السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الديون العالمية تنذر باندلاع أزمة مالية جديدة

الديون العالمية تنذر باندلاع أزمة مالية جديدة
18 فبراير 2018 22:04
حسونة الطيب (أبوظبي) ارتفع الدين العالمي إلى مستوى قياسي خلال الربع الثالث من 2017 ليناهز 233 تريليون دولار، بزيادة 16 تريليون دولار عن نهاية 2016، ليبلغ حجم الدين العالمي ثلاثة أضعاف حجم الاقتصاد العالمي، حسبما ذكر معهد التمويل الدولي. ويذهب القدر الأكبر من هذه الديون للشركات غير المالية بنحو 68 تريليون دولار، تليها الحكومات بدين قدره 63 تريليون، ثم المؤسسات المالية التي استحوذت على 58 تريليوناً، والأسر بنحو 44 تريليون دولار. والمفارقة هنا، في أن نمو الدين العالمي، يعني نمو الثروة العالمية أيضاً. وتكمن وظيفة الدين الاقتصادية، في السماح للجهات الاقتصادية بإنفاق مزيد من المال بما يتجاوز دخولها. وتقترض الأسر والمؤسسات، لتوفير المال لاستهلاك الأسر، أو لاستثمارات المؤسسات. وربما تكون الفكرة صائبة، إذا كان دخل هذه الأسر والمؤسسات محدوداً مؤقتاً، وأن زيادة الإنفاق تساعدها على تعضيد مواقفها المالية. لكن تكمن المشكلة في ما إذا كان الدين مفرطاً، بحيث لا يكون ممكناً خدمة الدفع المبرمج أو الفائدة، ما ينذر بمخاطر إفلاس المدين وفقدان ثروة مفاجئ للدائن. وتكون كذلك مشكلة، عندما لا يستثمر المدين الأموال بطريقة مناسبة. أما فيما يتعلق بالحكومات، التي عادة ما تقترض لسد عجز الميزانية أو لتمويل مشاريع مهمة، فيمكنها جمع الأموال عن طريق الضرائب، ما يجعها قادرة على التحكم في مصادر دخلها. كما تقترض الحكومات بالعملات التي تقوم هي بإصدارها، لتؤكد للجهات التي توفر لها الدين، أن ديونها سيتم تسديدها من خلال إصدار أوراق مالية جديدة. وبما أن الحكومات ليس لديها دورة حياة ثابتة، يمكنها، على العكس من الأفراد، تدوير الدين لأجل غير مسمى. وكل ذلك، يساعد الحكومات على الاقتراض بشروط لا تتوفر للأفراد أو الشركات. كما يمكن للحكومات، الإفراط في الاقتراض والدخول في أزمات التمويل، مثلما في الدول النامية، التي تهيمن عليها إدارات ممعنة في الفساد والفوضى المالية. وخير مثال لذلك، النموذج اليوناني في 2010، إلا أنه من الضروري إدراك أن الحكومة اليونانية لم تقترض بعملة تقوم هي بإصدارها وهي اليورو. وتلعب الحكومات أيضاً، دوراً في استقرار الاقتصاد الكلي أوقات الركود. وعندما تفشل الحكومات في زيادة معدلات الاقتراض والإنفاق، ربما يكون ذلك مدمراً للحكومة نفسها وللاقتصاد بشكل عام. ويدور جدل كبير في أن البنوك الكبيرة بالدول المتقدمة، لا تزال تمول خزائنها بديون ضخمة، بدلاً من الاعتماد على رأسمال الأسهم، ما يهدد بتكرار مخاطر أزمة الدين العالمية في 2008. وأكد معهد التمويل الدولي أنه ورغم بلوغ الدين مستويات قياسية بالقيمة الاسمية، فإن حصة الدين العالمي بالنسبة للناتج المحلي الإجمالي، ماضية في التراجع للفصل الرابع على التوالي. كما يسهم ارتفاع الدخول بسرعة أكثر من الدين، في تسهيل خدمة أعباء الاقتراض حتى في حالة ارتفاع أسعار الفائدة. ويُولي العديد من خبراء الاقتصاد، اهتماماً خاصاً بوضع الصين التي قاربت ديونها 5 تريليونات دولار، حيث بلغ دين الشركات من البنوك أرقاماً قياسية منذ الأزمة المالية العالمية. كما يشكك العديد من هؤلاء في أن هذه الديون تم إهدارها، ما ينذر باندلاع أزمة عدم استقرار مالي لثاني أكبر اقتصاد في العالم. كما يراقب بنك بريطانيا المركزي، عن كثب، قروض بطاقات الائتمان والسيارات، تخوفاً من تعرض العديد من الأسر لأزمات مالية في حالة وقوع أزمة مالية جديدة. وفشلت أميركا، التي تحل في المرتبة الأولى عالمياً من حيث حجم الدين، في تحقيق فائض في ميزانيتها منذ عام 2001، عندما لم يتجاوز الدين الاتحادي سوى 6.9 تريليون دولار فقط (54% من الناتج المحلي الإجمالي)، إلا أنه ارتفع إلى 20 تريليون دولار نهاية السنة الماضية (107% من الناتج المحلي الإجمالي)، ما يساوي 31.8% من الدين السيادي الاسمي العالمي. وفي حين تحل اليابان بدين قدره 11.8 تريليون دولار، في المرتبة الثانية، فإنها الأولى من حيث نسبة الدين للناتج المحلي الإجمالي تليها اليونان. ومن المتوقع، بلوغ دين الحكومة اليونانية، 275% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2060. وتشكل أميركا واليابان والصين وإيطاليا وفرنسا، 66% من نسبة دين الحكومات العالمي بإجمالي 41.6 تريليون دولار. أما البرازيل، فإنها تنفق البلاد أكثر من أي دولة أخرى في العالم في مدفوعات فائدة الدين كنسبة من العائدات. وأنفقت الحكومة البرازيلية في 2015، وفقا لأحدث البيانات المتوفرة، 42.1% من عائداتها على فوائد الدين، مقارنة مع 28.8% في السنة التي سبقتها. وتلي البرازيل، إسبانيا وآيسلندا، بنحو 15.6% و13.5% من إجمالي عائداتها الحكومية على التوالي. وارتفعت الديون، كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي، في 34 دولة حول العالم، من إجمالي 43 دولة في الفترة من 2006 إلى 2016. وفي دول مجموعة السبع، زاد الدين كحصة من الناتج المحلي الإجمالي في الفترة بين 2008 إلى 2011، بمتوسط قدره 22.2%. ومن بين هذه الدول، كانت ألمانيا في 2016، الوحيدة التي نجحت في إعادة نسبة الدين من الناتج المحلي الإجمالي، لمستويات ما قبل الركود. وخلال الفترة من 2006 إلى 2016، ارتفع الدين كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي بأكثر من 50% في 6 دول، وذلك في اليونان بنحو 77.8% والبرتغال 68.7%، تليها إسبانيا 60.4%، ثم اليابان 54.9%، وسلوفينيا 52.9%، وأخيراً أيرلندا 52.8%. وعموماً، زاد نمو الدين كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي خلال هذه الفترة بنسبة 16.2%. وفي المقابل، نجحت دول في خفض مستويات الدين في الفترة نفسها، بينها، النرويج بنحو -19.1% وتركيا -15.6% والسعودية بنحو -13.5% وإندونيسيا بنسبة -8%. وفقاً لبعض النظريات، ربما ليس لدى حكومات الدول النامية خيار لتسديد ديون البنوك الغربية، غير رفع أسعار السلع. وتجد الدول النامية صعوبة بالغة في تسديد الديون التي اقترضتها من البنوك، بعد تلاشي أمل استغلال هذه الأموال في سلع تدر عليها أرباحاً مغرية. وبإهدار الأموال المقترضة نتيجة لفساد إدارات هذه الدول، ليس من المتوقع سوى أزمة دين أخرى وشيكة. وحسب «حملة اليوبيل للدين» المنظمة التي تُعنى بالسعي لشطب ديون الدول النامية، عاشت 28 دولة ضائقة دين أو أوشكت على ذلك عند نهاية السنة الماضية، من واقع 22 دولة في نهاية 2016 و15 في 2013. أما الدول المُصنفة بأقل مخاطر، فتراجع عددها من 24 دولة في 2011، إلى 11 فقط حاليا. ومع أن هذه الأزمة لم تتبلور تماماً حتى الآن، لكنها ربما تنفجر بسهولة في أي لحظة. وبعد أن انقضت قفزة السلع، اتسمت وتيرة نمو الصين بالبطء، وأصبحت تكلفة خدمة القروض بالعملة الصعبة أكثر تكلفة، حيث ارتفعت أسعار الفائدة في الدول الغنية. ولإبعاد شبح عودة ما حدث إبان أزمة الدين في بداية ثمانينيات القرن الماضي، عندما تحولت الفوائد الكبيرة التي جنتها الدول المنتجة للنفط، إلى قروض مقدمة لدول أميركا اللاتينية، من الضروري اتخاذ الخطوات اللازمة للحيلولة دون تكرارها الآن. وعلى المستوى العالمي، هناك حاجة لمزيد من الرقابة على الدول المعرضة لزيادة مستويات الدين، مع الأخذ في الاعتبار أن معظم الدين الحالي يعود للقطاع الخاص الذي سيؤول في النهاية تلقائياً لدين حكومي. وظلت إحدى الحملات تطالب لسنوات، بنظام للإفلاس يعامل الحكومات بمثابة الشركات، الفكرة التي عارضتها بشدة دول مثل، أميركا وبريطانيا، حيث تجني قطاعاتها المالية أموالاً طائلة من الديون المتعثرة. وليس على الدول الغنية، دعم نظام إفلاس الديون السيادية فحسب، بل تضمين كل الديون الجديدة بنوداً توفر حماية من الصناديق الجشعة والشركات التي تسعى للحصول على الأرباح من ديون اشترتها بأسعار أقل. وفي غضون ذلك، ينبغي على الدول النامية، بذل المزيد من الجهود لمحاربة الفساد، الأمر الذي ينطبق على البنوك أيضاً. ومن بين الأفكار المطروحة، «ميثاق الإقراض الشفاف»، الذي تكشف بموجبه البنوك لعامة الناس، كل التفاصيل المتعلقة بالقروض. وواحد من الآثار التي يمكن أن تنجم عن العبء الضخم لهذا الدين، عزوف البنوك المركزية عن تشديد شروط الإقراض. وربما تحد مستويات الدين العالية، من وتيرة ونطاق سياسة التشديد، مع تقدم البنوك المركزية بحذر في محاولة منها لدعم النمو. وفي الوقت الذي حذر فيه الرئيس الأميركي دونالد ترامب، من أن اقتصاد بلاده ربما يكون مُقدماً على ركود أكثر حدة، حذر عدد من الخبراء والمراقبين، من إقبال العالم على أزمة مالية ربما تكون أسوأ من تلك التي حدثت في 2008. ووفقاً للعديد من المؤشرات الاقتصادية، بدأت أزمة الاقتصاد العالمي منذ نهاية السنة الماضية. وبنظرة عابرة، ربما تبدو كأزمة عادية في دورة أعمال مكتملة الأركان، إلا أن العديد من المخاطر، تلقي بظلالها على الاقتصاد العالمي والتي لها المقدرة على تحويل الأزمة إلى أزمة مالية أكثر حدة من الكساد الكبير. وعلى الرغم من عدم معرفة الكثير من الناس، فإن أزمة 2007 -2008، كانت متوقعة نتيجة مؤشرات سوق المال التي كانت تؤكد حدوث شيء مخالف للعادة. لكن المشكلة الأكبر في الحالة الراهنة، إخفاء البنوك المركزية لعدد من مؤشرات السوق من خلال إطلاق سياسات مالية غير عادية، مثل سياسة التيسير الكمي.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©