم يتغير بسرعة من حولنا، فإنه يجب ضبط الكثير من مظاهر الفوضى وعدم الانضباط لمواكبة كل ما يستجد على ساحة المال والأعمال· تبــــــــــــــــــادل الخـبرات والمعرفــــــــــــــــــــــــة تتصف الجماعات الفعالة بالإنتاجية العالية والروح المعنوية المرتفعة· ويؤدي أفراد الجماعة الفعالة معظم الوقت عملهم على درجة عالية من الجودة ويمنحون الفرد العامل الشعور بالرضا لكونه فردا في هذه الجماعة· إن الشراكة مع الموظفين والعملاء والمجتمع المحيط بالشركة والشركات الأخرى الموجودة في السوق المحلية والعالمية قد يؤدي إلى صدامات ثقافية يمكن تجنبها بكل يسر وسهولة من خلال دراستنا العميقة لهذه الاختلافات الثقافية· والسؤال الذي يفرض نفسه في ظل ما سبق هو ما الذي يمكن أن تتجنبه الشركة في العمل الجماعي التعاوني؟ وما الذي يجب أن تقوم به من أجل تشجيعه وتعزيزه؟· الحقيقية أن الاختلاف الثقافي يثري كل يوم حياتنا بألف طريقة وطريقة ولكن لعالم المال والأعمال قواعده في تحقيق الانسجام من الاختلاف، وأول تلك القواعد معرفة أي شركة للطرف الآخر الذي سيدخل معها في العمل الجماعي، فالمسألة هنا تتعلق بالسمعة وهي من أكثر الأجزاء حساسية لأن السمعة الجيدة تنبع من جودة الأطراف المتشاركة والسمعة السيئة ستهدد جميع الأطراف وخاصة الطرف القوي، فما بني خلال سنوات قد يهدم في ساعات إذا ما تم الانتباه إلى اختيار الشريك المناسب، لذا من المهم منح فترة تجريبية يتم في أثنائها اختبار الشريك وتقييمه على أساسها· إن معايير الجودة تختلف حتماً من منطقة لأخرى، وهنا ينوه خبراء الاقتصاد إلى أهمية الاحتفاظ بالمدير التنفيذي المحلي ومديرات المبيعات بالدولة التي يقام عليها المشروع المشترك لأنهما أعمق معرفة بالسوق المحلية ولا بأس من انتقال بقية الموظفين بين الشركات المشتركة من أجل تبادل المعارف والإمكانيات والخبرات· ومما يجب توفره في العمليات الجماعية الإحاطة بالعملية الجماعية حيث يساعد هذا الأمر على معرفة الهدف كما يسمح بتعديل وتغير سريع في الأهداف الرئيسية والفرعية· وتوفر الطمأنينة حيث أن وجود العلاقة الطيبة بين الأفراد تجعل الجميع يتجهون نحو الأهداف وترك الأنانية· والمرونة في وضع خطة العمل التي يسيرون عليها من البداية حتى يتمكن الأطراف من تعديل أي تغيير يمكن أن يصادفهم خلال العمل· والأهم هو توزيع القيادة بين الأعضاء والذي يؤدي إلى نمو قيادي عند الأفراد جميعا داخل الجماعة· وبالحديث عن القيادة تتوفر لدى الأفراد العاملين في هذه الجماعات الفعالة نظرة إيجابية نحو الإشراف حيث يعتبر المشرف في هذه الحالة جزءا هاما في النظام الكلي وينظر إليه على النحو التالي: كصديق يقدم العون والمساعدة، ولدية ثقة في قدرة ونزاهة أعضاء الجماعة، كما أن توقعاته عالية في الأداء، ويوفر التدريب والإرشاد اللازمين، وينظر إلى الأخطاء على أنها فرص للتعليم وليست فرصا لتوجيه اللوم أو النقد· إن العمل الجماعي الذي يتكون من أربع أو خمس أو حتى تسع دول حتماً وأنه سيواجه عدداً من التحديات، خاصة إن كان هذا الخليط الثقافي يجمع ما بين الجامعات والشركات· وحول هذه المسألة يقول أحد المدراء التنفيذيين: '' إن كنت تملك الرؤية الواضحة حول العمل الجماعي والأهداف الواقعية التي تسعى لتحقيقها في ظل هذا العمل فإن أمامك فرصا كبيرة لإنجازها في وقت أقل مما كنت تتوقعه، وإذا عرف كل طرف من الأطراف موقعه على خريطة هذا العمل فإن النقاش في مختلف قضاياه سيكون أمراً ناجحاً في غاية السهولة''· الشركـــات متعــــددة الجنسيـات هناك خطر يحدق بالمشروعات الاقتصادية الكبرى المتعددة الأطراف من أن تنهار في أي وقت بسبب اختلاف الآراء وعدم وجود آلية عمل موحدة في عملية اتخاذ القرار· هناك عدة درجات من المشاركة في اتخاذ القرار لكل منها ظروف معينة، إلا أن المشاركة في اتخاذ القرار والسماح للموظفين بالمشاركة الفعلية في اتخاذ القرار يمنحهم الشعور بالالتزام· وبناء على ذلك يصلح هذا الأسلوب في الأحوال التي تستدعي درجة عالية من الالتزام· بالإضافة إلى ذلك يعطيك اشتراك الآخرين في صنع القرار الاستفادة الكاملة من المعلومات المتوفرة لدى أعضاء الجماعة وكذلك مهارات الإبداع المحتمل وجودها لديهم· سواء كان الأمر عن طريق الاجتماعات الفصلية وجهاً لوجه أو عبر ورشات العمل الافتراضي عن طريق الإنترنت والأقمار الصناعية· وهنا نوه التقرير إلى جزء بالغ الأهمية يتعلق باتخاذ القرارات وهو أن تطبيق أسلوب الاستفتاء من شأنه أن يؤخر عملية اتخاذ القرار في حين أن استخدام الأدوات التكنولوجية التي أشرنا إليها سابقاً من شأنها أن تسرع من العملية· وبشكل عام هناك مجموعة من الإرشادات تساعد في اتخاذ القرار السليم قدر المستطاع وتتلخص في الآتي: عدم تأجيل القرارات الضرورية، والتفكير في المشكلة جيداً قبل الإقدام على اتخاذ أي قرار وإشراك الآخرين في عملية اتخاذ القرار كلما كان ذلك مناسباً والأخذ في الحسبان عدة بدائل ممكنة قبل الوصول إلى قرارك النهائي· والأحداث الواقعية تظهر لنا الأخطاء التي وقعت فيها الشركات الكبرى عند عملية اتخاذ القرار حيث أدى رغبة كل طرف بفرض سيطرته على الآخر إلى فض الاندماج الذي كان يجمع بين شركة دايملر بنز الألمانية وشركة كرايسلر الأميركية حيث يشير ''ماثيو هولوج'' مدير مركز جامعة كامبريدج للابتكارات أن كلا المديرين أرادا أن يبنيا إمبراطورية من خلال المشاركة في أمور بسيطة متجاهلين الأمور العميقة التي تضمن نجاح هذا الاندماج فكان من الطبيعي أن تكون المحصلة النهائية على هذا النحو، قائلاً: ''أن كلتا الشركتين تعمل وتنتج بطريقة مختلفة، ولم تكن شركة دايملر بنز مستعدة للتعلم من خبراء شركة كرايسلر، فكان الأمر أشبه بمضيعة للوقت وهدر للطاقات''· والعكس من ذلك ما حدث بين رينو الفرنسية ونيسان اليابانية التي أظهرت الاحترام لشريكتها والرغبة في الاستفادة من خبرة رينو في مجال التسويق في أوروبا· إن العمل الجماعي لا يتوقف نجاحه على الأهداف المشتركة وإنما في غرس الثقة والاحترام بين الأطراف وفق إطار عمل إنساني جميل· والخلاصة أنه ليس من الضرورة تطابق أساليب العمل والخلفيات الثقافية بقدر ما يهم جمع تلك الاختلافات بطريقة منسجمة محيطة بها الثقة المتبادلة والأهداف المشتركة ونسبة متساوية من الأرباح· أوروبا تسعى إلى عبور حاجز اللغة ما تزال الاختلافات الثقافية بين الدول الأوروبية حاجزاً أمام العمل الجماعي والشراكة · ويبرز هنا دور اللغة كعامل رئيسي للتفاهم بين الشعوب حيث تشير صحيفة ''فاينانشيال تايمز'' أن اعتبار اللغة الإنجليزية هي لغة العمل في الشركات الأوروبية الكبرى لم يلق ترحيباً واسعاً عند البعض الذين يجدون صعوبة في التعامل بغير لغتهم الأم وهذا ما يبني جداراً عازلاً للتعاون مع بقية الشركات المحلية والعالمية على حد السواء، وحول هذه المسألة يقول ''بادي ميلر'' أستاذ الاقتصاد بجامعة نفارا الأسبانية: ''في الوقت الذي تتوسع فيه الشركات وتمتد خارج حدودها فإن قضية اللغة الإنجليزية ما تزال مشكلة كبرى تعارضها بعض الدول مثل ألمانيا''· ويوضح البروفيسور ''ميلر'' أن إتقان اللغة الإنجليزية له الأثر الكبير في تعزيز مكانة الإدارة العليا وزيادة فرص الترقي في المؤسسات، وهذا ما يثير حفيظة مدراء الجيل الماضي الذين يجدون صعوبة في اكتساب لغة جديدة بعد أن بلغوا من العمر مبلغاً، خاصة وأن جيل اليوم من الشباب يتقن أكثر من لغة مما يمكنهم وبكل سهولة في تبوأ مراكز متقدمة في سن صغير· هذا ما يتعلق باللغة أما فيما يتعلق بلغة الجسد فإنه يجب الحذر عند استخدامها فما قد يكون مقبولاً في بلد ما قد لا يكون مقبولاً في بلد آخر، ويبين أخصائي علم النفس المهني ''بينا كاندولا'' الاختلافات في لغة الجسد ما بين المناطق الحارة والباردة حيث يكثر سكان المناطق الحارة من لغة الجسد بالمقارنة مع سكان المناطق الحارة، كما يميلون إلى كثرة الحديث والمقاطعة''· وبمناسبة الحديث عن هذه اللغة التي يختلف البعض في تفسيرها لابد من الإشارة إلى حس الفكاهة هذا الجزء من التواصل الإنساني الجميل الذي يزيد من الألفة بين أفراد الجماعة إذا ما أحسن اختياره في المكان المناسب وإلا سيتحول إلى سلاح مدمر، لا نبالغ إن قلنا أنه من الممكن ان ينسف العلاقات في ثواني معدودة· أما فيما يتعلق بأسلوب حل المشكلات بين أوروبا الشرقية وأوروبا الغربية يشير البروفيسور'' ميلر'' أن المدراء من أوروبا الشرقية يتميزون بالنشاط والحيوية وقدرتهم على تخطي المشكلات بتغيير نماذج العمل في حين يجد مدراء أوروبا الغربية صعوبة في تجاوز وحل المشكلات· إن ثقافة المناخ التنظيمي قد يطغى عليها ثقافة الفردية والتنافس والتركيز على الإنجاز الشخصي ويكون الحديث عن فرق العمل كمفهوم حديث سطحي بعيد كل البعد عن الإلمام بفوائد المفهوم أو وجود الدافع للعمل به · إن إيمان القادة والمدراء ( صناع القرار ) بمنهجية فرق العمل كأسلوب إداري يؤدي إلى اعتقادهم بأهميتها وهذا الاعتقاد يخلق الدافع للبحث بجدية عن الفوائد والمنافع ومن ثم تحدد الاحتياجات التي يمكن تحقيقها من خلال فرق العمل المختلفة، وعلى العكس من ذلك فإن افتقار القادة والمدراء لهذا الأمر يوجد ثقافة تنظيمية تمنع العمل على شكل فرق عمل · وإحدى الوسائل التي يمكن إتباعها في القضاء على هذه الفروقات تكوين فريق متعدد الثقافات يتم من خلاله تحصيل الخبرات المهمة ومساعدة الموظفين على تبادل المعلومات ووجهات النظر، كما يعمل على توسيع وزيادة مجال تعاملات الشركة مع الأسواق الأخرى عن طريق اكتساب صلات وعلاقات وقنوات اتصال أكثر من تلك التي تملكها حالياً، على أن تأخذ الشركة وقتها في تكوين هكذا فريق· ويذكر خبراء الاقتصاد أن إتباع أسلوب فريق العمل الافتراضي يضيف مستوى آخر من التعقيد يكمن في قضاء هذا الفريق وقتاً قصيراً في التفاعل الاجتماعي غير الرسمي هذا التفاعل الذي يعد أمراً أساسياً في تعزيز العلاقات بين أعضاء الجماعات ومن ثم غرس الثقة، خاصة وأن الأمر لا يجب أن يكون كذلك في ظل انتشار وسائل الاتصال وأدوات التكنولوجيا التي تتيح اللقاء وإن كانت المسافات تتعدى آلاف الأميال، وعلى الإدارة العليا والمشرفين تشجيع مثل هذه اللقاءات والتواصل الجميل بين الأعضاء· وبينما تعد اللغة والثقافة وفريق العمل الافتراضي من العوائق التي يمكن التغلب عليها في سبيل عمل جماعي ناجح ومميز· فإنه إذا لم يتم إدراك الأسباب الرئيسية التي دعت إلى تكوين مثل هذا العمل الجماعي فإن الجماعات لا يمكن أن تعمل معاً بكفاءة واحتراف، وهذا ما يؤكده خبراء المال والاقتصاد من خلال التساؤل المطروح: ''لماذا يجب أن نعمل معاً، وما الذي نستطيع القيام به ولا تستطيع ان تقوم به المؤسسات الأخرى؟''· بالنسبة لشركة ''ةح'' فالإجابة هي: تطوير الخدمات المقدمة للعملاء· وهذا يعني جذب انتباه وتركيز الموظفين إلى حقل واحد ألا وهو '' العميل ''· إن التركيز هنا على العميل يرسم خريطة فريق العمل الجماعي ويوضح الرؤية التي يجب أن يسيروا على إثرها· وهذا ما يدفعنا للإشارة إلى عملية تطوير العمل الجماعي والتي تعتمد على عدة مسائل منها على سبيل المثال لا الحصر: التركيز والوضوح والتقييم الإيجابي وتفادي الحلول الفردية والتواصل الجيد· وفيما يتعلق بالتركيز فأعضاء الجماعة في حاجة دائمة أثناء مرحلة التشكيل لأن يضعوا نصب أعينهم على المهمة التي تشكلت من أجلها الجماعة· وبالنسبة للتقييم الإيجابي فإنه أمر لابد منه سواء كان بالسلب أو الإيجاب، ولكن هنا ينوه أخصائيو علم النفس المهني إلى أهمية التركيز على التقييم الإيجابي بحيث يسهم في دعم العمل داخل الجماعة لا في تقويضه· لذا يجب أن ينصب التقييم على المهمة ذاتها لا على الفرد الذي قام بها· ومن الوارد أن تفشل الجماعة في تحقيق أي من أهدافها أو في أداء أي من المهام الموكلة إليها، ومن الخطورة التجاوز عن الفشل والمرور عليه مرور الكرام كأن شيئا لم يكن· كما على أعضاء الجماعة الحرص أشد الحرص على التواصل الجيد فيما بينهم لدوره الرائع في تبادل الأفكار والمعلومات والاقتراحات على النحو الذي يحول دون وقوع أي حالات من سوء الفهم، سواء فيما يتصل بمهمة الجماعة أو سبل تنفيذ هذه المهمة· رفع مهارات القيادة لزيادة الإنتاجية يبدي علم الإدارة الحديث اهتماماً كبيراً بمفاهيم العمل الجماعي ودور القيادة وآثارهما في رفع مستويات الإنتاج والنوعية الجيدة، ولقد ظهرت في الآونة الأخيرة نظريات وأساليب في إدارة الأعمال أدت بالعديد من المؤسسات الكبيرة أن تعيد النظر في أسلوب إدارتها ومن هذه النتائج إلغاء العمل بالأسلوب المعتاد وإبداله بأسلوب المجاميع الصغيرة ذات الهدف الواحد ومنها أن الصلاحيات تتناسب مع الخبرات والعطاء لا مع المركز الوظيفي بعد هذه المقدمة القصيرة حول أهمية القيادة ودورها وضرورة الاستفادة من الدراسات الإدارية نلخص إلى ذكر أهم الصفات التي تتميز بها الشخصية القيادية كما جاءت بها الدراسات الحديثة لعلم الإدارة: الصفة الأولى:الرؤية الواضحة للهدف: لابد للشخصية القيادية من هدف تتمحور حوله حياتها ، فالإداري الجيد عنده تصور محدد لوضع المؤسسة وما يجب أن تكون عليه في مستقبلها القريب والبعيد ، إن التفاعل الذي يحصل بين الشخصية القيادية والهدف أمر يصعب جداً أن يصور بالكلمات ، إنها حالة فريدة يعرفها كل من تفحص في سلوك الناس أو مر بها بنفسه ، إنها من التجارب والحالات النفسية التي يصعب وصفها ، لا يعرف الشرق إلا من يكابده ولا الصبابة إلا من يعانيها· الصفة الثانية: القدرة على نقل صورة الهدف : إن الكثير من الأفكار العظيمة - لاشك - بقيت حبيسة عقول مفكريها وذلك لفشل أولئك في نقل صورة واضحة إلى الآخرين عن أفكارهم ، إن الأهداف العظيمة تحتاج إلى من يؤمن بها ويطبقها في عالم الواقع، والشخصية القيادية تحتاج إلى وسيلة تنقل بها أفكارها وتصوراتها للناس ، فإذا ما آمن الناس بها أصبحت منهجاً عملياً وصورة حية أمام الآخرين· الصفة الثالثة : إيجاد الجو العام الذي ينسجم مع الهدف: إن الإيمان بأي هدف وإن كان صادقاً لا يكفي لايصال ذلك إلى الناس ، بل لابد من إيجاد الجو العام الذي ينسجم مع الهدف، فمثلاً إذا كان الشعار الذي ترفعه المؤسسة هو ضغط المصروفات فإنه من غير المناسب أن ترى مكتب رئيس المؤسسـة مؤثثاً بأفخم الأثاث أو أن يمنح الرئيس نفسه مكافأة سنوية كبيرة· إن المقصود بهذه الصفة هو ألا يكون القائد قائداً بالتنظير وإنما يقود الأتباع في التطبيق ويجعل من سلوكه مثالاً للواقع الذي يريد الآخرين أن يكونوا عليه ·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©