الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

دراســة: النمــو يتصدر دوافـع اندمــاج الشــركات العالمية

دراســة: النمــو يتصدر دوافـع اندمــاج الشــركات العالمية
15 يوليو 2007 23:20
يعرض كتاب حديث صادر عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، بعنوان: ''الاندماج والتملك الاقتصاديان: المصارف أنموذجاً''، للمؤلف عبد الكريم جابر العيساوي، الكثير من الأفكار في موضوع الاندماج والتملك، سواء ما يتعلق منها بتعريف الاندماج والتملك، أو الأسباب التي أدت إلى نشوء هذه الظاهرة، وأنواعها ومجالاتها وفوائدها وأضرارها، وتبيان المستفيدين منها والمتضررين من نتائجها، والتباين الذي نشأ بسببها بين المدارس المختلفة خاصة بين الفكر الرأسمالي والفكر الاشتراكي اللذين يحاول كل منها بيان فوائد العملية أو سلبياتها، وقد تضمن الكتاب عدداً من الأفكار الأساسية في هذا المجال؛ من أبرزها: وجود الكثير من الأشكال التي تتخذها عمليات الاندماج والتملك؛ تبعاً للآثار والمضاعفات العملية التي يمكن أن تنجم بعد إنجاز هذه العمليات، وبشكل عام نجد أن الاندماج -قانونياً- يعني اندماج مؤسسة صغيرة بمؤسسة أكبر منها بإحدى الطرائق المعروفة، أما التملك فيعني شراء الشركة الكبرى أسهم الشركة الصغيرة، أو شراء أصول الشركة الصغيرة، ولعل أكثر الأشكال شيوعاً ذلك الذي اتسمت به الاندماجات الأولية منذ أكثر من مائة عام، وهي الاندماجات الأفقية والعمودية والمختلطة؛ ثم تطورت إلى الأشكال الأخرى بعد أن أخذت الدول والحكومات تتدخل عن طريق المراقبة أو المنع أو المساعدة، في إنجاز عمليات الاندماج والتملك· تدويل قوى الانتاج وأشار الكتاب إلى أن توسع الاتحاد الأوروبي نحو شرق أوروبا وجنوبها أعطى دافعاً قوياً؛ لإقامة التكتلات والشراكة الاقتصادية في العالم؛ وذلك استجابة بصورة مباشرة للتدويل المطرد، لقوى الإنتاج في عصر الثورة العلمية والتكنولوجية، وقد بلغت التكتلات حداً مهماً، عندما أخذت هياكل قانونية محدده بالفعل؛ كما هي الحال مع الاتحاد الأوروبي، ومجموعة أستراليا، ونيوزيلندا، والنافتا، أو تعاوناً اقتصادياً وتجارياً وثيقاً من دون الإطار القانوني؛ مثل: مجموعة دول الآسيان، وعزز صور الاندماج التجاري على الصعيد العالمي إقرار منظمة التجارة العالمية، التي حملت في جوانبها تحرير التجارة في الخدمات؛ بموجب الاتفاقية العامة لتجارة الخدمات، ويشمل قطاع الخدمات الكثير من النشاطات؛ ومنها: المصارف الخاصة بالأسهم والسندات على اختلاف أنواعها، ومن جانب آخر شجعت تجربة الاتحاد الأوروبي، بوجود العملة الموحدة، ونجاح انتشار ظاهرتي الاندماج والتملك على المستوى الإقليمي، كما جنى ثمارها أعضاء النافتا، بعد أن استفادت المكسيك من استثمارات الشركات والمصارف الأميركية داخل اقتصادها· إن هذه النتائج ستدفع المزيد من الدول إلى التوجه نحو إقامة التكتلات، والانتقال إلى مراحل عليا من مستويات الاندماج الاقتصادي، التي يبدو أنها الخيار المتاح؛ لاجتذاب المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة بصيغ صفقات من الاندماج والتملك· وقالت الدراسة: ثمة الكثير من الخصائص للشركات المتعددة الجنسيات؛ من أبرزها: اتساع نفوذها الاقتصادي، وضخامة حجمها، من حيث الأصول والقيمة المضافة التي تزيد على الكثير من النواتج المحلية الإجمالية للدول النامية، بل تزيد أحياناً على بعض النواتج المحلية لدول متقدمة؛ مثل: أسبانيا والبرتغال وأستراليا ونيوزيلندا· وفي خضم التطورات الاقتصادية العالمية بدأت الكثير من الدول النامية، تستسلم لسياسات الإصلاح الاقتصادي والاندماج مع العالم الرأسمالي؛ وحتى تستطيع هذه الدول ذلك، أصدرت قوانين تحرير الاستثمارات الأجنبية المباشرة من القيود المختلفة، ويتضح اتساع نطاق هذا التوجه في عمليات الخصخصة، التي تنامت في كل القطاعات الاقتصادية على النطاق العالمي، وتحديداً في القطاعين المالي والمصرفي؛ إثر ذلك أعلنت دول عدة خصخصـــة مصارفها وعرضها للبيع· وتعد الدول الاشتراكية سابقاً، الرائدة في هذا المجال تليها دول أميركا اللاتينية والبحر الكاريبي· وقد حدث تحول في اتجاهات الاستثمارات الأجنبية المباشرة وصيغ تدفقها، وهي التي تمر من خلال قنوات الشركات المتعددة الجنسيات إلى الدول المضيفة، والشكل الجديد لها، يتمثل بعمليات الاندماج والتملك التي تعزى إليها الزيادة النسبية والمطلقة في الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وهي تختلف عن الصيغة التقليدية لتدفق هذه الاستثمارات، التي تهدف إلى بناء مؤسسات جديدة للإنتاج، وفي ظل هذه الاستراتيجيات الجديدة للشركات المتعددة الجنسيات، تبقى فكرة تقسيم العمل الدولي قائمة بعد أن تبين أن جميع عمليات الاندماج والتملك تُركز في قطاع الخدمات؛ ومن ثم فإن الدول النامية لا تستفيد من التمويل، الذي مصدره هذه العمليات، في ضوء تصاعد ظاهرة التحويل العكسي للموارد؛ وبهذا تبقى الدول الأخيرة متخصصة في إنتاج المواد الأولية، والمواد الخام التي تخصصت تاريخياً في إنتاجها· وأوضح العيساوي أن ظاهرة الاندماج يقف وراءها الكثير من المسوغات والدوافع؛ أبرزها: النمو، وهو أحد أهم الدوافع· وهناك نوعان من النمو: الأول داخلي، وهو ذو وتيرة بطيئة وغير مؤكد النتائج، والثاني نمو من خلال الاندماج والتملك، وهو الذي يكون أكثر سرعة، على الرغم من احتمالات الإخفاق، كذلك عمليات الاندماج والتملك للمنتج التي تحقق مكاسب احتكارية، من خلال البيع بسعر أعلى من الكلفة الحدية، على حين أن المنتج في سوق المنافسة لا يحقق إلا الأرباح العادية؛ فيبيع بسعر يساوي الكلفة الحدية، ومن خلال هذه الفجوة بين السعر والكلفة الحدية، يتم قياس درجة الاحتكار التي تنتج من الاندماج، والتي تقابلها الدول الرائدة في الاندماج العالمي؛ مثل: الولايات المتحدة الأميركية، والاتحاد الأوروبي بالإجراءات القانونية؛ للحد من الآثار السلبية على المستهلك· إضافة إلى وجود جملة من الأسباب الاستراتيجية التي تقف وراء حالات الاندماج والتملك؛ في مقدمتها: زيادة القدرة التنافسية، وتقوية التناغم بين الوحدتين المندمجتين، أو استجابة للتطورات في السوق العالمية، وتلمس هذه الأسباب، في الاندماجات الناجمة التي تحصل بين الكيانات الاقتصادية الكبيرة الأحجام· وقد سجلت هذه الحالات نسبة تبلغ 75% في الولايات المتحدة الأميركية، كذلك أن اتفاقيات بازل (1) و (2) كانت من الأسباب العملية التي تقف وراء اتجاه المصارف إلى الاندماج والتملك، وأصل الفكرة في هذه الاتفاقيات، تحديد رأس المال بالنسبة إلى المصارف المختلفة، على قواعد أكثر اقتصادية، بما يتفق والإجراءات؛ لتحديد درجات المخاطرة، والعمل على تشجيع المصارف على زيادة اختصاصها؛ حتى تصل إلى الهدف النهائي، المتمثل بزيادة دور الأسواق في مجال الرقابة على المصارف، وكون العولمة المصرفية لم تعد خياراً أو بديلاً فحسب، بل أصبحت اتجاهاً إجبارياً، في ظل الالتزام بمعايير لجنة بازل؛ لذلك فإن بقاء الدول على حواجز العزلة والانغلاق على الداخل لم يعد في كثير من الأحيان في مصلحة الدول التي تطبقها· تجارب متنوعة وشهد العالم الكثير من التجارب الرائدة، في إنجاز الصفقات الضخمة، من عمليات الاندماج والتملك· وتختلف تلك التجارب بحسب الدول: التجربة الأميركية: فإن الولايات المتحدة راعية العولمة بكل أشكالها، وتمتد جذور تجربتها إلى الموجات الأولى، وتعد عمليات الاندماج والتملك من الركائز الأساسية؛ لتدعيم الموقف التنافسي للمؤسسات المالية وغير المالية الأميركية في مواجهة المنافسين من الاتحاد الأوروبي، واليابان، وتقود الاندماجات الشركات القابضة المتعددة، ذات الأصول البالغة أكثر من مليار دولار، بعد انطلاقها محلياً ودولياً، إثر إلغاء القوانين المقيدة للعمل المصرفي بين الولايات والمدن الأميركية· وتشير بعض التوقعات المستقبلية، إلى أن حصة الولايات المتحدة ستكون ثمانية مصارف من أصل عشرة على المستوى العالمي· أما التجربة الأوروبية: فإن اقتصاد الاتحاد الأوروبي، يصنف في المرتبة الثانية بعد الولايات المتحدة من حيث إنتاج الثروة، وفي المرتبة الأولى، من حيث المبادلات التجارية قبل اليابان، وتحاول الدول الأوروبية الخروج على النظم والقواعد القديمة، بعد التوحيد وانطلاق التعامل بالعملة الموحدة: اليورو، والانطلاق من سوق إقليمية موحدة تسعى إلى الوجود، عبر القارة الأوروبية، وخصوصاً في المجال المصرفي الذي يحظى بالأولوية، في ظل التنافس مع رؤوس الأموال الأميركية واليابانية· بينما التجربة اليابانية اندفعت نحو عمليات الاندماج والتملك بوصفها خياراً استراتيجياً وحيداً، بعد إقرار قواعد بازل التي تضمنت في أحد جوانبها تحقيق معدل ملاءة مقداره 8%، في حين أن المصارف اليابانية لا تملك إلا 3%؛ لذا كان أمام المصارف اليابانية؛ لتحقيق المعدل الأول إعادة الهيكلة لهذه المصارف، بعد إخفاق خيارات زيادة رأس المال، وتخفيض الأصول الخطيرة، وبالفعل أوجدت اليابان مجموعات مصرفية عملاقة، بالشكل الذي ينسجم والتوجه العالمي لظاهرتي الاندماج والتملك· كما أن التجربة العربية أدركت الدول العربية أهمية عمليات الاندماج والتملك، وخصوصاً في القطاع المصرفي، من حيث هو خط دفاعي؛ لتعزيز قدراتها التنافسية في مواجهة التكتلات المصرفية الأجنبية، وخصوصاً بعد أن وافقت على تطبيق معيار كفاية رأس المال المصرفي، وللاستعداد لاستحقاقات منظمة التجارة العالمية· ويشهد لبنان، والمملكة العربية السعودية، وسلطنة عُمان، والأردن، ومصر، وعياً متزايداً لعمليات الاندماج والتملك، والملاحظة الأساسية على هذه العلميات التي تُجرى في الدول العربية أنها تتم بين المصارف باختلاف أحجامها؛ بهدف الارتقاء بترتيبها في قائمة مصارف دولها، أما التجارب العربية عبر الحدود فما تزال محدودة جداً بالقياس إلى ما يحدث عالمياً· أسباب أشار الباحث إلى أن هناك أسبابا كثيرة تقف وراء إخفاق الكثير من عمليات الاندماج والتملك، وهي تتوزع بين الظروف التي تمت خلالها هذه العمليات، التي ربما قد تكون غير مواتية؛ لإتمام النجاح، أو عدم وجود التعاون بين الشركاء في الصفقات الاندماجية، أو يكون سوء اختيار الشريك، أو تضارب المصالح بين الشركاء أحياناً، أو ربما يقف وراء الإخفاق اختلاف الثقافات، وحرص كل طرف على أن تطغى ثقافته على الآخر· كما تركت عمليات الاندماج والتملك انعكاسات على حجم العمالة، في كل من الدول المتقدمة والنامية، وكون خسارة التوظيف في المجموعة الأولى يمكن التخفيف منها، بوساطة نقابات العمال التي تطالب بتعويض العمالة الفائضة جراء هذه العمليات، إلى درجة أن النقابات، طرحت مقترحات بشأن إشراكها بالمفاوضات التي تُجرى، قبل إتمام الصفقات الاندماجية؛ مثل حملة الأسهم· على حين أن خسارة التوظيف في المجموعة الثانية يكون من الصعوبة تعويضها؛ لأن الجهات المستحوذة أجنبية على العموم، ولديها شروط محددة، حصلت عليها عندما دخلت إلى الدول التي انتهجت برامج الخصخصة؛ وهذا الأمر سيؤدي إلى مشكلات اجتماعية عدة، وقد أكدت الدراسات التطبيقية حقيقتين، هما مفتاح تقدير انعكاس العمليات الاندماجية في القطاع المصرفي، وهما: وجود علاقة طردية بين التركيز والسعر؛ إذ إن المصارف التي تعمل في أسواق محلية، ومتركزة بشكل كبير، تدفع معدلات فائدة منخفضة على الودائع، وتفرض معدلات عالية على القروض، كذلك كون الحجم يلعب دوراً مهماً في الصناعة المصرفية الأميركية؛ إذ إن المصارف الكبيرة تتجه إلى إقراض الشركات المتوسطة والكبيرة، وتتخصص المصارف الصغيرة -على الأغلب- في إقراض المشروعات الصغيرة· مقترحات عرضت الدراسة بعض المقترحات التي يمكن الاسترشاد بها في ضوء العمليات الجارية؛ ليمكن الاستفادة منها، فيما يتعلق بالاندماج والتملك التي يكمن أن تُجرى في المنطقة العربية على وجه الخصوص، ومنها: وجوب حرص الدول النامية على القيام بالدراسات المناسبة؛ لتشخيص الانعكاسات المحتملة على اقتصاداتها، في حال قيامها بالاندماج والتملك، وعدم المبالغة في بيع المؤسسات الاقتصادية، التي تعتمد عليها الشريحة الواسعة من مواطنيها، وفي الوقت نفسه تدريب العمالة الفائضة؛ جراء عمليات الاندماج والتملك، وإيجاد فرص عمل أخرى وفق المؤهلات الجديدة، وعدم الركون إلى عمليات الاندماج والتملك؛ بوصفها مصدراً وحيداً للتمويل، بعد تقلص مصادر الإقراض المختلفة، وشروط المعونات الدولية القاسية، فلابد من البحث عن بدائل محلية؛ مثل: تطوير الصادرات التقليدية من السلع والخدمات، كذلك تفعيل التكتلات التجارية ومناطق التجارة الحرة بين الدول النامية؛ فهي تمثل خياراً ملحاً، في ظل الاندماجات الاقتصادية المتسارعة بين الدول المتقدمة، ولابد أن يعطي توسيع الاتحاد الأوروبي درساً بليغاً، على تخطي المصالح القطرية على حساب المصلحة الجماعية· والعمل على إنشاء شركات للتأمين على ودائع المصارف في الدول النامية، تتحمل المصارف والمودعون تمويل الجزء الكبير من مواردها؛ حتى لا تصبح الدولة الضامن الوحيد للأخطاء التي تقع بين المصارف والمتعاملين معها، بل يُقصر الضمان الحكومي على الحالات التي لم يكن للمصارف دخل في حدوثها؛ مثل: وقوع الأزمات المالية الكبيرة، وعلى الدول النامية - ومنها العربية - إصدار قوانين منع الاحتكار· وتطبيق أحكامها على عمليات الاندماج والتملك المصرفيين، كما يجب أن يسبق هذه العمليات إجراء تغييرات هيكلية مالية وإدارية للمصارف المرشحة للاندماج؛ حتى لا يتم دمج المصارف الضعيفة، أو التي لا تعاني اختلالات جوهرية، بالشكل الذي يضمن نجاح العمليات الاندماجية·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©