الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

خبراء: الأوضاع السياسية في مصر تهدد إتمام اتفاقيات المساعدات الاقتصادية

خبراء: الأوضاع السياسية في مصر تهدد إتمام اتفاقيات المساعدات الاقتصادية
25 ديسمبر 2012
محمود عبدالعظيم (القاهرة) ـ أكد خبراء اقتصاديون أن الأوضاع السياسية في مصر تهدد إتمام اتفاقيات المساعدات الاقتصادية، وذلك بعد أن تزايدت الضغوط الدولية على الاقتصاد المصري مؤخرا بسبب الأحداث السياسية التي تمر بها البلاد. وكشفت تصريحات مؤسسات مالية دولية في مقدمتها البنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي والبنك الألماني للإنشاء والتعمير ومؤسسة المساعدات الخارجية اليابانية “الجايكا” عن طبيعة هذه الضغوط التي تمحورت حول ربط إتمام اتفاقيات المساعدات للاقتصاد المصري بحدوث الاستقرار السياسي بالبلاد والانحياز الواضح من جانب السلطة السياسية الى إتمام عملية التحول الديموقراطي ووقف انتهاكات حقوق الإنسان ودعم التعددية وإلغاء القيود على الحريات في مشروع الدستور الجديد. وتمثلت الضغوط في اعلان الاتحاد الأوروبي تجميد مشروع المساعدات الموجه الى مصر ضمن حزمة تمويل مخصصة لدول الربيع العربي في شمال أفريقيا بمبلغ 5 مليارات يورو كاستثمارات مباشرة لدعم النمو في هذه البلدان حيث اعتبر الاتحاد الأوروبي أن مصر غير مؤهلة في الوقت الراهن لتلقي مثل هذه المساعدات الأمر الذي ترتب عليه وقف التفاوض مع وزارة التخطيط والتعاون الدولي المصرية مؤقتا لحين اتضاح الموقف السياسي بالبلاد. واصدر صندوق النقد الدولي بيانا -على خلفية الأحداث السياسية الأخيرة بالبلاد واستحكام أزمة الدستور- أشار فيه الى أن قرض الصندوق مرتبط بأي تغيير في التوقعات المستقبلية للاقتصاد المصري بما يعني وجود شكوك حول إمكانية اتمام الاتفاق المبدئي مع الصندوق رغم بدء الحكومة تنفيذ سلسلة من الإجراءات الاقتصادية ضمن برنامج الإصلاح والتقشف الذي تعهدت به للمؤسسة الدولية وكان في مقدمة هذه الإجراءات زيادة أسعار الكهرباء المنزلية. وعلى صعيد المساعدات اليابانية لمصر والتي لعبت دورا محوريا في السنوات الأخيرة في انجاز عدد من المشروعات التنموية الكبرى وفي مقدمتها مشروعات مترو الأنفاق وقناطر اسنا ومشروع المتحف المصري الكبير فإن هيئة “الجايكا” أعلنت مؤخرا عن برنامجها للمساعدات المصرية خلال العام 2013 حيث قصرت هذه المساعدات على تقديم قرض لمحطة كهرباء وتم إلغاء المنح والمعونات الفنية التي كانت تصاحب هذه القروض وذلك في إطار تعديل استراتيجية العمل للمؤسسة اليابانية بالتوجه نحو الدول الأفريقية الأكثر فقرا. وتعتقد دوائر حكومية مصرية أن حزم المساعدات العربية سوف تتأثر تلقائيا بموقف المؤسسات الدولية لاسيما وأن بعض البلدان التي عرضت مساعدات على مصر ربطت هذه المساعدات بإتمام الاتفاق مع صندوق النقد الدولي ولعبت الأحداث السياسية الأخيرة بالبلاد دورا ملموسا في دفع الأطراف الدولية لتشديد ضغوطها على مصر في المجال الاقتصادي. يأتي ذلك بعد أن ترتب على حالة التخبط السياسي الحالية، تحولات اقتصادية جوهرية منها عودة التراجع في رصيد الاحتياطي النقدي لدى البنك المركزي حيث فقد هذا الاحتياطي نحو 500 مليون دولار خلال نوفمبر الماضي ليصل عند حدود 15,035 مليار دولار لا تغطي واردات أكثر من ثلاثة أشهر. إضافة إلى انهيار مؤشرات البورصة المصرية وإحجام الاستثمار الأجنبي عن المجيء للبلاد الى جانب تأثر الحركة السياحية الوافدة بصفة عامة بتداعيات هذه الأحداث الأمر الذي دفع وزارة السياحة الى اصدار تحذير قوي من إمكانية فقدان الموسم السياحي الشتوي بكامله حال استمرار المواجهات الحالية بالبلاد بعد أن سجلت معظم الشركات السياحية بالفعل إلغاء حجوزات احتفالات رأس السنة في العديد من المقاصد السياحية المصرية مما يهدد بتراجع الإيرادات السياحية خلال العام المالي الجاري بعد أن كانت السوق السياحية المصرية قد بدأت تتعافى تدريجيا. ويرى خبراء اقتصاديون أن هذه الضغوط الدولية المتزايدة تفاقم الأزمة الاقتصادية لاسيما في ضوء انحسار موارد النقد الأجنبي وأن هذه المساعدات والقروض، سوف تشكل الأداة الرئيسية لسد فجوة التمويل المقدرة بنحو 14 مليار دولار ترتفع الى 20 مليار دولار في العام المالي الجديد ـ موازنة 2013 ـ 2014 التي يجري اعداد مشروعها حاليا في وزارة المالية ـ وبالتالي فإن فقدان كل أو جزء من هذه المساعدات الخارجية سوف يعيد الاقتصاد الى دائرة الأزمة ويطيل أمدها ويجعل فرصة استعادة النمو الذي تستهدفه الحكومة عند 5? أمرا مشكوكا فيه. ويشير الخبراء الى أن المشكلة الكبرى سوف تكون في تعثر الاتفاق مع صندوق النقد الدولي لاسيما على ضوء التصريحات غير المطمئنة الصادرة عن الصندوق وكذلك إمكانية أن تمارس بقية القوى الدولية ضغوطا على الصندوق بهدف عدم اتمام الاتفاق حال تدهور الوضع السياسي بالبلاد أكثر من ذلك لاسيما مع عودة العنف وسقوط قتلى في الأيام الأخيرة إبان الاحتجاجات على مشروع الدستور الجديد. وقال الخبراء إنه في حالة عدم التوصل الى اتفاق مع صندوق النقد لأي أسباب سياسية أو اقتصادية سوف تمتنع بقية الأطراف عن تقديم مساعداتها وتجري مؤسسات التصنيف الدولية مزيدا من الخفض في مستوى الجدارة الائتمانية لمصر مما يحرمها من اللجوء الى السوق الدولية للحصول على تمويل. ويؤكد الدكتور أحمد جلال الخبير الاقتصادي السابق في البنك الدولي أن الوضع الاقتصادي أصبح محفوفا بالمخاطر وأن تزايد الاحتقان السياسي بالبلاد سوف يضاعف الأزمة الاقتصادية لأنها سوف تدفع الأطراف الدولية الى تأجيل مساعداتها لحين اتضاح الموقف ومن المهم سرعة استعادة الهدوء والحفاظ على حد معقول من الاستقرار يتيح لمختلف الأطراف حرية الحركة لاسيما وأن الوقت أصبح عنصرا ضاغطا فالاحتياطي الأجنبي لدى البنك المركزي عاود الانخفاض. وأضاف “خسرنا تقريبا المساعدات التي جاءت من قطر وتركيا خلال فترة وجيزة ومهددون بمزيد من التراجع في هذا الاحتياطي اذا استمرت التطاحن السياسي حيث إن موارد السياحة سوف تتأثر وكذلك الصادرات السلعية التي تحاول الخروج من المأزق عبر البحث عن فرص جديدة في الأسواق الدولية”. وقال إن الحكومة كانت قد بدأت تنفيذ سلسلة من الإصلاحات الهيكلية لاسيما على صعيد دعم الطاقة بهدف خفض عجز الموازنة وتدبير نحو عشرين مليار جنيه من هذا العجز مع ما يمكن أن يصاحب هذه الإجراءات من رفض شعبي خاصة وأنها بدأت برفع أسعار الكهرباء المنزلية وكان يجب إتاحة الفرصة لهذه الإجراءات أن تؤتي ثمارها ولكن ما حدث يمكن أن يصادر كافة هذه الخطوات المستقبلية، خاصة اذا تعقدت الأزمة السياسية أكثر من ذلك وظلت كل الأطراف تتمسك بمواقفها وقد رأينا كيف كان التصويت السلبي للبورصة أكبر دليل على رفض حالة التطاحن السياسي الراهنة. ويؤكد الدكتور محمد جودة رئيس اللجنة الاقتصادية في حزب الحرية والعدالة أن الاقتصاد يدفع ثمنا فادحا للأوضاع السياسية الراهنة وأن حالة النزيف في الاقتصاد مستمرة ما لم تدرك كل الأطراف مسؤوليتها، خاصة أن العالم الخارجي يترقب تطور الأوضاع في مصر وهناك أطراف قد تكون متربصة بالحالة المصرية وبالتالي فإن المطلوب هو السعي من جانب الجميع وفي مقدمتهم الحكومة لبذل المزيد من الجهد لتجنيب الاقتصاد حالة النزيف الراهنة. وأضاف أن انجاز الخطوات السياسية المرتقبة وإتمام عملية التحول الديموقراطي سوف يفتح آفاقا واسعة أمام الاقتصاد المصري، لاسيما أن هناك فرصا هائلة في هذا الاقتصاد وأن مشروع منطقة قناة السويس سوف يسهم في جذب استثمارات أجنبية هائلة للبلاد تلعب دورا كبيرا في تعزيز النمو والوصول به الى المعدلات المستهدفة والتي يجب ألا تقل عن 5? لتلبية احتياجات المجتمع.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©