الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سي·آي· إيه ··· مسلسل التجاوزات يتواصل

سي·آي· إيه ··· مسلسل التجاوزات يتواصل
15 يوليو 2007 09:40
أفرجت وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية في الشهر الماضي عن ملف ضخم يرجع إلى عام ،1973 ويعرف باسم ''جواهر العائلة'' لما يضمه من تفاصيل حول عمليات التجسس والاغتيال، فضلاً عن مجموعة أخرى من الجرائم التي ارتكبتها الوكالة من الخمسينيات إلى غاية بداية السبعينيات· وفي هذا السياق، أعلن ''مايكل هايدن'' مدير الـ''سي·أي·إيه'' في خطاب ألقاه بحضور أعضاء جمعية مؤرخي العلاقات الخارجية الأميركية ''إن الوثائق المفرج عنها تتيح إلقاء نظرة على زمان مختلف وعلى وكالة أخرى· وأعتقد جازماً أن نظام مراقبـــة أجهزة الاستخبـــارات الذي أقيم خلال السبعينيات يوفر لـ''السي· آي· إيه'' مكانها اللائق ضمن النظام الديمقراطي، إننـــــا نعمــــل في إطار صارم من القانون والمراجعة''· بيد أن الواقع يشير إلى أن تصريحات مدير الـ''سي·آي·إيه'' بعيدة كل البعد عن الحقيقة· فالملف المُفرج عنه مؤخراً والمسمى ''جواهر العائلة'' يكشف عن صورة قاتمة للجرائم التي ارتكبت باســـم حمايـــة الأمــــن القومي، بمــــا فــــي ذلـــك تجريــــب عقاقير على الضحايـــا وغيرهــــا من الممارسات التي حذفت من الملفات·والأكثر من ذلك أن تلك الأنشطة الخارجة عن القانون كانت تتم بترخيص من الرؤساء الأميركيين مثل ''إيزينهاور'' و''كيندي'' و''جونسون'' و''نيكسون'' الذين لجأوا إلى استغلال الحرب الباردة لتبرير انتهاك القوانين والتمادي في الأنشطة الاستخباراتية· وقد ارتُكبت الجرائم عندما لم تكن هناك مراقبة برلمانية على أنشطة الوكالة، ولا مفتش عام يقوم بالتحري والتحقيق ويكشف عن التجاوزات· ورغم معارضة بعض المسؤولين الكبار في الوكالة، لا سيما المحامين، لتلك التجاوزات في ممارسة العمل الاستخباراتي، إلا أن أحداً لم يكن ينتبه لهم· والواقع أنه حتى مع التطمينات التي أكد عليها مدير الـ''سي·أي·إيه'' مايزال العديد من تلك الجرائم يحدث اليوم باسم محاربة الإرهاب وحماية الأمن القومي· والأسوأ من ذلك أن الجهات الرقابية مثل لجان الكونجرس ووزارة العدل لا تقوم بدورها في الإشراف على الوكالة وردع تجاوزاتها· وفي هذا الإطار نشير مثلاً إلى تعديل الحظر على ممارسة الاغتيالات واستثناء المشتبه بهم في الإرهاب· كما أن عمليات التنصت من دون إذن قضائي، التي تلجأ إليها الوكالة، تسمح بمراقبة المكالمات الدولية، فضلاً عن التجسس على البريد الإلكتروني للأشخاص داخل الولايات المتحدة· ومرة أخرى يتعرض النشطاء المناهضون للحرب للمراقبة من قبل أجهزة وزارة الدفاع ومصالح الشرطة، ناهيك عن التجاوزات السافرة مثل ممارسة التعذيب في معتقلات كأبوغريب وجوانتانامو، وإدارة سجون سرية في مناطق عالمية، ثم تبني ما يعرف بالترحيل الاستثنائي· وقد فتحت إدارة الرئيس بوش الباب واسعاً أمام انتهاكات وكالة الاستخبارات المركزية عندما قرر بوش في فبراير 2002 تعطيل العمل باتفاقية جنيف· ورغم معارضة العديد من المحامين التابعين للمؤسسة العسكرية لهذا القرار، فإن نظراءهم داخل الوكالة رحبوا بالإعفاءات القانونية ورخصوا بممارسة التعذيب في المعتقلات السرية·ولا بد من الإشارة هنا إلى الضغوط التي مارسها مديرا وكالة الاستخبارات المركزية ''بورتر جوس'' و''هايدن'' بعد أن انضم إليهما نائب الرئيس ''ديك تشيني'' على الكونجرس الأميركي لاستثناء الـ''سي·أي·إيه'' من قرار حظر التعذيب، وهو ما يشكل انتهاكــــاً سافراً لميثــــاق الوكالة الذي يمنع التعذيب· وفي شهر نوفمبر عام 2005 أكــــدت ''واشنطن بوست'' إشاعات عن إدارة وكالة الاستخبارات المركزية لعشرة سجون سرية في أوروبا الشرقية وجنوب شرق آسيا، حيث أثبتت منظـــمة ''هيومن رايتس ووتش'' لاحقاً وجود تلك السجون في المجر وبولندا ورومانيا· وبخصوص الترحيل الاستثنائي، الذي يعتبر نوعاً من الاختطاف الذي يطال المشتبه في ضلوعهم في أعمال إرهابية وترحيلهم إلى بلد آخر دون أمر قضائي، أو الخضوع لمحاكمة، فقد شرعت الـ''سي·أي·إيه'' في تطبيقه منذ 1993 عقب الهجمات على مركز التجارة العالمية في نيويورك· لكن الاختطافات تضاعفت بعد اعتداءات 11 سبتمبر، حيث يعتقد أن عدد المختطفين قد وصل إلى 200 شخص منذ ·2001هذه الممارســـات وغيرها تشيـــر إلى أن وكالـــة الاستخبارات المركزية، قد فقــــدت بوصلتها الأخلاقيــــة· والأكثر من ذلك أنه في بلد ديمقراطي تُستمد فيه القوانين من مفاهيم شاملة حول الصواب والخطأ وتحاط بالحماية الضرورية وضمانـــات التنفيذ، فإنه ليس من مصلحـــة الدولة انتهــــاك تلـــك القوانين سواء في الداخل، أو الخارج·     زميل بارز بـ مركز السياسة الدولية  ومحلل سابق في وكالة الاستخبارات الأميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة  لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©