الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الدستور المستفتى عليه لن ينهي الاستقطاب في مصر

الدستور المستفتى عليه لن ينهي الاستقطاب في مصر
25 ديسمبر 2012
حمزة هنداوي - سارة الديب القاهرة يبدو أن مشروع الدستور المصري الذي يؤيده الإسلاميون يسير في طريقه نحو نيل الموافقة بعد الجولة الثانية والختامية من الاستفتاء الذي أجري عليه، لكن الانقسامات العميقة التي حدثت بسبب السجال حول ذلك الاستفتاء تهدد بتأجيج اضطرابات لا تنتهي. ولا شك أن حصول الدستور على الموافقة يمثل انتصاراً للرئيس مرسي، لكنه انتصار باهظ التكلفة. فالمعارك التي ثارت بشأنه خلال الفترة الماضية نزعت أي أمل بشأن أن ذلك الدستور سوف يجلب أي وفاق وطني لمسيرة مصر، بعد أن تخلصت من حكم «مبارك» الأوتوقراطي منذ عامين على وجه التقريب. فما حدث هو أن مرسي قد أغضب العديد من غير الإسلاميين الذين دعموه بعد أن أصبح أكثر اعتماداً على دعم القاعدة الصلبة لجماعته «الإخوان المسلمون» وغيرها من الأحزاب الإسلامية. ومما فاقم من حالة الغضب أن المتشددين من معسكره يبدون عاقدي العزم على استخدام الدستور في سن قوانين صارمة تتماشى مع الشريعة الإسلامية، وهو الأمر المرجح أن يثير المزيد من الانقسامات. ومن ناحيتها تواجه المعارضة الليبرالية والعلمانية مهمة محاولة تنظيم قطاع عريض من الجمهور المصري يشعر بالغضب بسبب ما يرى أنه محاولات من قبل «الإخوان» للسيطرة على السلطة السياسية. وفي هذا السياق قالت جبهة الإنقاذ الوطني التي تمثل قوة المعارضة الرئيسية إنها ستبدأ منذ الآن الاستعداد والحشد من أجل الانتخابات البرلمانية القادمة المتوقعة في بداية العام المقبل. وقال خالد داود المتحدث باسم الجبهة: «نحن نشعر بأننا قد أصبحنا أكثر قوة الآن بعد الاستفتاء الذي أظهر أن نصف المجتمع على الأقل لا يوافق على الدستور. وسوف نبني على هذا الموقف». لكن داود أضاف قائلا: «في الوقت الراهن ليست لدينا شهية للقيام بالمزيد من الاحتجاجات في الشارع». وجولة الاستفتاء التي جرت يوم السبت الماضي شملت 17 محافظة من محافظات مصر البالغ عددها 27 محافظة، كانت هي الثانية والنهائية للاستفتاء. وعلى الرغم من أن النتائج الأولية غير الرسمية تشير إلى أن الدستور سوف ينال موافقة أكثرية تقارب 64 في المئة من مجموع المستفتين، فإن السؤال الرئيسي الذي سيتردد بعد ظهور النتيجة رسمياً سوف يكون حول نسبة من خرجوا للتصويت وهامش الفوز الذي تحقق والذي تقول المعارضة إنه لا يدل على أن هناك توافقاً عاماً على الدستور بين المصريين. ويشار إلى أن نسبة من شاركوا في الاستفتاء في الجولة الأولى لم تزد عن 32 في المئة كما لم تزد نسبة الموافقين عليه عن 56 في المئة وهي النسبة التي ارتفعت في الجولة الثانية التي شملت محافظات معروفة بتعاطفها مع الإسلاميين. ومن المتوقع إقرار الدستور بعد ظهور النتائج النهائية والمتوقع إعلانها خلال الأيام القليلة القادمة. ومن العلامات الدالة على حدوث متاعب في إدارة مرسي أن نائبه محمود مكي، وربما أيضاً محافظ البنك المركزي فاروق العقدة، قد تقدما باستقالتهما أثناء الاستفتاء على الدستور يوم السبت. وعلى الرغم من أن استقالة مكي كانت متوقعة على أساس أن الدستور الجديد قد ألغى منصب نائب الرئيس، إلا أن تقديمها المتعجل حتى قبل أن يتم اعتماد الدستور رسمياً، والبيان الذي أرفق به الاستقالة، يشيران إلى أنها ترجع في الأساس إلى سياسات مرسي. أما استقالة العقدة فتحمل في طياتها مؤشرات أكثر قتامة حيث أعلن التلفزيون الرسمي نبأ تلك الاستقالة قبل أن ينفيها مجلس الوزراء، وهو ما اعتبره المراقبون مؤشراً على مدى ارتباك الحكومة. وتشير الأنباء إلى أن العقدة حاول تقديم استقالته أكثر من مرة في الفترة الأخيرة بسبب تردي الأحوال الاقتصادية، لكن الرئاسة كانت تحاول إقناعه بالاستمرار. ومن المعروف أن الحكومة تتلهف لإظهار بعض علامات الاستقرار في الاقتصاد خصوصاً بعد أن هبطت قيمة الجنيه المصري في الفترة الأخيرة، وتم تأجيل قرض صندوق النقد الدولي الذي تحتاج إليه البلاد بصورة ماسة. وخلال الشهر الماضي استقال سبعة من كبار مستشاري مرسي كما استقالت الشخصية المسيحية الوحيدة ضمن مساعديه الكبار الأربعة. ومثلهم مثل مكي، قال هؤلاء إنه لم يتم استشارتهم أبداً بشأن أي خطوة من الخطوات التي أقدم عليها الرئيس بما في ذلك الإعلان الدستوري الذي أصدره في 22 نوفمبر والذي كان يمنحه صلاحيات شبه مطلقة. وعلى الرغم من أن مرسي أبدل ذلك الإعلان بإعلان آخر، فإن الإعلان وغيره من القرارات التي أصدرها مرسي، أثارت احتجاجات واسعة النطاق في الشوارع من قبل مئات الآلاف من المصريين في مختلف أنحاء البلاد. ومما فاقم من تلك الاحتجاجات أن الجمعية التأسيسية لوضع الدستور، والتي كانت تتكون في معظمها من الإسلاميين، قامت بالانتهاء على عجل من الدستور في جنح الظلام، وسط مقاطعة من الليبراليين والمسيحيين، ما أدى إلى ازدياد وتيرة العنف في الاحتجاجات والمظاهرات ومهاجمة مقار «الإخوان المسلمين»، وقيام «الإخوان» من جانبهم بمهاجمة المعتصمين أمام قصر الرئاسة في القاهرة، مما أدى إلى اندلاع مصادمات أسفرت عن مصرع عشرة أشخاص. وأدت الاضطرابات إلى توليد قدر كبير من الكراهية بين الجانبين لن يساعد الدستور الذي أدى إلى حالة حادة من الاستقطاب في التخفيف منها. و«الإخوان المسلمون» من جانبهم، يتهمون معارضي مرسي بأنهم من فلول النظام السابق، الذين يحاولون إسقاط رئيس منتخب ديمقراطياً والعودة مجدداً للسلطة. ولم يكتف أنصار مرسي بذلك، وإنما اتهموا معارضيه بأنهم «كفار» وأقسموا أنهم لن يقبلوا أي شيء في مصر «غير شرع الله». وقد شهدت جولتا الاستفتاء مزاعم من قبل المعارضة والجماعات الحقوقية بوقوع خروقات انتخابية. ويوم السبت قالت مصادر المعارضة إن من تلك الخروقات تأخير مواعيد فتح المراكز الانتخابية لإتاحة الفرصة لأكبر عدد من الإسلاميين الراغبين في التصويت بالموافقة، كما أشارت وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية الرسمية إلى أن قاضيين على الأقل قد منعا من مواصلة الإشراف على الاستفتاء لقيامهما بإجبار الناخبين على التصويت بـ«نعم». وحديث المعارضة الآن على استعدادها للانتخابات البرلمانية يمثل تحولا في الصراع. ويمكن القول إن المعارضة تريد من خلال ذلك الإيحاء ضمناً بقدرتها على التنافس تحت الشروط التي وضعها الإسلاميون. ويشار في هذا السياق إلى أن الآلة الانتخابية لـ«الأخوان المسلمين» قد أثبتت فعاليتها منذ سقوط مبارك في الوقت الذي عانى فيه العلمانيون من الانقسام ولم يستطيعوا تكوين شبكة تأييد شعبي. ومن المعروف كذلك أن الانتخابات البرلمانية التي أجريت الشتاء الماضي قد انتهت بحصول «الإخوان المسلمين» والسلفيين على 70 في المئة من مجموع أصوات مجلس الشعب الذي تم حله بموجب قرار من المحكمة الدستورية. وفي الوقت الحالي تراهن المعارضة على أنها قادرة على أن تؤدي بشكل أفضل في الانتخابات البرلمانية المتوقع أجراؤها بداية العام الحالي، بسبب الغضب الشعبي المتزايد. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©