السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

برنامج بيونج يانج النووي ومخاطر تسييس حقوق الإنسان

برنامج بيونج يانج النووي ومخاطر تسييس حقوق الإنسان
14 يوليو 2007 01:51
قبل أسبوعين غادر مساعد وزيرة الخارجية الأميركية ''كريستوفر هيل''، الذي يقود المحادثات السداسية تحت إشراف الولايات المتحدة، إلى بيونج يونج لعقد اجتماع مفاجئ وسري مع المسؤولين في كوريا الشمالية· لكن حتى باقترابنا إلى حل يكسر الجمود الذي يخيم على الملف النووي الكوري الشمالي وتطلعات بيونج يانج لتطوير ترسانتها، ستظل مشكلة حقوق الإنسان بكوريا الشمالية ماثلة أمامنا دون حل، بينما العالم يتفرج على مشاهد المجاعة وغياب الحريات السياسة والدينية، فضلاً عن الاعتقالات الجماعية، والإعدامات، والفظائع الأخرى التي مازالت تمارس في كوريا الشمالية· وإذا كان نقص المعلومات الوافية حول المشكلات المرتبطة بحقوق الإنسان هي إحدى العوائق، إلا أن التحدي الأكبر يكمن في الطبيعة المتشعبة والمعقدة للمشاكل وتعدد الفاعلين في مجال حقوق الإنسان، بالإضافة إلى تضارب الأهداف والأجندات السياسية· فهناك العديد من الحكومات والمنظمات غير الحكومية التي تريد المشاركة في قضية حقوق الإنسان بكوريا الشمالية والإدلاء بدلوها، لكن يعوزها الاتفاق على أهداف موحدة، أو الوسائل الكفيلة بتحقيقها· ففي عام 2002 أدرج الرئيس بوش النظام في بيونج يونج ضمن خانة ''محور الشر''، وفي عام 2004 صادق الكونجرس على قانون حقوق الإنسان في كوريا الشمالية، كما أرسلت وزارة الخارجية أول مبعوث خاص حول الموضوع، ''جاي ليفكويتز''، الذي عُين رسمياً في ·2005 ومع ذلك ظلت حلقة الوعي والنقاش محدودة للغاية بعدما انتهت الدعوات السياسية والدينية التي أطلقها ''المحافظون'' للتصدي للانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان إلى نتائج هزيلة· والواقع أن عدم الفعالية التي ميزت المقاربة الأميركية إزاء حقوق الإنسان في كوريا الشمالية ناجمة عن وجود أهداف أخرى عدا تحسين حياة السكان في ذلك البلد· فقد ولدت القوانين الأميركية، سواء قانون 2004 أو القانون الأكثر تشدداً الصادر عام ،2003 فضلاً عن موقف إدارة الرئيس بوش المناوئ لكوريا الشمالية، شعوراً لدى المراقبين بأن الهدف الحقيقي هو تغيير النظام في كوريا الشمالية· والأكثر من ذلك أن بعض أعضاء الكونجرس الأميركي لم يتعاموا مع مسألة حقوق الإنسان كغاية في حد ذاتها، بل اعتبروها مطية للنيل من الصين ومهاجمتها· ورغم أن الصين تبنت الاتفاقية الأممية حول حقوق اللاجئين والبروتوكول الملحق بها، فإنها لم تتقيد به على النحو المطلوب، وراحت ترحل اللاجئين الكوريين من أراضيها بين الحين والآخر، معرضة حياتهم لخطر الاعتقال والإعدام· وإذا كانت الانتقادات التي توجه إلى الصين من قبل الكونجرس الأميركي مفهومة في ظل انتهاكها لالتزاماتها إزاء اللاجئين، فإن استهداف الصين بانتقادات لاذعة يبعث برسائل متضاربة إلى بكين في الوقت الذي يعتبر فيه تعاونها ضرورياً للتخفيف من معاناة اللاجئين الكوريين المتواجدين على أراضيها· لذا لم يكن أمام النائب ''الجمهوري'' المعتدل في الكونجرس''جيمس ليتش'' من ولاية ''أيوا'' سوى تحذير زملائه في المجلس من مغبة تنفيذ تهديداتهم بمقاطعة الألعاب الأولمبية التي ستعقدها بكين في 2008 على خلفية انتهاكاتها لحقوق الإنسان، قائلاً ''سيكون خطأ جسيماً الهجوم على الألعاب الأولمبية في الصين، مذكراً زملاءه بضرورة إقامة توازن بين قضية حقوق الإنسان ''والقضايا الأخرى ذات التأثير العميق على الأمن القومي للولايات المتحدة''· هذا التوتر في العلاقات بين الأطراف المختلفة المعنية بمسألة حقوق الإنسان يكمن أساساً في ذلك الربط، الذي يصر عليه ''المحافظون'' في الولايات المتحدة إلى جانب اليابان وكوريا الشمالية بين حقوق الإنسان من جهة، وإحراز تقدم على مسار المحادثات السداسية من جهة أخرى· لكن بالنظر إلى الحسابات الخاصة للأطراف المشاركة في المباحثات السداسية والمعايير السياسية لدى كل دولة على حدة، فإنه من غير المرجح تحسن حقوق الإنسان في كوريا الشمالية· فالصين وروسيا تواجهان مشاكلهما الخاصة في مجال حقوق الإنسان ولا يعنيهما اتباع الأجندة الأميركية، كما أن كوريا الجنوبية، حاولت قدر المستطاع تغييب الإشارة إلى حقوق الإنسان لإذابة الجليد في علاقاتها مع جارتها الشمالية· وهكذا تبقى اليابان البلد الوحيد المستعد لدعم الولايات المتحدة، ومع ذلك يظل موقفها سيئاً وفاقداً للمصداقية بالنظر إلى عجزها عن مواجهة انتهاكاتها الخاصة إبان الحرب العالمية الثانية· كما أن أجندتها الخاصة بحقوق الإنسان التي تخاطب بها كوريا الشمالية هي ضيقة للغاية، ولا تتسع لباقي الانتهاكــــات التي تركز عليهـــــا واشنطن· فبانصراف اليابان إلى التركيز على قضية المخطوفين لدى كوريا الشمالية، والإصرار على ضرورة الحصول على معلومات حول مصيرهم، يبدو أنها تتعامل مع مسألة حقوق الإنسان من منطلق نفعي ينظر إلى المصالح الذاتية بالدرجة الأولى· ولعل هذا الموقف ما دفع منظمة ''هيومان رايتس ووتش'' إلى انتقاد اليابان في بيان لاذع جاء فيه ''إن المسؤولين اليابانيين نادراً ما يشيرون إلى الانتهاكات الجسيمة والمتكررة لحقوق الإنسان التي يتعرض لها 23 مليون مواطن في كوريا الشمالية· هذا الصمت الصارخ يدل على أن السياسيين اليابانيين فقط يلعبون على المشاعر المناوئة لكوريا الشمالية في بلادهم، لكنهم لا يقومون بشيء لمساعدة ضحايا الانتهاكات''· وفي ظل المدة القصيرة المتبقية لإدارة بوش فإنه يتعين على من يدافعون حقاً عن حقوق الإنسان في كوريا الشمالية ويحرصون على التخفيف من معانـــاة الشعب هناك أن يضعوا صوب أعينهم هذا الهدف دون غيره، وأن يكفوا عن الزج بقضية حقوق الإنسان ضمن اعتبارات سياسية تضر المواطنين في كوريـــا الشماليـــة أكثر مما تنفعهم· أستاذة العلوم السياسية في جامعة ويلسلي بأميركا ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©